من آداب التعامل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يمكنُ أن نوجز الأدبَ مع النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور التالية:
(1) الانقياد التام والطاعة المطلقة للنبي صلى الله عليه وسلم.
قال سبحانه: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80].
وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 31، 32].
(2) تصديقُ النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به مِن أمور الغيب في الماضي والمستقبَل.
مِن أصول الإيمان: التصديقُ الجازم بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، والاعتقاد بصحة كلِّ ما أخبر به عن الأمم السابقة، وما أخبر عن أمور الغيب في المستقبل؛ لأن ما جاء به وحيٌ مِن الله تعالى.
قال تعالى: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 1 - 4].
وقال جل شأنه: ﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [هود: 49].
(3) اتباعُ النبي صلى الله عليه وسلم في جميع الأقوال والأفعال.
قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31].
وقال سبحانه: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 56].
روى البخاريُّ عن مالك بن الحويرث، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((وصلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي))؛ (البخاري - حديث: 6008).
روى مسلمٌ عن جابر بن عبدالله، قال: رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلتِه يومَ النَّحر، ويقول: ((لِتأخذوا مناسكَكم؛ فإني لا أدري لعلِّي لا أحُجُّ بعد حَجِّتي هذه))؛ (مسلم - حديث: 1297).
(4) اجتناب ما نهى عنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم:
أوجَب الله سبحانه وتعالى على جميعِ الناس طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، وحذَّرهم مِن مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم.
قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 115].
وقال تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].
قال سبحانه: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].
روى البخاريُّ عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كلُّ أمتي يدخلون الجنة إلا مَن أبى))، قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: ((مَن أطاعني دخل الجنة، ومَن عصاني فقد أبى "امتنع عن قَبول الدعوة"))؛ (البخاري - حديث: 7280).
(5) تقديم قول النبي صلى الله عليه وسلم على أقوالِ جميع الناس.
قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1].
قال عبدالله بن عباسٍ: قوله: ﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1]؛ أي: (لا تقولوا خِلافَ الكتاب والسنَّة)؛ (تفسير الطبري جـ 24- صـ 352).
(6) محبَّةُ النبي صلى الله عليه وسلم أكثرَ مِن محبة النفس والمال والوالدين والناس أجمعين.
روى الشيخانِ عن أنسٍ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمنُ أحدكم حتى أكون أحب إليه مِن والده وولده والناس أجمعين))؛ (البخاري - حديث: 15 /مسلم - حديث: 44).
وروى البخاريُّ عن عبدالله بن هشامٍ، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخِذٌ بيدِ عمرَ بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنتَ أحب إليَّ مِن كل شيءٍ، إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا "أي: لا يكمُلُ إيمانُك"، والذي نفسي بيده، حتى أكونَ أحبَّ إليك من نفسك))، فقال له عمرُ: فإنه الآن، والله، لأنتَ أحبُّ إليَّ من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الآن "كمل إيمانك" يا عمرُ))؛ (البخاري - حديث: 6632).
(7) التسليم لحُكم النبي صلى الله عليه وسلم والرِّضا به:
قال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].
(8) اتخاذ النبيِّ صلى الله عليه وسلم القدوةَ الحسنة:
قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]؛ (شرح الرسالة التدمرية لمحمد الخميس صـ 446).
قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: هذه الآيةُ الكريمة أصلٌ كبير في التأسِّي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله؛ ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب، في صبرِه ومصابرته ومرابطته ومجاهدته، وانتظاره الفَرَجَ من ربه عز وجل، صلوات الله وسلامه عليه دائمًا إلى يوم الدين؛ ولهذا قال تعالى للذين تقلقوا وتضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]؛ أي: هلا اقتديتم به وتأسَّيتم بشمائله؟؛ (تفسير ابن كثير جـ 11صـ 134: 133) (شرح الرسالة التدمرية لمحمد الخميس صـ 446).
التعليقات