الأصل في مشروعية المنبر الأحاديث التي دلت على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب على المنبر ومن ذلك حديث سَهْل بْن سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ : " أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى فُلاَنَةَ - امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ -: ) مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ ، أَنْ يَعْمَلَ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ ) ، فَأَمَرَتْهُ فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ ... " رواه البخاري ( 917 ) ، ومسلم ( 544 ) وفي رواية مسلم " فَعَمِلَ هَذِهِ الثَّلَاثَ دَرَجَاتٍ ".
وقد نبه أهل العلم إلى أن هذا الحديث وأمثاله يستفاد منه استحباب خطبة الإمام على المنبر حتى يراه الناس ويسمعوه جيدا .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
" وفيه استحباب اتخاذ المنبر لكونه أبلغ في مشاهدة الخطيب والسماع منه " .
انتهى من " فتح الباري " ( 2 / 400) .
فالمنبر من المستحبات باتفاق أهل العلم ، وليس من واجبات ولا أركان خطبة الجمعة ، وكل ما قام مقام المنبر من مكان مرتفع ، ويؤدي المقصود : فهو كاف .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" أجمع العلماء على أنه يستحب كون الخطبة على منبر ، للأحاديث الصحيحة التي أشرنا إليها ، ولأنه أبلغ في الإعلام ، ولأن الناس إذا شاهدوا الخطيب كان أبلغ في وعظهم ...
فإن لم يكن منبر استحب أن يقف على موضع عال وإلا فإلى خشبة ونحوها للحديث المشهور في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يخطب إلى جذع قبل اتخاذ المنبر) " .
انتهى من" المجموع " ( 4 / 527) .
وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى :
" ويستحب أن يصعد للخطبة على منبر ليسمع الناس ... وليس ذلك واجبا، فلو خطب على الأرض ، أو على ربوة ، أو وسادة ، أو على راحلته ، أو غير ذلك ، جاز؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان قبل أن يصنع المنبر يقوم على الأرض " .
انتهى من " المغني " ( 3 / 160 - 161) .
ولا نعلم أن هناك دليلا من الشرع يحدد شكل وهيئة المنبر بشيء ، إلا أن الوارد في السنة : أن منبر الرسول صلى الله عليه وسلم كان ثلاث درجات ، فسواء كان المنبر على هيئة الشرفة ، كما في السؤال ، أو كان على هيئة كرسي وله درجات ... أو كان غير ذلك فقد حصل المقصود ، وهو الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في الخطبة على المنبر ليكون ذلك أبلغ في رؤية الناس له وسماعهم لكلامه ، ولا نعلم أحدا من العلماء منع هذا المنبر الذي سألت عنه .
التعليقات