صلاة الجماعة
مفهوم صلاة الجماعة لغة واصطلاحاً
مفهوم صلاة الجماعة لغة واصطلاحاً:
يقول الدكتور / سعيد بن علي القحطاني:
الصلاة لغة: الدعاء، قاله الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} [سورة التوبة، الآية: 103] أي ادعُ لهم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ”إذا دُعي أحدكم فليُجِبْ، فإن كان صائماً فليصلِّ، وإن كان مفطراً فليطعم“(1) .أي فليدعُ بالبركة والخير والمغفرة(2)...
الصلاة في الاصطلاح الشرعي: عبادة لله ذات أقوال، وأفعال معلومة مخصوصة، مفتَتَحة بالتكبير، مختَتَمة بالتسليم، وسُمِّيت صلاة؛ لاشتمالها على الدعاء(3) ؛ فإنها كانت اسماً لكل دعاء فصارت اسماً لدعاء مخصوص، أو كانت اسماً لدعاء فنقلت إلى الصلاة الشرعية؛ لما بينها وبين الدعاء من المناسبة، والأمر في ذلك متقارب، فإذا أطلق اسم الصلاة في الشرع لم يفهم منه إلا الصلاة المشروعة(4)
الجماعة لغة: عدد كل شيء وكثرته، والجمعُ: تأليف المتفرِّق؛ والمسجدُ الجامعُ: الذي يجمع أهله ..
الجماعة في الاصطلاح الشرعي: تطلق على عدد من الناس، مأخوذة من معنى الاجتماع، وأقل ما يتحقق به الاجتماع اثنان: إمام ومأموم(5) وسميت صلاة الجماعة: لاجتماع المصلين في الفعل: مكانا وزمانا..
فضل صلاة الجماعة:
يقول الشيخ / عبدالله الجارالله:
شرع الله - تعالى - لهذه الأمةِ الاجتماعَ في المساجد، في أوقاتٍ معلومة، منها ما هو في اليوم والليلة كالصلوات الخمس، ومنها ما هو في الأسبوع، وهو صلاة الجمعة، ومنها ما هو في السَّنة، وهو صلاة العيدين لجماعة كل بلد، ومنها ما هو اجتماع عام في السنة، وهو الوقوف بعرفة؛ لأجل التواصل والإحسان، والتعاطف والرعاية؛ ولأجل نظافة القلوب؛ ولأجل معرفة أحوال بعضهم لبعض، فيقومون بعيادة المرضى، وتشييعِ الموتى، ومساعدةِ المحتاجين، وإغاظةِ العدو، وهذه الفوائد، علاوة على كونها عبادة لله، وفيها تكفير السيئات، وزيادة الحسنات، ورفع الدرجات.
ومن فوائد الجماعة: قيامُ نظام الألفة، وتعلُّم الجاهل من العالم واقتداؤه به، وعمومُ البركة، ومضاعفةُ الثواب، وزيادة العمل، وغيرُ ذلك من الحِكَم في مشروعيتها والفوائد التي لا تُحصَى.
وحقيقتها ربطُ صلاة المأموم بصلاة الإمام، والتهاونُ بالجماعة وسيلةٌ إلى ترْك الصلاة بالكليَّة؛ لما تقدَّم وغيرِه فَرَضَ الله على الرجال المقيمين أداءَ الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة في المساجد؛ لحِكَمٍ بالغةٍ، وفوائدَ جسيمةٍ؛ ففي كل خطوة يمشيها الرجلُ إلى المسجد رفعُ درجة، وحطُّ خطيئة، وهو في عبادة من حين يخرج من بيته إلى المسجد حتى يرجع، ويحصل في الاجتماع أيضًا التعارفُ، وتبادلُ التحية والسلام، ولا يزال المسلم في صلاةٍ ما انتظرها، والملائكة تصلي عليه، وتستغفر له، وتدعو له بالمغفرة والرحمة ما دام في مصلاَّه؛ قال : ((صلاةُ الجماعة أفضلُ من صلاة الفذِّ بسبعٍ وعشرين درجةً))، وقال: ((صلاة الرجل في الجماعة تضعفُ على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا؛ وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لا يُخرِجه إلا الصلاةُ، لم يخطُ خطوةً إلا رُفعتْ له بها درجةٌ، وحُطَّ عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تَزل الملائكة تصلِّي عليه ما دام في مصلاَّه، تقول: اللهم صلِّ عليه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاةٍ ما انتظر الصلاة)) (6) ، وهذا شيء عظيم لا يستهان به.
وقال عبدالله بن مسعود: من سرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظْ على هؤلاء الصلواتِ الخمس حيث يُنادَى بهن؛ فإن الله شَرَعَ لنبيِّكم سننَ الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صلَّيتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلِّفُ في بيته، لتركتم سُنة نبيِّكم، ولو تركتم سنة نبيِّكم لضللتم، ولقد رأيتُنا وما يتخلف عنها إلا منافقٌ معلوم النفاق أو مريض، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف(7).
ويقول الشيخ سعيد بن علي القحطاني:
الصلاة مع الجماعة لها فضائل كثيرة، منها ما يأتي:
1- صلاة الجماعة بسبع وعشرين صلاة فرادى، فالمصلي مع جماعة يحصل له من صلاة الجماعة مثل أجر صلاة المنفرد سبع وعشرين مرة(8) ؛ لحديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة“. ولفظ مسلم: ”صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة“. وفي لفظ له: ”صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده سبعاً وعشرين“(9). وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ”الجماعة تفضل صلاة الفذِّ بخمس وعشرين درجة“(10). وعن أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”تفضل صلاة في الجميع على صلاة الرجل وحده خمساً وعشرين درجة“. قال: ”وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر“. قال أبو هريرة: "واقرأوا إن شئتم {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}. وفي لفظ: ”بخمس وعشرين جزءًا“(11). والجزء والدرجة بمعنى واحد(12).
وقد جُمع بين هذه الروايات: بأن حديث الخمس والعشرين ذكر فيه الفضل الذي بين صلاة المنفرد والصلاة في الجماعة، والفضل خمس وعشرون، وحديث السبع والعشرين ذكر فيه صلاته منفرداً وصلاته في الجماعة، والفضل بينهما، فصار المجموع سبعاً وعشرين(13). وقال الإمام النووي – رحمه الله-: "والجمع بينها من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه لا منافاة بينها فذكر القليل لا ينفي الكثير، ومفهوم العدد باطل عند الأصوليين.
والثاني: أن يكون أخبر أولاً بالقليل، ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل فأخبر بها.
والثالث: أنه يختلف باختلاف أحوال المصلين والصلاة: فيكون لبعضهم خمس وعشرون، ولبعضهم سبع وعشرون، بحسب كمال الصلاة، ومحافظته على هيئتها، وخشوعها، وكثرة جماعتها، وفضلهم وشرف البقعة، ونحو ذلك فهذه هي الأجوبة المعتمدة"(14). وسمعت سماحة الإمام شيخنا عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله- يقول: "وأما التفاوت فهذا والله أعلم كان لعدم نزول فضل الزائد إلا بعد الناقص، فأخبر بخمس وعشرين، ثم أخبر بسبع وعشرين"(15).
وقد استدل القائلون بأن صلاة الجماعة غير واجبة بهذه الأحاديث، وأن صيغة أفضل تدل على الاشتراك في أصل الفضل(16) . وسمعت الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله- يقول: "هذه الأحاديث تدل على فضل الجماعة، وهذا التفضيل لا يلزم منه عدم الوجوب، فصلاة الجماعة واجبة، ومفضلة، فلا منافاة بين التفضيل والوجوب، ومن لم يصلِّها مع الجماعة فصلاته صحيحة على الراجح، مع الإثم"(17).
والمنفرد الذي لا يحصل على ثواب صلاة الجماعة هو غير المعذور والله أعلم، أما إذا كان من عادته أنه يصلي الصلاة مع الجماعة فمنعه عذرٌ: كمرضٍ أو سفر، أو حبس وتعذرت عليه الجماعة، والله يعلم أن من نيته لو قدر على الصلاة مع الجماعة لما تركها، فهذا يكمل له أجره؛ لأن من كان عازماً على الفعل عزماً جازماً، وفعل ما يقدر عليه منه كان بمنزلة الفاعل(18)؛ لحديث أبي بردة – رضي الله عنه- عن أبي موسى – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً“(19).
2- يعصم الله بالصلاة مع الجماعة من الشيطان؛ لحديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن الشيطان ذئب للإنسان كذئب الغنم(20)، يأخذ الشاة القاصية، والناحية(21)، وإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة(22)، والعامة“(23)؛ ولحديث أبي الدرداء – رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”ما من ثلاثة في قرية ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصلاة، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية“(24).
3- يزيد فضل الصلاة مع الجماعة بزيادة عدد المصلين؛ لحديث أبيّ بن كعب – رضي الله عنه-، وفيه: ”...إن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله عز وجل“(25). وهذا يرغب في الصلاة مع الجماعة الكثيرة مع أمن المفاسد، وعدم فوات المصالح.
4- براءة من النار وبراءة من النفاق لمن صلَّى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك تكبيرة الإحرام؛ لحديث أنس – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتِبَ له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق“(26).
وهذا فيه فضل الإخلاص في الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ”من صلى لله“ أي خالصاً لله تعالى، ”براءة من النفاق النار“ أي نجاة وخلاص منها، وكتب له ”براءة من النفاق“ أي يؤمنه في الدنيا أن يعمل عمل المنافق ويوفقه لعمل أهل الإخلاص، وفي الآخرة يؤمنه مما يعذبه المنافق، ويشهد له بأنه غير منافق، يعني بأن المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى" وحال هذا بخلافهم(27).
5- من صلى الصبح في جماعة فهو في ضمان الله وأمانه حتى يمسي؛ لحديث جندب بن عبد الله – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من صلى الصبح فهو في ذمة الله(28)، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء؛ فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه(29) على وجهه في نار جهنم“(30).
وهذا يؤكد أن من صلى الصبح فهو في أمان الله، وفي جواره، فهو قد استجار بالله تعالى، والله قد أجاره، فلا ينبغي لأحد أن يتعرض له بضر أو أذى، فمن فعل ذلك فالله يطلبه بحقه، ومن يطلبه لم يجد مفرّاً ولا ملجأ، وهذا وعيد شديد لمن يتعرض للمصلين، وترغيب في حضور صلاة الصبح(31). وقد جاءت بعض الأخبار تقيد ذلك بصلاة الصبح مع الجماعة(32).
6- من صلى الفجر في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس فله أجر حجة وعمرة؛ لحديث أنس – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة: تامة، تامة، تامة“(33).
7- عظم ثواب صلاة العشاء والصبح في جماعة؛ لحديث عثمان بن عفان – رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله“(34).
