إذا صلّى الرجل في بيته أو في سفر ثم حضر المسجد ووجد الجماعة يصلون ، صلّى معهم ، وتكون له نافلة ، لما روى الترمذي (219) والنسائي (858) عن يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْعَامِرِيُّ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لرجلين لم يصليا معه ، لأنهما كانا صليا في رحالهما : ( إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ ) . والحديث صححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
ومعنى النافلة هنا : أنه قد أدى صلاته الأولى ، وسقط فرضه بها ، وصلاته الأخرى التي يصليها تطوع زائد عما فرض عليه ، وزيادة فضيلة عما أدركه بأداء فرضه .
وحينئذ ؛ فالمشروع له أن يصلي بصلاة الإمام ، سواء كان يصلي ركعتين أو ثلاثا أو أربعا ، على حسب الصلاة التي يصليها ؛ لعموم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة مع الجماعة ، ولم يخص في ذلك صلاة دون صلاة .
ويشهد لذلك ما رواه أحمد (11408) ، وابن حبان (2399) وصححه الألباني عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : " أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ؟ ) ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَصَلَّى مَعَهُ ".
ولأن معاذا رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع على قومه فيصلي بهم تلك الصلاة - كما في الصحيحين ، وفي رواية لابن أبي شيبة (3625) أنها المغرب ، ولفظها : ( أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ ؟ أَلاَّ يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ فِي الْمَغْرِبِ بِـ : سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ).
فدل حديث معاذ على مشروعية صلاة المغرب ، نفلا ، لمن كان قد صلاها قبل ذلك ؛ لأن معاذا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الفرض ، ثم يؤمُّ قومَه متنفّلاً .
وبهذا تعلم - أخانا الكريم - أنه لا يشرع لك الانفصال عن الإمام في الثانية ، بل تتم صلاتك وتسلّم معه .
التعليقات