حكم توزيع الطيب على المصلين أثناء جلوس الخطيب على المنبر
الواجب على من حضر الجمعة أن يستمع وينصت للخطبة ، ولا يجوز أن يتشاغل عنها بشيء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ ) رواه البخاري (934) ومسلم (851) .وقوله : (وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا) رواه مسلم (857) .
قال النووي في "شرح مسلم":
"فِيهِ النَّهْي عَنْ مَسِّ الْحَصَى وَغَيْره مِنْ أَنْوَاع الْعَبَث فِي حَالَة الْخُطْبَة , وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى إِقْبَال الْقَلْب وَالْجَوَارِح عَلَى الْخُطْبَة , وَالْمُرَاد بِاللَّغْوِ هُنَا الْبَاطِل الْمَذْمُوم الْمَرْدُود" انتهى.
وتوزيع العطر على المصلين وقت الخطبة يشغلهم عن الاستماع لها ، فيشبه مس الحصى المذكور في الحديث .
وتحريم الكلام والعبث يوم الجمعة إنما هو إذا بدأ الخطيب في الخطبة حتى ينتهي منها.
أما عند الأذان وجلوس الإمام على المنبر فلا يحرم الكلام ، وذلك لمفهوم الحديث المتقدم : (إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ). فهو واضح أن تحريم الكلام إنما هو والإمام يخطب .
ولأن الناس كانوا في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا خرج عمر , وجلس على المنبر , وأذن المؤذنون , جلسوا يتحدثون , حتى إذا سكت المؤذنون , وقام عمر سكتوا , فلم يتكلم أحد . وبهذا قال الإمام أحمد ومالك والشافعي رحمه الله .
وانظر : "المغني" (2/86).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : متى يمتنع الإنسان في صلاة الجمعة عن مس الحصى والتسوك هل هو من صعود الإمام على المنبر أم من بداية الخطبة ؟ لأني أشاهد كثيرا من الناس لا يتوقفون عن التسوك إلا بعد أن يبدأ الإمام في الخطبة ، وبعضهم يستاك أثناء الخطبة؟
فأجاب : "السنة الإنصات إلى الخطبة وترك التسوك وسائر العبث من حين الشروع فيها إلى أن يفرغ منها ، عملا بالأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك .
لكن من دخل المسجد والإمام يخطب فإنه يصلي تحية المسجد قبل أن يجلس .
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ) " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (12/336).
وعليه ، فلا حرج من توزيع العطر على المصلين قبل شروع الإمام في الخطبة ، وأما إذا شرع فيها فالواجب الامتناع عن ذلك والإقبال على الاستماع والإنصات للخطبة .
التعليقات