قيل: المراد بذلك من صلى الصبح في جماعة وقد صلى العشاء في جماعة فكأنما صلى الليل كله، ويد على ذلك لفظ أبي داود: ”من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة“(35). واختار هذا المنذري، وأن اجتماعهما كقيام ليلة(36).
وقيل: المراد بذلك أن من صلى العشاء في جماعة كانت له كقيام نصف ليلة، أما من صلى الصبح في جماعة فتكون له كقيام الليل كله، وهذا فضل الله – عز وجل-. وأيد ذلك الإمام ابن خزيمة – رحمه الله- فقال: "باب فضل صلاة العشاء والفجر في الجماعة، والبيان أن صلاة الفجر في الجماعة أفضل من صلاة العشاء في الجماعة، وأن فضلها في الجماعة ضعفي فضل العشاء في الجماعة"، ثم ساق الحديث بنحو لفظ مسلم(37)، وفضل الله عز وجل واسع. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الصبح والعشاء: ”...ولو يعلمون ما فيهما لأتوها ولو حبواً“(38).
8- اجتماع ملائكة الليل والنهار في صلاة الفجر والعصر؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم، كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهو يصلون، وأتيناهم وهو يصلون“(39). قال الإمام النووي – رحمه الله-: "ومعنى يتعاقبون: تأتي طائفة بعد طائفة، ومنه تعقب الجيوش، وهو أن يذهب إلى ثغر قوم ويجيء آخرون، وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين، وتكرمته لهم أن جعل اجتماع الملائكة عندهم، ومفارقتهم لهم في أوقات عباداتهم واجتماعهم على طاعة ربهم، فيكون شهادتهم لهم بما شاهدوه من الخير"(40). والأظهر وهو قول الأكثرين أن هؤلاء الملائكة هم الحفظة الكتّاب، وقيل: يحتمل أن يكونوا من جملة الملائكة بجملة الناس غير الحفظة. والله أعلم(41).
وعن جرير بن عبد الله – رضي الله عنه- قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: ”إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامُون(42) في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا“ يعني الفجر والعصر، ثم قرأ جرير: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}(43).
وقد ثبت الفضل العظيم لمن حافظ على صلاة الفجر والعصر مع الجماعة، فعن أبي بكر بن عمارة بن رؤيبة عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها“ يعني الفجر والعصر(44).
وعنه – رضي الله عنه-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”من صلى البردين دخل الجنة“(45)، وهما: الصبح والعصر(46). وقد جاء الوعيد الشديد لمن ترك صلاة العصر، أو فاتته، فعن بريدة – رضي الله عنه- أنه قال لأصحابه في يوم ذي غيم: بكِّروا بصلاة العصر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله“(47).
وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وُتِرَ أهلُهُ وماله“(48).
ذكر الإمام القرطبي – رحمه الله-: أن قوله "وُتِرَ أهلُه ومالُه" روي بالرفع على أن المعنى: نُزع وأُخذ، وروي بالنصب "أهلَه ومالَه" على أن المعنى: سُلب، وقيل في تفسير الحديث: هذا يحصل لمن لم يصلها في الوقت المختار، وقيل: هو أن يؤخرها إلى أن تصفر الشمس. وقيل: خصت العصر بالذكر؛ لكونها مشهودة للملائكة، وعلى هذا يشاركها في ذلك الصبح. وقيل: خصت صلاة العصر بالذكر؛ لأنها صلاة تأتي في انشغال الناس، وعلى هذا فالصبح أولى بذلك؛ لأنها تأتي وقت النوم. أما قوله صلى الله عليه وسلم: ”من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله“ فليس ذلك خاصاً بالعصر، بل ذلك حكم غيرها من الصلوات كذلك(49).
9- يعجب الله تعالى من الصلاة في الجماعة؛ لمحبته لها سبحانه، فعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”إن الله ليعجب من الصلاة في الجميع“(50). وهذا العجب يليق بالله تعالى، ولا يشبه فيه أحداً من خلقه؛ لأن عجبه سبحانه ليس كعجب خلقه، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [سورة الشورى، الآية:11].
10- منتظر الصلاة مع الجماعة في صلاة، قبل الصلاة وبعدها مادام في مصلاه؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، حتى ينصرف أو يُحدِث“. قلت: ما يحدث؟ قال: ”يفسو أو يضرط“. وفي لفظ لمسلم: ”والملائكة يصلون على أحدكم مادام في مجلسه الذي صلَّى فيه يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ ما لم يحدث“(51). وقوله: "ما لم يؤذ" أي ما لم يصدر عنه ما يتأذى به بنو آدم والملائكة، والله أعلم(52).
11- الملائكة يدعون لمن صلى مع الجماعة قبل الصلاة وبعدها مادام في مصلاه، ما لم يحدث أو يؤذ؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- وفيه: ”لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، حتى ينصرف أو يحدث..“ وفي مسلم: ”والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذِ ما لم يحدث“(53).
وسمعت سماحة شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله- يقول: "والملائكة تصلي عليه في مصلاه، قبل الصلاة في المسجد، وبعدها مادام في مصلاه، ما لم يؤذِ بغيبة أو نميمة، أو كلام باطل، وما لم يحدث"(54).
ويقول الشيخ عبدالله بن صالح الفوزان :
للاجتماع المشروع في العبادات شأن كبير عند الله تعالى، وله فوائد كثيرة اجتماعية وفردية دينية ودنيوية، ومن هذه الاجتماعات صلاة الجماعة في المسجد، يجتمع فيه أهل المحلة الواحدة كلّ يوم وليلة خمس مرات. فيحصل التواصل والتعاون، ويظهر عز الإسلام وقوة المسلمين.
يتم في هذا الاجتماع تعليم الجاهل، وتنشيط العاجز، والتعاون على البر والتقوى والتنافس في أعمال الخير؛ من العطف على الفقير والعاجز وغير ذلك من الفوائد العظيمة التي تعود على الفرد والمجتمع بالخير والبركة.
وجوب صلاة الجماعة:
يقول الشيخ عبدالله بن صالح الفوزان :
لقد كثرت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب صلاة الجماعة وأدائها مع عباد الله في المساجد التي بنيت لها، وأنه ليس لأحد من عباد الله رخصة إذا سمع النداء أن يدع الجماعة ويصلي في منـزله أو مكان عمله إلا من عذر.
قال الله تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلواة فلتقم طآئفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فيكونوا من ورآئكم ولتأت طآئفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) (55)
ووجه الدلالة من الآية على أن صلاة الجماعة واجبة: أن الله تعالى أمر بإقامة صلاة الجماعة وهم في حالة الحرب والخوف. ولو كانت الجماعة سنة – كما يقول بعض الناس – لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف. ولكن لما أمر الله تعالى بها في هذه الحال، وسمح بأن يترك لها أكثر واجبات الصلاة دل ذلك على أن وجوبها في حال الأمن أولى، وإلا فلو صلوا فرادى لم يكونوا بحاجة إلى ترك بعض الواجبات، فإن هذه الأمور وغيرها تبطل الصلاة لو فعلت بغير عذر.
ثم تأمل كيف دلت الآية الكريمة على أن صلاة الجماعة فرض عين وليست فرض كفاية وإلا لسقطت عن الطائفة الثانية بفعل الطائفة الأولى(56).
وانظر كيف جاز الجمع بين الصلاتين للمطر وتقديم الصلاة الثانية عن وقتها لأجل الجماعة، لو كان فعلها في البيت جائزاً لما جاز الجمع لذلك؛ لأن أكثر الناس قادرون على الجماعة في البيوت فإن الإنسان غالباً لا يخلو أن تكون عنده زوجة أو ولد أو صديق أو نحوهم، فيمكنه أن يصلي كل صلاة في وقتها جماعة، فلما جاز الجمع علم أن المقصود بالجماعة جماعة المسجد، وأن حضور المساجد واجب على الأعيان إلا بعارض يجوز معه ترك الجماعة(57).
وقال تعالى: (وأقيموا الصلواة وءاتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين)(58).
قال ابن الجوزي: أي: صلوا مع المصلين. وقال أبو بكر الكاساني: (أمر الله تعالى بالركوع مع الراكعين، وذلك يكون في حالة المشاركة في الصلاة، فكان أمراً بإقامة الصلاة بالجماعة، ومطلق الأمر لوجوب العمل)(59).
وقال تعالى: (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون(42) خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون)(60).
قال ابن كثير رحمه الله: (لما دعوا إلى السجود في الدنيا فامتنعوا منه مع صحتهم وسلامتهم كذلك عوقبوا بعدم قدرتهم عليه في الآخرة إذا تجلى الرب – عز وجل – فسجد له المؤمنون لا يستطيع أحد من الكافرين ولا المنافقين أن يسجد، بل يعود ظهر أحدهم طبقاً واحداً، كلما أراد أحدهم أن يسجد خرّ لقفاه، عكس السجود، كما كانوا في الدنيا، بخلاف ما عليه المؤمنون)(61). وعليه فإجابة الداعي هي إتيان المسجد، كما قال صلى الله عليه وسلم للأعمى: (أجب)(62)، والله أعلم.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار(63)".
ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم همّ بتحريق بيوت المتخلفين عنها عليهم. ولا يهم بهذه العقوبة إلا من أجل ترك واجب، وهو حضور الجماعة. وإلا فالظاهر أنهم يصلون في بيوتهم؛ لقوله: "لا يشهدون الصلاة". وفي رواية: "فأحرق على من لا يخرج إلى الصلاة بعد". أي: بعد أن يسمع النداء إليها أو بعد أن يبلغه التهديد المذكور(64).
وعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أنه قال: (من سرّه أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهنّ، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط بها عنه سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف)(65).
فتأمل أولاً كيف جعل ابن مسعود – رضي الله عنه – الصلاة في البيوت وترك المساجد تركاً للسنة، وترك السنة ضلال وانحراف. ومثل هذا لا يقال بالرأي، ولا ضلال إلا بترك شعيرة من شعائر الدين، مما يدل على أن المساجد من أعظم شعائر الدين، وأنها ما بنيت إلا ليصلي فيها.
ثم تأمل ثانياً: كيف أجمع الصحابة – رضي الله عنهم – على أن ترك صلاة الجماعة في المسجد من علامات النفاق، حيث قال: (ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق) ولا يوصف بالنفاق من ترك سنة، بل من ترك فريضة أو فعل محرماً(66).
ثم تأمل ثالثاً: تعظيم الصحابة – رضي الله عنهم – لأمر الجماعة حيث إن الرجل المريض يؤتى به وقد مسك رجلان بعضديه حتى يقام في الصف، مما يدل على تأكيد صلاة الجماعة وتحمل المشقة في حضورها. وإذا كان هذا في حق المريض، فكيف يكون الحكم في حق المعافى الآمن الذي يتقلب صباح مساء في نعم الله تعالى، ثم يقابل ذلك بالتخلف عن صلاة الجماعة، فهل هذا من الشاكرين؟
ويقول الدكتور / سعيد بن علي القحطاني:
صلاة الجماعة فرض عين على الرجال المكلفين القادرين، حضراً وسفراً، للصلوات الخمس(67)؛ لأدلة صريحة كثيرة من الكتاب والسنة الصحيحة، والآثار، ومنها ما يأتي:
1- أمر الله تعالى حال الخوف بالصلاة جماعة فقال: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [سورة النساء، الآية: 102]. فالله – عز وجل- أمر بالصلاة في الجماعة في شدة الخوف، ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية، فلو كانت الجماعة سنة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف، ولو كانت فرض كفاية لأسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، فدّل ذلك على أن الجماعة فرض على الأعيان.
