عائلة القزاز.. خمسة قرون من رفع الأذان في المسجد الأقصى
ارتبطت عائلة القزاز بعملية رفع الآذان في المسجد الأقصى بالقدس منذ 500 سنة. ولايزال رجال هذه العائلة يتداولون على رفع الآذان حتى الآن.
فراس القزاز هو أحد أفراد هذه العائلة، وهو ينادي إلى الصلاة ثلاث مرات في اليوم. فمن هو هذا الشاب الأنيق ذو الصوت الموهوب الذي يصدح يوميا على المدينة القديمة وجبل الزيتون؟
فراس القزاز، مؤذن المسجد الأقصى وأحد أجمل الأصوات في القدس، قال في تصريحات صحفية "لفرانس 24": "الآذان قصة وراثية. أنا من الجيل الثامن. منذ 500 سنة عائلة القزاز هي التي تقوم برفع الآذان في المسجد الأقصى بالقدس".
يسكن فراس في شارع "السلسلة" القريب من الحرم الأقصى على بعد أمتار قليلة من باب "المغاربة" الذي دمره الاحتلال لتفسح الطريق إلى حائط البراق "والذي يسميه الاحتلال بالمبكى" الذي يقصده اليهود من كل أنحاء العالم.
يتقاسم فراس عملية رفع الآذان مع والده البالغ من العمر أكثر من 80 سنة، فهو يرفع الآذان خلال صلاة الصبح والمغرب والعشاء فيما يؤذن والده مرتين فقط في النهار، أي خلال صلاة الظهر والعصر. يقول فراس الذي قرر أخذ عطلة قبل بداية شهر رمضان لكي يرتاح قليلا ويهيئ صوته وحنجرته للآذان خلال شهر الصيام، "بدأت الآذان صغيرا. كنت أرافق والدي إلى المسجد الأقصى وعمري لا يتجاوز 10 سنوات، ورفعت أول آذان في سن 12 ".
جاءت عائلة فراس من منطقة الحجاز بالسعودية وهي عائلة صوفية كانت تحب الذكر والغناء الديني. وترعرع في هذه البيئة الدينية الحميمية، وكبر وتعلم فن الإلقاء والذكر حيث كان يرافق والده خلال الأمسيات الدينية. "ذات يوم، طلب مني والدي أن أتلو القرآن وعمري 10 سنوات فقط، فاكتشف أنني أملك صوتا جميلا فشجعني وتعلمت منه".
"في القدس، الأحجار تتكلم عن الماضي"
رفع فراس الآذان للمرة الأولى وعمره لم يتجاوز 12 سنة. كان ذلك خلال صلاة العصر في فصل الشتاء والثلوج تتساقط بكثافة على مباني وشوارع القدس. لكنه لم يشعر بوتر أو خوف كما قال. "كل الناس شجعوني ودفعوني إلى الأمام. لم أشعر أنني كنت في مسجد خاص بل في مكان عادي، واليوم أستطيع أن أقرأ القرآن أمام مليون شخص دون ارتباك".
"هناك فرق شاسع بين الماضي والحاضر. في السابق كانت هناك مدارس دينية قوية وعلماء يأتون من جميع الدول العربية لتدريس الدين ومشايخ يعلمون تقنيات حفظ وتلاوة القرآن. أما اليوم فالعلماء لا يمكنهم الوصول إلى القدس بسبب الحصار المفروض من قبل الجيش الإسرائيلي. أنا أشعر أنني تحت الحصار والبلد كله تحت الحصار"، وواصل:" في يونيو 2017، ازدادت حدة الحصار بعدما قررت إسرائيل بناء بوابات إلكترونية في مكان الأبواب العادية القديمة وكانت لا تسمح للمسلمين بالدخول إلى الأقصى عدا والدي".
"بدون شك دور الأقصى روحاني، "نرفع الآذان فيه وبمجرد أنك تقترب من الأسوار يختلف شعورك. أنا أشعر بأن الأحجار تتكلم عن الماضي والتراث وعن القدس قبل مئات السنين". ويضيف:" طبعا الأقصى يملك دورا سياسيا أيضا، لكن هو قبل كل شيء مسجد للعبادة والتقرب من الله وهي البوابة التي صعد منها الرسول إلى السماء".
"نحن كالسمك في الماء، إذا تركنا القدس فسنموت"
في عيون فراس القدس تتغير."وصلنا إلى مرحلة التهويد وهناك عقبات للدخول إلى الأقصى"، لكن رغم كل المعاناة لن نترك المدينة مهما كان الثمن. " أنا ولدت بالقدس ولا يمكن لي أن أترك هذه المدينة. سافرت مرة إلى جزر المالديف لكن بعد يوم فقط من البعد غادرت هذه الجزيرة وعدت إلى بلدتي. لم أستطع أن أصبر بعيدا عنها. نحن كالسمك في الماء، إذا خرجنا منها نموت. للقدس دلالات عديدة، إنها المكان الذي صلى فيه الأنبياء والرسل وصعد منه محمد إلى الأعلى وهي بوابة السماء ومكان للروحانية".
التعليقات