"صانكي يدم" .. قصة مسجد "وكأنني أكلت" بتركيا
هو من أعظم المساجد الأثرية في تركيا وأغربها في آن واحد ، وجاءت قصة الاسم الغريب " وكأنني أكلت" أو بالتركية " صانكي يدم" فيما يمكن وصفه بالحكمة الاقتصادية عن صاحب بناء هذا المسجد
وفقا لكتب التاريخ فقد كان يعيش في منطقة فاتح بتركيا شخص ورع اسمه "خير الدين كججي أفندي"، وكان عندما يتجول بالأسواق والشوارع ويشتهي نوعا من الطعام أو الفاكهة أو اللحوم أو الحلوى، يقول في نفسه :
"صانكي يدم" .. "كأنني أكلت" ثم يضع ثمن ذلك في صندوق صغير له.
وعلى الرغم من علم الجميع بطيبته وورعه ، إلا أن مواطني وسكان منطقة فاتح كانوا ينظرون لـ " خير الدين" نظرة ريبة معتبرينه بخيلا يجمع الأموال ويمنع نفسه من التلذذ بها لبخله.
ومضت الأشهر والسنوات ، وهو يكف نفسه عن كل ما تشتهيه الأنفس ، ويكتفي بما يقيم أوده فقط ، وكانت النقود تزداد في صندوقه شيئا فشيئا ، ثم فوجئ الجميع به يعلن عن نيته القيام ببناء مسجد صغير في محلته بما جمعه من أموال، ولما كان أهل البلدة يريدون أن يكفروا عن سوء ظنهم به ساعدوه جميعا في بناءه، عام وراء عام حتى أضحى المسجد من أهم وأكثر المساجد التركية جذبا للمصلين وأطلقوا عليه مسجد "صانكي يدم" .. و"كأنني أكلت" تخليدا لموقف رائع من شخص تقي .
ويحمل مسجد “كأني أكلت حكمة وفلسفة؛ حيث يقول "عبد الصمد آيدن" -نائب مفتي منطقة الفاتح في إسطنبول-: "إن الحكمة من مسجد "كأني أكلت" هي الحث على التوفير الممكن وعدم التبذير والاقتراض والاقتصاد قدر المستطاع بكل المواد، خاصة أننا نعيش في مجتمعات استهلاكية كبيرة، وهذا المسجد يمثل درسًا ممتازًا لكل إنسان، الرجل في إدارة أعماله والمرأة في منزلها وحتى الشباب والأطفال".
وأصبحت عبارة “كأني أكلت” سلاحًا في يد الأمهات القلقات على أولادهن المبذرين من سكان منطقة الفاتح، .. ويقول أحد المصلين أمام مسجد كأني أكلت: “إن الذي قام ببناء المسجد كان عارفًا وحكيمًا عبقريا، وعلينا الاتعاظ به.
وحول حكمة مسجد “كأني أكلت” يقول أحد المصلين: "هو أمر في غاية الصعوبة مع وجود كل مغريات الحياة اليومية، لكن التلذذ بالأطعمة وإسكات الجوع وجهان لعملة واحدة، وهي الشبع، والأمر بحاجة إلى عزيمة قوية وبرنامج منظم، ثم ننعم بالنتائج الرائعة، الصحية والمادية وغيرها".
وفي النهاية .. ترى كم من المال سنجمع للفقراء والمحتاجين خلال هذا الشهر الكريم، وكم من المشاريع الإسلامية سنشيد في مجتمعنا وفي العالم وكم من فقير سنسد جوعه وحاجته، قبل التلذذ بما يزيد عن حاجتنا، وكم من القصور سنشيد في منازلنا في الجنة، وكم من الحسنات سنجمع لو أننا اتبعنا منهج ذلك الفقير الورع وقلنا كلما دعتنا أنفسنا لشهوة زائدة على حاجتنا "كأنني أكلت" .
التعليقات