2- أمر الله – عز وجل- بالصلاة مع المصلين فقال: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ}. [سورة البقرة، الآية: 43]، فقد أمر الله – عز وجل- بالصلاة مع جماعة المصلين والأمر يقتضي الوجوب.
3- عاقب الله من لم يُجب المؤذن فيصلي مع الجماعة بأن حال بينهم وبين السجود يوم القيامة، قال – عز وجل-: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ، خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [سورة القلم، الآيتان: 42-43]. فقد عاقب سبحانه من لم يجب الداعي إلى الصلاة مع الجماعة بأن حال بينه وبين السجود يوم القيامة، وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ”يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً“. وفي لفظ: ”.. فيُكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاءً ورياءً إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خرَّ على قفاه..“(68).
وهذا فيه عقوبة للمنافقين وأن ظهورهم يوم القيامة تكون طبقاً واحداً: أي فقار الظهر كله يكون كالفقارة الواحدة فلا يقدرون على السجود(69).
4- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة مع الجماعة، فعن مالك بن الحويرث – رضي الله عنه- قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة – وكان رحيماً رفيقاً- فلما رأى شوقنا إلى أهالينا قال: ”ارجعوا فكونوا فيهم، وعلِّموهم، وصلُّوا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم“(70).
فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بصلاة الجماعة، والأمر يقتضي الوجوب.
5- هم النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق البيوت على المتخلفين عن صلاة الجماعة؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ناساً في بعض الصلوات فقال: ”لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أُخالف(71) إلى رجالٍ يتخلَّفون عنها فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم، ولو عَلِمَ أحدهم أنه يجد عظماً سميناً لشهدها“. وهذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: ”والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب ليحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجالٍ فأحرِّق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقاً سميناً(72) أو مرماتين حسنتين(73) لشهد العشاء“. وفي لفظ مسلم: ”إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتموهما ولو حبواً(74)، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتُقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار“(75). وفي هذا الحديث دلالة على أن صلاة الجماعة فرض عين(76).
6- لم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى بعيد الدار في التخلف عن الجماعة؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له؛ فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولَّى دعاه فقال: ”هل تسمع النداء بالصلاة؟“ فقال: نعم، قال: ”فأجب“(77).
وعن ابن أم مكتوم – رضي الله عنه- أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني رجل ضرير البصر، شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: ”هل تسمع النداء؟“ قال: نعم، قال: ”لا أجد لك رخصة“(78). وفي لفظ أنه قال: يا رسول الله، إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ”أتسمع حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح؟ فحي هلا(79).
وهذا يصرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا رخصة للمسلم في التخلف عن صلاة الجماعة إذا سمع النداء، ولو كان مخيراً بين أن يصلي وحده أو جماعة، لكان أولى الناس بهذا التخيير هذا الأعمى الذي قد اجتمع له سنة أعذار: كونه أعمى البصر، وبعيد الدار، والمدينة كثيرة الهوام والسباع، وليس له قائد يلائمه، وكبير السن، وكثرة النخل والشجر بينه وبين المسجد(80).
7- بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له؛ فعن ابن عباس – رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر“(81). وهذا يدل على أن صلاة الجماعة فرض عين، وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله- يقول: "معنى لا صلاة له: أي لا صلاة كاملة بل ناقصة، والجمهور على الإجزاء..."(82).
8- تركُ صلاة الجماعة من علامات المنافقين ومن أسباب الضلال؛ لقول عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه-: "لقد رأيتُنا وما يتخلَّف عن الصلاة إلا منافق قد عُلِم نفاقه، أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين الرجلين حتى يأتي الصلاة، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهُدى، وإن من سنن الهُدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه". وفي رواية: أن عبد الله قال: "من سرَّه أن يلقى الله تعالى غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات، حيثُ ينادى بهِنَّ؛ فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى(83) وإنهنَّ من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم(84)، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجدٍ من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتُنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين(85) حتى يقام في الصف"(86).
وهذا يدل على أن التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم نفاقهم، وعلامات النفاق لا تكون بترك مستحب ولا بفعل مكروه، ومعلوم أن من استقرأ علامات النفاق في السنة وجدها إما بترك فريضة أو فعل محرم(87) وفي هذا كله تأكيد أمر الجماعة، وتحمل المشقة في حضورها، وأنه إذا أمكن المريض ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها(88).
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”إن للمنافقين علامات يعرفون بها: تحيتهم لعنةٌ، وطعامهم نُهبة، وغنيمتهم غلول، ولا يقربون المساجد إلا هَجْراً(89)، ولا يأتون الصلاة إلا دَبْراً(90) مستكبرين، لا يألفون ولا يؤلفون، خُشُبٌ(91) بالليل، صُخُبٌ بالنهار“(92). وفي لفظ: ”سُخُبٌ بالنهار“_(93).
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- قال: "كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء وصلاة الفجر أسأنا به الظن"(94). وفي رواية عنه – رضي الله عنه-: "كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة الغداة أسأنا به الظن"(95).
9- تارك صلاة الجماعة متوعد بالختم على قلبه؛ لحديث ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم- أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول على أعواده(96): ”لينتهين أقوامٌ عن ودعهم(97) الجماعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكوننَّ من الغافلين“(98). وهذا التهديد لا يكون إلا على ترك واجب عظيم.
10- استحواذ الشيطان على قوم لا تقام فيهم الجماعة؛ لحديث أبي الدرداء- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”ما من ثلاثة في قرية، ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصلاة(99) إلا قد استحوذ عليهم الشيطان(100) فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية“(101). قال زائدة: قال السائب: يعني بالجماعة: الصلاة في الجماعة(102)، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم باستحواذ الشيطان عليهم بترك الجماعة التي شعارها الأذان، وإقامة الصلاة، ولو كانت الجماعة ندباً يخير الرجل بين فعلها وتركها لما استحوذ الشيطان على تاركها وتارك شعارها(103).
11- تحريم الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي صلاة الجماعة؛ لحديث أبي الشعثاء قال: كنا قعوداً في المسجد مع أبي هريرة – رضي الله عنه- فأذن المؤذن، فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة – رضي الله عنه-: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم"(104). فقد جعله أبو هريرة – رضي الله عنه- عاصياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بخروجه بعد الأذان؛ لتركه الصلاة جماعة(105).
قال الإمام النووي – رحمه الله تعالى-: "فيه كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي المكتوبة إلا لعذر والله أعلم"(106). وقد جاء النهي صريحاً، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي“(107). وعنه – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”لا يسمع النداء في مسجدي هذا ثم يخرج منه إلا لحاجة، ثم لا يرجع إليه إلا منافق“(108).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله- يذكر أنه لا يجوز الخروج من المسجد الذي أذن فيه، إلا لعذر: كأن يريد الوضوء أو يصلي في مسجد آخر.
قلت: قال الترمذي – رحمه الله-: "وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم، أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر، أو يكون على غير وضوء، أو أمرٌ لا بد منه"(109).
وذكر المباركفوري – رحمه الله-: أن الحديث يدل على أنه لا يجوز الخروج من المسجد، بعدما أذن فيه، إلا للضرورة، كمن كان جنباً، أو عليه حدث أصغر، أو الذي حصل له رعاف أو الحاقن، ونحوهم، وكذا من يكون إماماً لمسجد آخر، ومن في معناه(110).
12- تفقد النبي صلى الله عليه وسلم للجماعة في المسجد يدل على وجوب صلاة الجماعة؛ لحديث أبي بن كعب – رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً الصبح، فقال: ”أشاهد فلان؟“ قالوا: لا، قال: ”أشاهد فلان؟“ قالوا: لا، قال: ”إن هاتين الصلاتين(111) أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما، لأتيتموها ولو حبوا على الركب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى“(112).
13- إجماع الصحابة – رضي الله عنهم- على وجوب صلاة الجماعة؛ فقد ذكر الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى- إجماع الصحابة على وجوب صلاة الجماعة، وذكر نصوصهم في ذلك، ثم قال: "فهذه نصوص الصحابة كما تراها: صحةً وشهرةً، وانتشاراً، ولم يجيء عن صحابي واحد خلاف ذلك، وكل من هذه الآثار دليل مستقل في المسألة، لو كان وحده، فكيف إذا تعاضدت وتظافرت، وبالله التوفيق"(113).
وقال الترمذي – رحمه الله-: "وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له"(114). وقال بعض أهل العلم: هذا على التغليظ والتشديد ولا رخصة لأحد في ترك الجماعة إلا من عذر"(115).
وقال مجاهد: "وسئل ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل، ولا يشهد جمعة ولا جماعة؟ قال: هو في النار"(116).
قال الترمذي – رحمه الله-: "ومعنى الحديث: أن لا يشهد الجماعة والجمعة رغبة عنها، واستخفافاً بحقها، وتهاوناً بها"(117).
ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله :
ولقد عظم الله سبحانه وتعالى شأن الصلاة في الجماعة في كتابه العزيز وعظمه أيضاً رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فأمر سبحانه وتعالى بالمحافظة عليها وعلى أدائها في الجماعة قال سبحانه وتعالى: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ[1].
ومما يدل على وجوب أدائها في الجماعة قوله تعالى: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ[2] فأمر في أول الآية بإقامتها ثم أمر بالمشاركة للمصلين في صلاتهم بقوله: وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ. وقد أوجب سبحانه وتعالى أداء الصلاة في الجماعة حتى في الحرب فكيف بالسلم، قال تعالى: وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ[3] الآية. فلو كان أحد يسامح في ترك الصلاة مع الجماعة لكان المحاربون للعدو أولى بأن يسمح لهم.
وقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً أن يصلي بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم))[4] متفق عليه.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة، ويحط عنه سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) وفي رواية: (لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق علم نفاقه أو مريض، وإن كان المريض ليمشي بين الرجلين حتى يأتي الصلاة) وقال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه) وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رجلاً أعمى قال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((هل تسمع النداء بالصلاة قال: نعم، قال: فأجب))[5] والأحاديث الصحيحة الدالة على وجوب الصلاة في الجماعة وإقامتها في بيوت الله التي أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه كثيرة جداً.
