يجوز الجمع بين المغرب والعشاء عند نزول المطر في مذهب جمهور العلماء رحمهم الله . جاء في الموسوعة الفقهية (15/290 - 291) : " ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى جواز الجمع بين المغرب والعشاء بسبب المطر المبلل للثياب والثلج والبرد ؛ لما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا ) ، وزاد مسلم : (من غير خوف ولا سفر ) ، قال كل من الإمام مالك والشافعي رحمهما الله : أرى ذلك بعذر المطر ، ولأنه ثبت أن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم كانا يجمعان بسبب المطر " انتهى .
اختلف العلماء رحمهم الله : متى يجوز الجمع بين العشاءين عند نزول المطر ، على قولين :
القول الأول : يجوز الجمع مطلقاً سواء وُجدت المشقة ، أم لم تُوجد ، وسواء كان ذلك في المسجد أم في البيت ، وهو المذهب عند الحنابلة .
قال المرداوي رحمه الله : " قوله ( وهل يجوز "أي : الجمع" لمن يصلي في بيته , أو في مسجدٍ طريقه تحت ساباط ) ؟ ( على وجهين ) ...... , أحدهما : يجوز ، وهو المذهب " انتهى من "الإنصاف" (2/340) . والساباط هو : السقف .
وقال البهوتي رحمه الله : " فيباح الجمع مع هذه الأعذار ( حتى لمن يصلي في بيته , أو ) يصلي ( في مسجد طريقه تحت ساباط ولمقيم في المسجد ونحوه ) ، كمن بينه وبين المسجد خطوات يسيرة ، ( ولو لم ينله إلا يسير ) ؛ لأن الرخصة العامة يستوي فيها وجود المشقة وعدمها كالسفر " انتهى من "كشاف القناع" (2/8) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (15/292) : "والأرجح عند الحنابلة : أن الرخصة عامة ، فلا فرق بين من يصلي جماعة في مسجد ، وبين غيره ممن يصلي في غير مسجد أو منفردا ; لأنه قد روي : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المطر وليس بين حجرته والمسجد شيء ) ، ولأن العذر إذا وجد استوى فيه وجود المشقة وغيره " انتهى .
القول الثاني : لا يجوز الجمع بين الصلاتين ، إلا عند وجود المشقة والأذى ، وهو المذهب عند الشافعية .
قال الإمام الشافعي رحمه الله : " وَيَجْمَعُ مِنْ قَلِيلِ الْمَطَرِ وَكَثِيرِهِ ، وَلَا يَجْمَعُ إلَّا مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إلَى مَسْجِدٍ يَجْمَعُ فِيهِ , قَرُبَ الْمَسْجِدُ , أَوْ كَثُرَ أَهْلُهُ , أَوْ قَلُّوا , أَوْ بَعُدُوا ، وَلَا يَجْمَعُ أَحَدٌ فِي بَيْتِهِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَالْمُصَلِّي فِي بَيْتِهِ مُخَالِفُ الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ " انتهى من "الأم" (1/95) .
وقال الشربيني رحمه الله : " والأظهر - وفي الروضة : الأصح - تخصيص الرخصة بالمصلي جماعة ، بِمُصّلَّى ، بمسجد أو غيره ، بعيد عن باب داره عرفا ، بحيث يتأذى بالمطر في طريقه إليه ، نظرا إلى المشقة وعدمها , بخلاف من يصلي ببيته منفردا أو جماعة ، أو يمشي إلى المصلى في كنٍّ ، أو كان المصلى قريبا : فلا يجمع ؛ لانتفاء التأذي " انتهى من "مغني المحتاج" (1/535) .
التعليقات