المساجد والشباب وفتاوى الفضائيات
المسجد هو النور الذي يضيء القلوب لينشر سماحة الإسلام بالحكمة والموعظة والوسطية بعيداً عن التطرف والغلو وإنكار الآخر. ، فهل آن الأوان لاستغلال المساجد والمنابر للتوجيه والوعظ والإرشاد ، وعدم الاكتفاء بكون المساجد دور للعبادة فقط لا تستخدم إلا لإقامة الصلوات في أوقاتها؟
الرد على هذا التساؤل يحتمل جدليات كثيرة خصوصا بعد أن أصبحت الكثير من المساجد التي أنفق على بنائها وتأثيثها وزخرفتها مئات الملايين والمتواجدة في كافة الدول الإسلامية مكانا مهجورا إلا من القليل ممن حباهم الله بهديه ، فيما يكتفي بعض الأئمة بدوره الخطابي وإقامة الصلوات وربما بعض الوعظ الأسبوعي ، وكأنه أدة مهمته على أكمل وجه.
نفور الشباب من المساجد ليس تعبيرا عن شيء سوى عن ضعف القائمين عليها، فكيف يقبل شاب على مسجد كل اهتمام إمامه هو إقامة الصلوات الخمس فقط في موعدها، ليهرع بعدها تاركا المسجد لأي شخص يريد اعتلاء المنبر أو تصدر الدرس الدعوي أو غيرها من الذلات التي يقع فيها القائمين على المساجد في بلاد المسلمين.
وكيف يثق الشاب في فتوى تصدر عن شخص غير مسئول أو مكلف بالمسجد ، تناقضها فتوى أخرى لشخص آخر في نفس المسجد في يوم تالي أو سابق للفتوى القديمة ،كما يحدث في مساجدنا هذه الأيام .
لماذا اقتصر اهتمام الإمام بالمسجد على دوره الوظيفي كمؤذن يومي وخطيب للجمعة فقط، وهل تتدخل العوامل المادية في الأمر، وما دور وزارة الأوقاف في الأمر، وكيف ننجو بشبابنا من هذا الكم المتناقض من فتاوى المساجد التي يتغيب أئمتها عن عمد أو غير عمد لتصدير آخرين غير مؤهلين للفتوى، وكيف يثق عوام الناس في شخص يفتيهم بوجوب فعل مالا يقوم به هو نفسه ؟.
قديما في المسجد كانت تعد الخطط والدراسات والبرامج والمحاضرات لتسيير شؤون البلاد وإعداد وتنشئة وتربية الأجيال وغرس روح الفضيلة والخلق والسلوك الحسن وصقل مهارات الأجيال ورفد المجتمعات بكوادر بشرية مؤهلة تربت على الفضيلة وعشق الأوطان وتحصين المجتمعات ضد الرذيلة والممارسات السلبية التي تتنافى وعقيدتهم الدينية وتربيتهم الوطنية وموروثهم الاجتماعي بعيداً عن تشويه صورة الإسلام الحقيقية التي تدعو إلى المحبة والمودة والتآخي والتسامح واحترام الرأي ومحاورة الآخر بالتي هي أحسن امتثالا للتوجيه الرباني لسيد البشر محمد صلوات الله وسلامه عليه "وجادلهم بالتي هي أحسن" صدق الله العظيم وما بعث محمداً صلوات الله وسلامه عليه إلا رحمة للعالمين.
أما اليوم ، فالخطب الحنجورية والدعوات الممقوتة هي السائدة ببعض المساجد، في توقيت أضحى المجتمع فيه لا يحتمل أي من تلك الإثارات أو التهديدات .
فهل يستعيد إمام المسجد دوره الدعوي المنطلق من فهمه الصحيح للإسلام الوسطي ، ليعيد للمسجد مكانته العلمية والدينية والدعوية والمجتمعية كما كانت .. أم نترك شبابنا لفتاوى الفضائيات ؟
التعليقات