فوائد ومنافع صلاة الجماعة:
يقول: د/ عبدالمجيد البيانوني:
هناك حقائقُ ومعانٍ تتحقّق للفرد والجماعة والأمّة في إقامة هذه الشعيرة العظيمة والمحافظة عليها ، هي أسباب رئيسة فيما ذُكر في الحديث من المضاعفة والدرجات ، وقد أشار إلى بعضها الإمام ابن حجر رحمه الله ولم يستوفها ، وهي أولى وأرجح مما ذكر من بعض الأمور الجزئيّة ، وبخاصّة ما لا يدخل منها في الصلاة نفسها ، ونجمل هذه الحقائق فيما يلي :
1 ـ تحقيق اجتماع كلمة المسلمين ، وتآلفهم وتآخيهم ، وتعاونهم على البرّ والتقوى .
2 ـ تثبيت قلوب المؤمنين ، وتقوية ضعفائهم ، واستبشارهم باجتماع كلمتهم ، وقيام كيان لهم ، وبخاصّة في البلاد التي يكونون فيها أقلّية مستضعفة .
3 ـ إظهار شوكة المسلمين أمام أعدائهم ، وإرهاب عدوّ الله وعدوّهم .
4 ـ الدعوة العمليّة لغير المسلمين إلى الإسلام ، عن طريق إظهار شعائر الدين ، وإسماعهم آيات الله ، ورؤيتهم عبادة المسلمين ، وما تشتمل عليه من فضائل دينيّة وتربويّة واجتماعيّة متعدّدة .
5 ـ ذوبان الفوارق الاجتماعيّة ، وتحقّق المساواة بين المسلمين ، ومواساة الفقراء والمحتاجين ، والتكافل الاجتماعيّ بين مختلف فئات الأمّة .
6 ـ التعارف بين المسلمين ، وما يترتّب عليه من أداء حقّ المسلم على المسلم في الحيّ الواحد ، من عيادة المريض ، وإغاثة اللهفان ، وتشييع الميّت ، والتعزية به ، والتهنئة بالأفراح والمشاركة فيها .
7 ـ أنّ صلاةَ الجماعةِ في المسجد سبيل التلقّي عن أهل العلم الثقات ، والتَّأسّي بهم في علمهم ودينهم ، وإشاعة العلم بالصَّلاة وأحكامها بين فئات الأمّة ، وتناقُل ذلك جيلاً بعْد جيل ، ممّا يُبعد الصلاة عن التحريف أو الابتِداعِ ، أو الخروج بهَا عَن هدي النبوَّة الثابت ..
وهذه من أهمّ الآثار والبَركات لصلاة الجماعة ، إذ لو تصوَّرنا الصلاة تُؤدَّى بغير جَماعة لكنّا نرى منها صوراً في هذا الزمان يتباين بعضها عن بعض أشدَّ التبايُن .
ويقول الشيخ/ عبدالله الجارالله:
فمن فوائد الصلاة بعد كونها عبادة لله...
1- أنها صلة بين العبد وربه ولذا سميت صلاة.
2- أنها تكفر الذنوب والآثام.
3- أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.
4- أنها نور في الوجه والقلب والقبر ويوم الحشر.
5- أن الصلاة للبدن والروح بمنزلة حقن صحية ووجبات غذائية.
6- أن الصلاة عمود الدين الإسلامي الذي يقوم عليه كعمود الخيمة.
7- أن الصلاة شعار المسلم فلا إسلام لمن ضيعها.
8- أنها بمنزلة الرأس من الجسد، فكما لا حياة لمن لا رأس له فلا دين لمن لا صلاة له.
9- أن الصلاة سبب المعونة على أمور الدين والدنيا )وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ... الآية(( البقرة (45).
10- أنها سبب للرزق كما قال تعالى: ))وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ.. الآية(( طه (132).
11- أن الصلوات الخمس واجبة على كل مسلم بالغ عاقل غير المرأة الحائض والنفساء لحاجتهم إليها.
12- أنها تجب على كل حال في الصحة والمرض والإقامة والسفر والأمن والخوف على قدر الاستطاعة كما تقدم.
13- أن الصلاة في المساجد مع الجماعة سبب للتعارف والتآلف والسلام والتعاون والمحبة.
14- أنها تزيد على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة للحديث الصحيح المتفق عليه.
15- أنها تمحى بها الخطايا وترفع بها الدرجات.
16- أنها دليل الإيمان وأمان من النفاق ))إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ(( التوبة (18).
17- أن المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة سبب السعادة في الدنيا والآخرة والسلامة من شقاوة الدنيا والآخرة ))وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ((. (118) المعارج (34- 35).
18- أن في أداء الصلاة رياضة للجسم ونشاط وصحة لما يقوم به المصلي من حركات متنوعة.
19- أن قبول الأعمال الأخرى موقوف على أداء الصلاة وقبولها لأنها عماد الدين الذي يقوم عليه.
20- أن الصلاة في المساجد مع الجماعة سبب لصلاة الملائكة على المصلي واستغفارهم له ما دام في المسجد قبل الصلاة وبعدها لحديث أبي هريرة رواه البخاري.
21- أنها رمز لوحدة المسلمين وجمع قلوبهم واتحاد صفوفهم، فالرب واحد والنبي واحد والقبلة واحدة والهدف واحد وهو طلب رضا الله وجنته والسلامة من عذابه وسخطه.
22- والصلاة مجلبة للرزق حافظة للصحة دافعة للأذى مقوية للقلب مبيضة للوجه مفرحة للنفس مذهبة للكسل منشطة للجوارح ممدة للقوى شارحة للصدر مغذية للروح منورة للقلب حافظة للنعمة دافعة للنقمة جالبة للبركة مبعدة من الشيطان مقربة من الرحمن لأنها صلة به عز وجل وعلى قدر صلة العبد بربه يفتح له من الخيرات أبوابها ويغلق عنه من الشرور أسبابها ويفيض عليه التوفيق والعافية والصحة والغنى والأفراح والمسرات كلها محضرة لديه ومسارعة إليه وبالله التوفيق(119).
و يقول الدكتور / سعيد بن علي القحطاني:
صلاة الجماعة فيها فوائد كثيرة، ومصالح عظيمة، ومنافع متعددة شرعت من أجلها، وهذا يدل على أن الحكمة تقتضي أن صلاة الجماعة فرض عين، ومن هذه الفوائد والحكم التي شرعت من أجلها ما يأتي:
1- شرع الله – عز وجل- لهذه الأمة الاجتماع في أوقات معلومة، منها ما هو في اليوم والليلة كالصلوات الخمس، ومنها ما هو في الأسبوع وهو صلاة الجمعة، ومنها ما هو في السنة متكرراً وهو صلاة العيدين لجماعة كل بلد، ومنها ما هو عامٌّ في السنة وهو الوقوف بعرفة؛ لأجل التواصل وهو الإحسان، والعطف، والرعاية؛ ولأجل نظافة القلوب، والدعوة إلى الله – عز وجل- بالقول والعمل.
2- التعبد لله تعالى بهذا الاجتماع؛ طلباً للثواب وخوفاً من عقاب الله ورغبة فيما عنده.
3- التوادد، وهو التحاب؛ لأجل معرفة أحوال بعضهم لبعض، فيقومون بعيادة المرضى، وتشييع الموتى، وإغاثة الملهوفين، وإعانة المحتاجين؛ ولأن ملاقاة الناس بعضهم لبعض توجب المحبة، والألفة.
4- التعارف؛ لأن الناس إذا صلى بعضهم مع بعض حصل التعارف، وقد يحصل من التعارف معرفة بعض الأقرباء فتحصل صلته بقدر قرابته، وقد يعرف الغريب عن بلده فيقوم الناس بحقه.
5- إظهار شعيرة من أعظم شعائر الإسلام؛ لأن الناس لو صلوا كلهم في بيوتهم ما عرف أن هنالك صلاة.
6- إظهار عز المسلمين، وذلك إذا دخلوا المساجد ثم خرجوا جميعاً، وهذا فيه إغاظة لأهل النفاق والكافرين، وفيه البعد عن التشبه بهم والبعد عن سبيلهم.
7- تعليم الجاهل؛ لأن كثيراً من الناس يستفيد مما شرع في الصلاة بواسطة صلاة الجماعة، ويسمع القراءة في الجهرية فيستفيد ويتعلم، ويسمع أذكار أدبار الصلوات فيحفظها، ويقتدي بالإمام ومن بجانبه وأمامه فيتعلم أحكام صلاته، ويتعلم الجاهل من العالم.
8- تشجيع المتخلف عن الجماعة، والقيام بإرشاده وتوجيهه، والتواصي بالحق والصبر عليه.
9- تعويد الأمة الإسلامية على الاجتماع وعدم التفرق؛ فإن الأمة مجتمعة على طاعة ولي الأمر، وهذه الصلاة في الجماعة ولاية صغرى؛ لأنهم يقتدون بإمام واحد يتابعونه تماماً، فهي تشكل النظرة العامة للإسلام.
10- تعويد الإنسان ضبط النفس؛ لأنه إذا اعتاد على متابعة الإمام متابعة دقيقة، لا يكبر قبله، ولا يتقدم ولا يتأخر كثيراً، ولا يوافقه بل يتابعه تعود على ضبط النفس.
11- استشعار المسلم وقوفه في صف الجهاد كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [سورة الصف، الآية: 4]. فهؤلاء الذين صاروا صفّاً في الجهاد لا شك أنهم إذا تعودوا ذلك في الصلوات الخمس سوف يكون ذلك وسيلة إلى ائتمامهم بقائدهم في صف الجهاد، فلا يتقدمون ولا يتأخرون عن أوامره.
12- شعور المسلمين بالمساواة، وتحطيم الفوارق الاجتماعية؛ لأنهم يجتمعون في المسجد: أغنى الناس بجنب أفقر الناس، والأمير إلى جنب المأمور، والحاكم إلى جنب المحكوم، والصغير إلى جنب الكبير، وهكذا، فيشعر الناس بأنهم سواء، فتحصل بذلك الألفة؛ ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمساواة الصفوف حتى قال: ”ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم“(120).
13- تفقد أحوال الفقراء، والمرضى، والمتهاونين بالصلاة؛ فإن الناس إذا رأوا الإنسان يلبس ثياباً بالية وتبدو عليه علامات الجوع رحموه، وأحسنوا إليه، وإذا تخلف بعضهم عن الجماعة عرفوا أنه كان مريضاً، أو عاصياً فينصحوه فيحصل التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
14- استشعار آخر هذه الأمة بما كان عليه أولها؛ لأن الصحابة كانوا يقتدون بالرسول صلى الله عليه وسلم فيستشعر الإمام أنه في مقام الرسول صلى الله عليه وسلم ويستشعر المأموم أنه في مقام الصحابة – رضي الله عنهم- وهذا يعطي الأمة الحرص على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
15- اجتماع المسلمين في المسجد راغبين فيما عند الله من أسباب نزول البركات.
16- يزيد نشاط المسلم فيزيد عمله عندما يشاهد أهل النشاط في العبادة، وهذا فيه فائدة عظيمة.
17- تضاعف الحسنات ويعظم الثواب.
18- الدعوة إلى الله – عز وجل- بالقول والعمل، إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة(121).
19- اجتماع المسلمين في أوقات معينة يربيهم على المحافظة على الأوقات.
مزايا الصلاة وآثارها الإيمانيّة والتربويّة :
يقول : الشيخ/ عبدالله الجارالله:
مزايا الصلاة على سائر العبادات:
وللصلاة من المزايا ما ليس لغيرها من سائر العبادات فمنها:
1- أن الله سبحانه وتعالى تولى فرضيتها على رسوله صلى الله عليه وسلم بمخاطبته له ليلة المعراج من غير واسطة الملك جبرائيل كسائر العبادات.
2- أن الصلاة أكثر الفرائض ذكرًا في القرآن فتارة يخصها بالذكر وتارة يقرنها بالزكاة وتارة يقرنها بالصبر وتارة يقرنها بالنسك وتارة يفتتح بها أعمال البر ويختتمها بها كما في آيات (المعارج) وكما في أول سورة (المؤمنون).
3- أن الصلاة أول ما أوجب الله على عباده من العبادات العملية فإن وجوبها قبل وجوب الزكاة والصيام والحج.
4- أن وجوبها عام على الذكر والأنثى والحر والعبد والغني والفقير والمقيم والمسافر والصحيح والمريض فلا تسقط الصلاة عنه ما دام عقله ثابتا.
5- أنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة وآخر ما يفقده من دينه.
6- أنها قوام الدين وعماده فلا يستقيم دين إلا بها كما في الحديث «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة» فمتى سقط العمود ذهب الدين والحديث رواه الترمذي وصححه.
7- أن الرسول صلى الله عليه وسلم اهتم بها اهتمامًا عظيمًا فهي آخر ما أوصى به أمته عند مفارقته الدنيا جعل يقول: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم» رواه أحمد وغيره.
8- أن الله أوجبها في اليوم والليلة خمس مرات بخلاف غيرها من بقية الأركان.
وبالجملة فأمر الصلاة عظيم وشأنها كبير فقبول سائر الأعمال موقوف على فعلها فلا يقبل الله من تاركها صومًا ولا حجًا ولا صدقةً ولا جهادًا ولا شيئًا من الأعمال فيجب على المسلمين جميعا الاعتناء بها والمحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة في المساجد ليفوزوا بعظيم الأجر والثواب المرتب عليها وليسلموا من الإثم والعقاب المعد لمن ضيعها قال تعالى: ((إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ))(122).
وقال تعالى: ((وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ))(123).
اللهم اجعلنا وجميع المسلمين من المحافظين على الصلوات المكرمين بنعيم الجنات وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم(124).
ويقول : د/ عبدالمجيد البيانوني:
ـ وأما أهمّ آثار صلاة الجماعة الإيمانيّة والتربويّة :
فليست العبادة في ديننا رموزاً مغلقة ، أو رسوماً جامدة ، يؤدّيها العابد بحركات جسمه فلا تتجاوزها ، وتنفصم عن عرا فكره فلا ترقى إليها ، وإنما جعلها الله سبحانه شاملة جامعة ، يشترك في أدائها عقل العابد وجسده ، وروحه وفكره ، وتشدّ إليها عواطفه ومشاعره ، كما تنبثق عنها تصوّراته وتأمّلاته ، وتنتظم حياة المجتمع كما تصطبغ بها حياة الفرد ، حتى وسائل العبادة فقد حوت تلك المقاصد ، وسمت إلى هاتيك المشاهد .
فلا عجب أن يكون لصلاة الجماعة ، وكذلك لكلّ لقاء إيمانيّ أو عباديّ في بيوت الله تعالى ، أن يكون لذلك آثاره الإيمانيّة والتربويّة ، على مستوى الفرد والمجتمع وهذه الآثار تتداخل مع ما ذكر سابقاً من فضلها ومكانتها في دين الله ، وإن كان لا بدّ من توجيه النظر إلى الجانب الأول لأهمّيته في تربية الفرد والأمّة على فضائل الإسلام وقيمه وآدابه ، لتكون الأمّة قويّة الأركان متماسكة البنيان ، يتحقّق فيها الوعد الإلهيّ الكريم : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ، تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ ، وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ .. (110) } [ آل عمران ] .
وها نحن أولاء نعدّد أهمّ هذه الآثار الإيمانيّة والتربويّة ، وقد سبق أن ذكرنا قريباً بعض هذه الحقائق والمعاني ، عند ذكر الأمور التي توجب مضاعفة الأجر على صلاة الجماعة ومناقشتها (125) .
1 ـ فمن هذه الآثار الإيمانيّة والتربويّة : أن لاجتماع المسلمين راغبين في الله راهبين ، خائفين راجين ، مسلمين وجوههم إليه ، متوكّلين بقلوبهم عليه خاصّية عجيبة في نزول البركات ، وتدلّي الرحمات ، ورفع البلاء عن الأمّة ، وهذا من أسرار دعاء الاستسقاء ومشروعيّته في جماعة ، ومن أسرار اجتماع الأمّة في الحجّ .
2 ـ ومنها التشجيع على العبادة ، والمحافظة على الصلوات ، والتنافس في إحسانها وإتقانها ، والإكثار منها ، وإصلاح ما قد يطرأ عليها من فساد أو خلل للانفراد أو الجهل ، وتعلّم ما فات من أحكامها وآدابها ، وأذكارها وقراءاتها .
3 ـ ومنها الحظوة بلقاء العلماء الفقهاء ، والعبّاد المخلصين ، والتأسّي بهم ، ومجالستهم وصحبتهم ، والانتفاع بنصحهم وتوجيههم .
4 ـ ومنها أنّ إخلاص بعض المخلصين ، وإخباتهم وخشوعهم ، يؤثّر في الجماعة كلها ، ويوقظ النفوس الخامدة ، ويحرّك الهمم الفاترة ، وقد يكون سبباً في قبول عبادة الجميع ، والعفو عما فيها من ضعف أو خلل أو تقصير ، ويؤيّد ذلك المنقول والمعقول ، لأن أهل الإيمان والاستقامة ، والإخلاص والخشوع قوم لا يشقى بهم جليسهم ، كما جاء ذلك في الحديث الصحيح (126) .
5 ـ ومنها تعويد المؤمن على النظام والانتظام ، فهو يؤدّي الصلاة على وقتها ، أما الذي لا يصلّي مع الجماعة فمشاغل الحياة وهمومها تدفعه إلى تأخيرها عن أول وقتها ، ثمّ لا يزال يؤخّر ويتمادى به الأمر حتى تتعرّض الصلاة إلى التضييع والتفريط ، عدا عما تصطبغ به حياته من الفوضى والاضطراب ؛ فهو تارة يصلّي في أول الوقت وتارة يصلّي في آخره ، وتارة يصلّي قبل النوم ، وتارة يصلّي بعده ، ولن يسلم من تضييع الصلاة في بعض الأوقات .
6 ـ ومنها تربية المؤمن وتعويده على الطاعة والانقياد ، عندما تنتظم وقفته في الصفّ ، فيحرص على تسوية الصفّ ، ولا يقف متقدّماً ولا متأخّراً ، ويتابع الإمام في حركاته ، فلا يسبقه ، ولا يتأخّر عنه إلا بقدر يسير مسموح به .
وقد أكّد النبيّ صلى الله عليه وسلم على هذه الحقائق والمعاني بحثّه الشديد الدائم على ضرورة تسوية الصفوف الأول فالأول ، وعلى دقّة الاتّباع لحركات الإمام والتأسيّ به ، وعدم الخروج عن متابعته ووصل الصفّ ، ولين المؤمن في أيدي إخوانه فلا يأنف من نصحهم وإرشادهم .
ففي الحديث عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لتسوّنّ صفوفكم ، أو ليخالفنّ الله بين وجوهكم ) (127) .
وفي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أقيموا الصفوف ، وحاذوا بين المناكب ، وسدّوا الخلل ، ولينوا بأيدي إخوانكم ، ولا تذروا فُرُجات للشيطان ، ومن وصل صفّاً وصله الله ومن قطع صفّاً قطعه الله ) (128) .
الأعذار المبيحة لترك صلاة الجماعة:
يقول الشيخ : عبدالله بن صالح الفوزان:
ولقد زهد في هذا الثواب العظيم كثير من الناس في زماننا هذا مع كثرة المساجد وقربها من البيوت، فصاروا يتخلفون عن صلاة الجماعة عموماً، أو عن صلاة الفجر خصوصاً، ثم يذكرون أعذاراً لا تنفعهم عند الله، وهم يتقلبون في نعم الخالق من المال والصحة والمسكن والأمن.
إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص لعبد الله بن أم مكتوم – رضي الله عنه – في التخلف عن صلاة الجماعة، مع وجود أعذار ستة، دلت عليها النصوص(129)، وإليك بيانها؛ لتعلم تأكيد الإسلام لصلاة الجماعة، ولتعلم أن هذه الأعذار لو كانت موجودة لديك فلا رخصة لك في التخلف، ولو وجد عذر واحد فقط فلا رخصة لك من باب أولى، فكيف وليس لك عذر؟! اقرأها أو اسمعها وكن منصفاً . . :
العذر الأول: كونه فاقد البصر.
العذر الثاني: عدم وجود قائد يرافقه إلى المسجد. وقد دل على هذين العذرين حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: أتى النبّي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد. فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال: "هل تسمع النداء بالصلاة"؟ فقال: نعم، قال: "فأجب"(130).
العذر الثالث: بُعْدُ داره عن المسجد. وقد دل عليه ما رواه عبد الله ابن أم مكتوم – رضي الله عنه – أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني رجل ضَريرُ البصر، شاسع الدار، ولي قائد لا يلاومني (لا يلايمني) فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟
قال: "هل تسمع النداء"؟
قال: نعم.
قال: "لا أجد لك رخصة"(131).
ما أعظم صلاة الجماعةَ! إنه أعمى، وداره بعيدة، ولا قائد له، لكن يجب عليه أن يصلي في المسجد ما دام أنه يسمع النداء. نعم داره بعيدة، وله عذر، فكيف بمن داره قريبة، وهو مبصر، وصوت المؤذن يخترق أجواء بيته؟؟ ورحم الله الإمام ابن خزيمة على تبويبه لهذا الحديث بقوله: (باب أمر العميان بشهود صلاة الجماعة وإن كانت منازلهم نائية عن المسجد لا يطاوعهم قائدهم بإتيانهم إياهم المساجد. والدليل على أن شهود الجماعة فريضة لا فضيلة، إذ غير جائز أن يقال: "لا رخصة في ترك الفضيلة")(132).
العذر الرابع: وجود شجر ونخل بينه وبين المسجد. وقد دل على ذلك ما رواه أم مكتوم – أيضاً – رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المسجد، فرأى في القوم رقّة فقال: "إن لأَهُمُّ أن أجعل للناس إماماً، ثم أخرج فلا أقدر على إنسان يتخلف عن الصلاة في بيته إلا أحرقته عليه". فقال ابن أم مكتوم – رضي الله عنه -: يا رسول الله! إن بيني وبين المسجد نخلا وشجراً، ولا أقدر على قائد كل ساعة، أيسعني أن أصلي في بيتي؟ قال: "أتسمع الإقامة"؟ قال: نعم، قال: "فأتها"(133).
العذر الخامس: وجود الهوام والسباع في المدينة. وقد دل على ذلك ما رواه ابن أم مكتوم – أيضاً – رضي الله عنه، قال: يا رسول الله! إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "تسمع حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح. فحيّ هلا"(134) أي: أقبل وأجب.
العذر السادس: كبر سنة ورق عظمه. وقد دل عليه ما ورد عن أبي أمامة – رضي الله عنه – قال: أقبل ابن أم مكتوم – رضي الله عنه، وهو أعمى، وهو الذي نزل فيه: ((عبس وتولى (1) أن جاءه الأعمى))(135) وكان رجلاً من قريش – إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له: يا رسول الله! بأبي وأمي، أنا كما تراني، قد دَبَرَتْ سني، ورقّ عظمي، وذهب بصري، ولي قائد لا يلايمني قيادتي إياي، فهل تجد لي من رخصة أصلي في بيتي الصلوات؟
قال: "هل تسمع المؤذن من البيت الذي أنت فيه"؟
قال: نعم. يا رسول الله!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما أجد لك من رخصة. ولو يعلم هذا المتخلف عن الصلاة في الجماعة ما لهذا الماشي إليها لأتاها ولو حبوا على يديه ورجليه"(136).
إن جميع ما تقدم دليل واضح وبرهان قاطع على أن حضور الجماعة في المساجد واجب، وأنه لا رخصة في التخلف عنها إلا من عذر يمنع الحضور، ولو كان التخلف سائغاً أو الحضور ندباً لكان أولى من يسعه التخلف عنها أهل الضرر والضعف، ومن كان في مثل حال ابن أم مكتوم – رضي الله عنه -، وإذا كان الأعمى لا رخصة له فالبصير أولى بأن لا تكون له رخصة(137).
إن الجماعة في نظر الشارع هي جماعة المسجد لا جماعة البيوت ولا غيرها.والتضعيف خاص بجماعة المسجد – كما تقدم – ومن صلى في بيته مع أهله أو غيره واعتقد أنه صلى في جماعة وأنه ينال التضعيف فاعتقاده بمعزل عن الصواب. ومما يدل على أن الجماعة تكون في المساجد دون البيوت أن السلف من الصحابة – رضي الله عنهم –
ومن بعدهم إذا طمعوا في إدراك جماعة المسجد لم يكونوا يصلونها في البيوت، بل كان الواحد منهم إذا فاتته الجماعة في مسجده ذهب إلى آخر. قال البخاري – رحمه الله – في صحيحه: (وكان الأسود إذا فاتته الجماعة ذهب إلى مسجد آخر)(138). وعن معاوية بن قرّة قال: (كان حذيفة – رضي الله عنه – إذا فاتته الصلاة في مسجد قومه يعلق نعليه ويتبع المساجد حتى يصليها في جماعة)(139). وهكذا فعل سعيد بن جبير رحمه الله تعالى(140).
فيا أخي حافظ على صلاة الجماعة، وكن من عمار بيوت الله تعالى، وبادر لحضور المسجد، ففي ذلك الأجر العظيم، والخير الكثير في الدنيا والآخرة، وإياك والكسل في عبادة عظيمة، هي من أشرف العبادات وأفضل الطاعات، وستجد – إن شاء الله – ثواب صلاتك، ومحافظتك على الجماعة أحوج ما تكون إليه. والله يتولى
الصالحين. .
ويقول الدكتور / سعيد بن علي القحطاني:
يعذر في ترك الجماعة بأشياء، هي على النحو الآتي:
* الخوف أو المرض؛ لحديث ابن عباس – رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر“(141).
* المطر، أو الدحض(142)؛ لحديث ابن عباس – رضي الله عنهما- أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: ”إذا قلت أشهد أن محمداً رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم، فكأن الناس استنكروا، فقال: فعله من هو خير مني...“(143).
* الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة؛ لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما- أنه أذَّن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح، فقال: ألا صلوا في رحالكم(144) ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر، يقول: ”ألا صلوا في الرحال“ وفي لفظ للبخاري: ”أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر مؤذناً يؤذن، ثم يقول على إثره: "ألا صلوا في الرحال" في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر“ وفي لفظ لمسلم: "أن ابن عمر نادى بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ومطر، فقال في آخر ندائه: ألا صلوا في رحالكم ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة، أو ذات مطر في السفر أن يقول: "ألا صلوا في رحالكم"(145).
وعن جابر – رضي الله عنه- قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فمطرنا، فقال: ”ليصلِّ من شاء منكم في رحله“(146) والأفضل أن يأتي بألفاظ الأذان كاملة ثم يقول: ”صلوا في بيوتكم“. أو يقول: ”صلوا في رحالكم“(147).
* حضور الطعام ونفسه تتوق إليه؛ لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه، وإن أقيمت الصلاة“(148)؛ ولحديث عائشة – رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعشاء“(149).
* مدافعة الأخبثين [البول والغائط]؛ لحديث عائشة – رضي الله عنها- قالت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان“(150).
* يكون له قريب يخاف موته ولا يحضره؛ لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما- أنه ذكر له أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل – وكان بدريّاً- مرض في يوم جمعة فركب إليه بعد أن تعالى النهار، واقتربت الجمعة وترك الجمعة(151).
وعن أبي الدرداء – رضي الله عنه- قال: "من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ"(152).
فظهر أنه يتعذر بترك الجماعة بثمانية أشياء:
المرض، والخوف على النفس، أو المال، أو العرض، والمطر، والدحض [الوحل]، والريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة، وحضور الطعام والنفس تتوق إليه، ومدافعة الأخبثين أو أحدهما، وأن يكون له قريب يخاف موته ولا يحضره. وتقدمت الأدلة على كل مسألة من هذه الأشياء(153).
نصيحة للمتخلفين:
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله:
وفي إقامة الصلاة في الجماعة فوائد كثيرة منها التعارف والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه. وتعليم الجاهل وإظهار شعائر الله. وإغاظة أهل النفاق والبعد عن سبيلهم ومعرفة المتخلف ونصحه وإرشاده إن كان ذلك تكاسلاً منه وبدون عذر أو عيادته إن كان مريضاً إلى غير ذلك من الفوائد.
وقد يؤدي التخلف عن أدائها في الجماعة والعياذ بالله إلى تركها بالكلية ومن المعلوم أن ترك الصلاة كفر وضلال وخروج عن دائرة الإسلام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) خرجه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه. وقال صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر))
والمتخلف عن الصلاة قد ارتكب كبيرة من الكبائر وعرض نفسه لغضب الله تعالى وقد توعده الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز قال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ، وقال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا، وهذا قيل إنه في شأن من أخرها عن وقتها. أما تاركها بالكلية فهو كافر لا شك في كفره للنصوص الواردة في ذلك كما مر في الأحاديث السابقة، ولقوله تعالى: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ.
فالواجب على كل مسلم أن يحافظ عليها في أوقاتها وأن يقيمها كما شرع الله سبحانه وتعالى وأن يؤديها مع إخوانه في الجماعة في بيوت الله طاعة لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحذراً من غضب الله وأليم عقابه، وابتعاداً عن مشابهة المشركين. وعليه العناية بذلك والمبادرة إليه وأن يوصي أبناءه وأهل بيته وأقرباءه وجيرانه وسائر إخوانه المسلمين بذلك امتثالاً لأمر الله ورسوله وحذراً مما نهى الله ورسوله عنه.
ويقول: الشيخ / عبدالله الجارالله:
نصيحة لمن يتخلف عن أداء الصلاة مع الجماعة
أخي الكريم، يؤسفني، ويحزُّ في نفسي، ويؤلم قلبي إصرارُكم على التخلُّفِ عن أداء الصلاة مع الجماعة في المسجد، على الرغم من أنكم تتمتَّعون بالصحة والعافية، والعقل والسمع والبصر، والعلم والمعرفة، وغير خافٍ عليكم أنكم مخلوقون للعبادة، والصلاةُ أم العبادات، وتعلمون أن الصلوات الخمس واجبةٌ على كل مسلم بالغٍ عاقل، غيرَ المرأةِ الحائض والنفساء، وأنها تجب على كل حالٍ، في الصحة والمرض، والإقامة والسفر، والأمن والخوف على قدر الاستطاعة؛ قال : ((صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنبك))؛ رواه البخاري وأهل السنن، وزاد النسائي: ((فإن لم تستطع فمستلقيًا)) ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾.
وغير خافٍ عليك أنه يجب على الرجل المسلم أداءُ الصلاة في أوقاتها مع الجماعة في المساجد التي بُنيتْ لأجلها، وشرع الأذان لأجلها؛ ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [النور: 36]، ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ [التوبة: 18]، وتعلم أن الصلاة تكفِّر الذنوبَ والآثام، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وأن تارك الصلاة محكومٌ بكفره، وقتله، وعدم تزويجه المرأة المسلمة، وأنه إذا مات كافرًا بترك الصلاة لا يُغسَّل، ولا يكفَّن، ولا يصلَّى عليه، ولا يدفَن في مقابر المسلمين، إلا من تاب، تاب الله عليه وهو التواب الرحيم والرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل.
وتعلم أن الحياة محدودة، والأنفاس معدودة، وأن الموت يأتي فجأة، وليس بعد الموتِ إلا الجنةُ في نعيمٍ أبدي، أو النارُ في عذاب سرمدي - أعاذنا الله والمسلمين منها - ومن أسباب دخول النار تركُ الصلاة؛ قال - تعالى -: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ [المدثر: 42، 43]، وقال - تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6]، ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طه: 132]، ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [إبراهيم: 31]، ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾ [المعارج: 34، 35].
اللهم اجعلنا وجميع المسلمين من المحافظين على الصلوات، المكرمين بنعيم الجنات، برحمتك يا أرحم الراحمين، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
***
المراجع:
كتاب صلاة الجمـاعـة مفهوم، وفضائل، وأحكام، وفوائد، وآداب في ضوء الكتاب والسنة للدكتور : سعيد بن علي بن وهف القحطاني
كتاب أحكام حضور المساجد للشيخ: عبدالله صالح الفوزان
كتاب تذكرة العابد بحقوق المساجد للدكتور: عبدالمجيد البيانوني
كتاب الصلاة الكاملة وآثارها في حياة المسلم للشيخ: عبدالله بن جار الله الجارالله
كتاب من أحكام الطهارة والصلاة للشيخ: عبدالله الجارالله
موقع الشيخ ابن باز رحمه الله
([1]) مسلم، برقم 1431، وتقدم تخريجه في أول الصلاة.
(2) انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، باب الصاد مع اللام، 3/50، ولسان العرب لابن منظور، باب اللام فصل الصاد، 14/464، والتعريفات للجرجاني ص174.
(3) انظر: المغني لابن قدامة، 3/5، والشرح الكبير 3/5، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف مع الشرح الكبير 3/5، والتعريفات للجرجاني ص174.
(4) انظر: شرح العمدة، لشيخ الإسلام ابن تيمية، 2/30.
(5) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، 1/156، وصلاة الجماعة للأستاذ الدكتور، صالح السدلان، ص14.
6 متفق عليهما.
7 رواه مسلم.
(8) انظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/347، وسب السلام للصنعاني، 3/67.
(9) متفق عليه: البخاري كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة، برقم 645، ومسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاة الجماعة، برقم 650.
(10) البخاري، كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة، برقم 646.
(1[1]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم 648، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم 649.
([1]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/158، وسبل السلام للصنعاني، 3/66.
(12) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/222-223.
(13) شرح النووي على صحيح مسلم، 5/156-157، وانظر: فتح الباري لابن حجر، 2/133-134، ونيل الأوطار للشوكاني، 2/346.
(14) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام لابن حجر، الحديث رقم 421، 422، 423، وقال رحمه الله في تعليقه على جميع الحافظ ابن حجر في فتح الباري، 2/134: "وفي هذا الترجيح نظر، والأظهر عموم الحديث لجميع الصلوات الخمس، وذلك من زيادة فضل الله سبحانه لمن يحضر الصلاة في الجماعة. والله أعلم.
(15) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/158.
(16) سمعته من سماحته أثناء تقريره على الحديث رقم 421، 422 ،423 من بلوغ المرام.
(17) انظر: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/236، وكتاب الصلاة لابن القيم، ص85، والاختيارات العلمية من الاختبارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص102، والإحكام شرح أصول الأحكام للعلامة عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، 1/346، وحاشية الروض المربع له، 2/260، والشرح الممتع لابن عثيمين 4/206.
(18) البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم 2996.
(19) كذئب الغنم: يعني أن الشيطان مفسد للإنسان مهلك له، بإغوائه كإفساد الذئب إذا أرسل في قطيع من الغنم. الفتح الرباني مع بلوغ الأماني، للبناء، 5/175.
(20) الناحية، التي غفل عنها وبقيت في جانب منفرد، الفتح الرباني مع بلوغ الأماني، 5/176.
(21) وعليكم بالجماعة: أي الزموا ما عليه جماعة أهل السنة في كل شيء، ومن ذلك الجماعة في الصلاة، الفتح الرباني مع بلوغ الأماني، 5/176.
(22) أخرجه أحمد في المسند، 5/243، وقال عنه البناء في بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني، 5/176: "وسنده جيد".
(23) أبو داود، برقم 547، والنسائي، برقم 847، وأحمد، 6/446، وتقدم تخريجه في وجوب صلاة الجماعة.
(24) أبو داود، برقم 554، والنسائي، برقم 843، وتقدم تخريجه في وجوب صلاة الجماعة.
(25) الترمذي، كتاب الصلاة، باب فضل التكبيرة الأولى، برقم 241، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 2652، وبرقم 1979، وفي صحيح سنن الترمذي، 1/77، وفي صحيح الترغيب والترهيب، 1/165، برقم 407.
(26) انظر: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للمباركفوري، 2/45.
(27) في ذمة الله: ضمان الله، وقيل: أمان الله، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/164.
(28) يكبه: يقلبه فيها على وجهه. المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي، 2/282.
(29) مسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة، برقم 657.
(30) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/282.
(31) انظر: الترغيب والترهيب للمنذري، 1/365، برقم 647، وصحيح الترغيب والترهيب للألباني، 1/170، برقم 418، ومجمع الزوائد للهيثمي، 2/41.
(32) الترمذي، برقم 586، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 1/181، وسمعت الإمام ابن باز يحسنه لكثرة طرقه. وتقدم تخريجه في فضل صلاة الضحى.
(33) مسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة، برقم 656.
(34) أبو داود، كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم 555، والترمذي، كتاب الصلاة، باب فضل العشاء والفجر في جماعة، برقم 221، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/111.
(35) انظر: مختصر سنن أبي داود للمنذري، 1/293، والترغيب والترهيب للمنذري، 1/343، وفيض القدير للمناوي، 6/165، وتحفة الأحوذي للمباركفوري 1/13.
(36) انظر: صحيح ابن خزيمة، 2/365.
(37) متفق عليه، البخاري برقم 644، ومسلم برقم 651، وتقدم تخريجه في وجوب صلاة الجماعة.
(38) متفق عليه: البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، برقم 555، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، برقم 632.
(39) شرح النووي على صحيح مسلم، 5/138.
(40) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/138.
(41) لا تضامون: أي لا يلحقكم ضيم وهو المشقة، وفي رواية بتشديد الميم (تضامُّون: أي لا ينضم بعضكم إلى بعض بل كل يراه منفرداً، وجاء "هل تضارُّن" أي لا تضارن غيركم في حالة الرؤية، وكل هذا صحيح. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 3/18.
(42) متفق عليه، البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، برقم 554، ومسلم واللفظ له، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الصبح والعصر والمحافظة عليهما، برقم 633، والآية من سورة طه 130، أما في صحيح البخاري فقرأ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} سورة ق، الآية:39.
(43) مسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، برقم634.
(44) متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة الفجر، برقم 574، ومسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر، برقم 635.
(45) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/262.
(46) البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم 553.
(47 متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب إثم من فاتته العصر، برقم 556، ومسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر، برقم 535.
(48) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/252.
(49) أحمد في المسند، 2/50، وقال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 1/337: "رواه أحمد بإسناد حسن، وكذلك رواه الطبراني بإسناد حسن"، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/163، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 1652، وصحيح الجامع الصغير برقم 1816.
(50) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة، برقم 647، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة، برقم 649.
(51) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/290.
(52) متفق عليه: البخاري، برقم 647، ومسلم، برقم 649، وتقدم تخريجه آنفا.
(53) سمعته منه أثناء تقرير سماحته على صحيح البخاري، الحديث رقم 4119.
(54) سورة النساء: الآية 102.
(55) انظر: كتاب الصلاة لابن القيم ص (112)، ومجموع الفتاوى (23/227).
(56) انظر: كتاب الصلاة ص (137).
(57) سورة البقرة: الآية 43.
(58) زاد المسير (1/75)، بدائع الصنائع (1/155)، وانظر: كتاب الصلاة لابن القيم ص(113).
(59) سورة القلم: الآيتان 42 – 43.
(60) تفسير ابن كثير (8/225).
(61) كتاب الصلاة لابن القيم ص(112).
(62) أخرجه البخاري برقم (626)، ومسلم رقم (651).
(63) انظر كتاب الصلاة لابن القيم ص(114)، وانظر فتح الباري (2/141).
(64) رواه مسلم رقم (654).
(65) انظر كتاب الصلاة لابن القيم ص(120).
(66) اتفق علماء الإسلام على أن إقامة الصلوات الخمس في المساجد هي من أعظم العبادات، وأجل القربات، ولكن تنازع العلماء بعد ذلك في كونها، واجبة على الأعيان، أو على الكفاية، أو سنة مؤكدة على النحو الآتي:
1- فرض عين، وهذا المنصوص عن الإمام أحمد وغيره من أئمة السلف وفقهاء الحديث.
2- فرض كفاية، وهذا المرجح في مذهب الشافعي، وقول بعض أصحاب مالك وقول في مذهب أحمد.
3- سنة مؤكدة، وهذا هو المعروف عن أصحاب أبي حنيفة، وأكثر أصحاب مالك، وكثير من أصحاب الشافعي، ويذكر رواية عن أحمد.
4- فرض عين وشرط في صحة الصلاة، وهو قول طائفة من قدماء أصحاب أحمد وطائفة من السلف، واختاره ابن حزم وغيره، ويذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية في أحد قوليه كما في الاختيارات الفقهية ص103، وعن تلميذه ابن القيم كما في كتاب الصلاة ص82-87 والقول الصواب هو الأول والله أعلم.
انظر: كتاب المجموع شرح المهذب للشيرازي، للإمام النووي، 4/87، والمغني لابن قدامة، 3/5، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/225- 254، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، للمرداوي، مع المقنع والشرح الكبير، 4/265، ونيل الأوطار للشوكاني، 2/340، والأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص103، وكتاب الصلاة لابن القيم ص 69-86، وصلاة الجماعة للأستاذ الدكتور صالح بن غانم السدلان، ص61-72، وأهمية صلاة الجماعة للأستاذ الدكتور فضل إلهي ص41-110، وفتاوى الإمام ابن باز 12/7، والشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين، 4/204، والإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم 1/239.
(67) متفق عليه: البخاري، كتاب التفسير، تفسير سورة {ن وَالْقَلَمِ} باب "يوم يكشف عن ساق" برقم 4919، وكتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} برقم 7439، ومسلم، كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة، برقم 182.
(68) انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، 3/114.
(69) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب من قال يؤذن في السفر مؤذن واحد، برقم 628، ومسلم، كتاب المساجد، باب من أحق بالإمامة، برقم 674.
(70) أخالف إلى رجال: أي أذهب إليهم، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/160.
(71) عَرقا: العرق: العظم بما عليه من بقايا اللحم بعدما أخذ عنه معظم اللحم. جامع الأصول لابن الأثير، 5/568.
(72) المرماة: قبل هو ما بين ظلفي الشاة، وقيل: سهمان يرمي بهما الرجل. انظر جامع الأصول لابن الأثير، 5/568.
(73) حبواً: الحبو حبو الصبي الصغير على يديه ورجليه، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/160.
(74) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب صلاة الجماعة، برقم 644، ومسلم، كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم 651.
(75) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/161.
(76) مسلم، كتاب المساجد، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء، برقم 653.
(77) أبو داود، كتاب الصلاة، باب في ترك الجماعة، برقم 552، وقال العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود: "حسن صحيح" 1/110.
(78) "حي" أي هلمَّ، وكلمة "هلا" بمعنى عجل وأسرع. جامع الأصول لابن الأثير، 5/566]“ [أبو داود، كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجماعة، برقم 553، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/110.
(79) انظر: كتاب الصلاة لابن القيم ص76، وصحيح الترغيب والترهيب للألباني ص173.
(80) ابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم 793، والدارقطني في سننه، 1/420 برقم 4، وابن حبان "الإحسان" 5/415 برقم 2064، والحاكم وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، 1/245، وأخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجماعة، برقم 551، وصححه ابن القيم في كتاب الصلاة، ص76، والألباني في صحيح سنن ابن ماجه 1/132، وصحيح سنن أبي داود 1/110، وفي إرواء الغليل 2/327، وسمعت الإمام ابن باز أثناء تقريره على الحديث رقم 427 من بلوغ المرام يقول: "لا بأس به على شرط مسلم" وهذا كما قال الحافظ ابن حجر في البلوغ: "وإسناده على شرط مسلم".
(81) سمعته من سماحته أثناء تقريره على بلوغ المرام الحديث رقم 427.
(82) سنن الهدى، روي بضم السين وفتحها وهما بمعنى متقارب، أي طرائق الهدى والصواب. شرح النووي على صحيح مسلم، 5/162.
(83) وفي رواية أبي داود برقم 550 "ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم" . قال الألباني في صحيح سنن أبي داود" لضللتم" وهو المحفوظ، 1/110.
(84) يهادى: أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/162.
(85) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم 654.
(86) انظر: كتاب الصلاة، لابن القيم ص77.
(87) شرح النووي على صحيح مسلم، 5/162.
(88) لا يقربون المساجد إلا هجراً: يعني لا يقربون المساجد بل يهجرونها، انظر: شرح المسند، لأحمد شاكر، 15/51.
(89) دَبْراً: أي آخراً، حين كاد الإمام أن يفرغ. شرح المسند، لأحمد شاكر، 15/61.
(90) خشب بالليل: أي ينامون الليل لا يصلون، شبههم في تمددهم نياماً بالخشب المطرحة، شرح المسند لأحمد شاكر، 15/51.
(91) صخب: سخب وصخب: الضجة واضطراب الأصوات للخصام على الدنيا شحّاً وحرصاً. انظر: شرح المسند لأحمد شاكر، 15/51.
(92) أحمد في المسند، 2/293، وحسن إسناده العلامة أحمد محمد شاكر، في شرحه للمسند 15/50-51، برقم 7913.
(93) ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب الصلوات، في التخلف في العشاء والفجر، وفضل حضورهما، 1/332، ورواه الطبراني في المعجم الكبير، 12/271 برقم 13085، والبزار [مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد لابن حجر، 1/228 برقم 301] قال الهيثمي في مجمع الزوائد، 1/40: "رواه الطبراني في الكبير والبزار، ورجال الطبراني موثوقون".
(94) البزار [مختصر زوائد مسند البزار لابن حجر، 1/228، برقم 302]، وقال ابن حجر: "وهذا إسناد صحيح، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 1/40: رواه البزار ورجاله ثقات".
(95) على أعواده: أي على المنبر الذي اتخذه من الأعواد: شرح السندي على سنن ابن ماجه، 1/436.
(96) عن ودعهم الجماعات: أي تركهم. شرح السندي على سنن ابن ماجه، 1/436.
(97) ابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم 794، وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 1/132، والحديث أخرجه مسلم، برقم 865 لكنه بلفظ: "الجُمُعات".
(98) لا تقام فيهم الصلاة: أي جماعة. عون المعبود شرح سنن أبي داود، للعظيم آبادي 2/251.
(99) استحوذ عليهم الشيطان: أي غلبهم وحولهم إليه، عون المعبود شرح سنن أبي داود، 2/251.
(100) فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، أي إن الشيطان يتسلط على الخارج عن الجماعة. انظر: عون المعبود 2/251.
(101) أبو داود، كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجماعة، برقم 547، والنسائي، كتاب الإمامة، باب التشديد في ترك الجماعة، برقم 847، وأحمد 6/446، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/246 وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/109، وفي صحيح سنن النسائي، 11/182.
(102) انظر: كتاب الصلاة، لابن القيم، ص80.
(103) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن الخروج من المسجد إذا أذن المؤذن، برقم 655.
(104) انظر: كتاب الصلاة لابن القيم ص81.
(105) شرح النووي على صحيح مسلم، 5/163.
(106) أخرجه أحمد في المسند، 2/537، قال الهيثمي في مجمع الزوائد، 2/5، "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح".
(107) أخرجه الطبراني في الأوسط [مجمع البحرين، 2/22، برقم 643] وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 2/5: "رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح".
(108) سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب النهي عن الخروج من المسجد إذا أذن المؤذن، بعد الحديث رقم 204.
(109) انظر: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، للمباركفوري، 2/607.
(110) إن هاتين الصلاتين: أي صلاة العشاء والفجر، كما تقدم.
(111) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم554، واللفظ له، والنسائي، كتاب الإمامة، باب الجماعة إذا كانوا اثنين، برقم 843، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/110، وفي صحيح سنن النسائي، 1/183.
(112) كتاب الصلاة ص81-82.
(113) سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب، بعد الحديث رقم 217.
(114) سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب، بعد الحديث رقم 217.
(115) سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب، برقم 218، قال العلامة أحمد محمد شاكر في حاشيته على سنن الترمذي، 1/424: "وهذا إسناد صحيح، وهذا الحديث وإن كان موقوفاً ظاهراً على ابن عباس إلا أنه مرفوعاً حكماً؛ لأن مثل هذا مما لا يعلم بالرأي...".
(116) سنن الترمذي، باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب، 1/424.
(117) سورة المعارج آية 34- 35.
(118) زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم 4/ 332 بتحقيق الأرنؤوط.
(119) مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، برقم 432.
(120) انظر: حاشية الروض المربع لعبد الرحمن بن قاسم، 2/255، والإحكام شرح أصول الأحكام له، 1/340، ومجموع فتاوى ابن باز، 12/19-20، والشرح الممتع لابن عثيمين 4/192-195، وصلاة الجماعة للأستاذ الدكتور غانم السدلان ص23.
(121) سورة التوبة آية 18.
(122) سورة المعارج آية 34- 35.
(123) انظر هذه المزايا في كتاب الصلاة لابن القيم رحمه الله ص 12- 13.
(124) ـ انظر ما سبق ذكره في الوقفة السادسة من هذه النقطة .
(125) ـ انظر هذه الآثار في " الأركان الأربعة " للشيخ أبي الحسن علي الحسني الندويّ ص/ 55 ـ 56 / بتصرّف .
(126) ـ رواه البخاريّ 2/173 ومسلم ( 127 ) و( 128 ) و ( 436 ) .
(127) ـ رواه أبو داود بإسناد صحيح ( 666 ) وصحّحه ابن خزيمة ، والحاكم 1/213 ، ووافقه الذهبيّ .
(128) انظر كتاب (أهمية صلاة الجماعة) للدكتور: فضيل إلهي (ص46) وما بعدها.
(129 أخرجه مسلم رقم (653).
(130) أخرجه أبو داود (2/257)، وقال عنه النووي: (رواه أبو داود بإسناد صحيح أو حسن) [شرح المهذب 4/191]. وقوله: (لا يلا يمني) أصله: يلائمني بالهمز أي: يوافقني ثم خفف الهمز فصار ياء، وقد جاء في رواية بالواو [النهاية لابن الأثير 4/278].
(131) صحيح ابن خزيمة (2/368).
(132) أخرجه أحمد (24/245). قال في بلوغ الأماني (5/178): (وأخرجه ابن خزيمة (1479) والحاكم (1/247) وصحح إسناده وأقره الذهبي) وله شاهد من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه وقد تقدم في أول الكلام.
(133) أخرجه أبو داود (2/257)، والحاكم (1/247)، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
(134) سورة عبس: الآيتان 1 – 2.
(135) أخرجه الطبراني في الكبير (8/266)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/247).
(136) انظر معالم السنن للخطابي (1/160).
(137) فتح الباري (2/131).
(138) المصنف لابن أبي شيبة (2/205).
(139) مصنف عبدا لرازق (1/515).
(140) ابن ماجه، برقم 793، وأبو داود، برقم 551، وصححه الألباني في الإرواء، 2/327، وتقدم تخريجه في وجوب صلاة الجماعة.
(141) الدحض: الزلق. فتح الباري لابن حجر، 1/384.
(142) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب الرخصة إن لم يحضر الجمعة في المطر، برقم 901، وسبق في كتاب الأذان، باب الكلام في الأذان برقم 616، وفي باب هل يصلي الإمام بمن حضر، برقم 668، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الصلاة في الرحال، برقم 699.
(143) الرحل: المنزل وسكن الرجل وما فيه من أثاثه. فتح الباري لابن حجر، 1/98، ونيل الأوطار، 2/387.
(144) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافرين، برقم 632، وباب الرخصة في المطر، والعلة أن يصلي في رحله، برقم 666، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الصلاة في الرحال، برقم 699.
(145) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الصلاة في الرحال في المطر، برقم 698.
(146) قال الإمام القرطبي رحمه الله عن حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "ظاهر قوله: "في آخر ندائه" أنه قال ذلك بعد فراغه من الأذان، ويحتمل أن يكون في آخره قبل الفراغ، ويكون هذا مثل حديث ابن عباس". ثم قال: "هذه الحديث قد رواه أبو أحمد بن عدي من حديث أبي هريرة، قال فيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت ليلة باردة أو مطيرة، أمر المؤذن فأذن بالأذان الأول، فإذا فرغ نادى: الصلاة في الرحال أو في رحالكم". [رواه ابن عدي في الكامل، 6/2263] وهذا نص يرفع ذلك الاحتمال. [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 2/338] وقال الإمام النووي رحمه الله: "... في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه يقول: "ألا صلوا في رحالكم" في نفس الأذان، وفي حديث ابن عمر أنه قال في آخر ندائه، والأمران جائزان نص عليهما الشافعي رحمه الله تعالى في الأم في كتاب الأذان، وتابعه جمهور أصحابنا في ذلك، فيجوز بعد الأذان وفي أثنائه؛ لثبوت السنة فيهما، لكن قوله بعده أحسن؛ ليبقى نظم الأذان على وضعه، ومن أصحابنا من قال: لا يقوله إلا بعد الفراغ، وهذا ضعيف مخالف لصريح حديث ابن عباس – رضي الله عنهما- ولا منافاة بينه وبين الحديث الأول –حديث ابن عمر رضي الله عنهما-؛ لأن هذا جرى في وقت وذاك في وقت وكلاهما صحيح"، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/214.
وقال الحافظ ابن حجر على قوله: "إذا قلت أشهد أن محمدًا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة: وبوب عليه ابن خزيمة وتبعه ابن حبان ثم المحب الطبري "حذف حي على الصلاة في يوم المطر" وكأنه نظر إلى المعنى؛ لأن حي على الصلاة، والصلاة في الرحال، وصلوا في بيوتكم يناقض ذلك، وعند الشافعية وجه أنه يقول ذلك بعد الأذان، وآخر أنه يقوله بعد الحيعلتين، والذي يقتضيه الحديث ما تقدم" [فتح الباري، 2/98]، وقال الحافظ في موضع آخر في كلامه على حديث عبد الله بن عمر: "كان يأمر المؤذن يؤذن ثم يقول على إثره: ألا صلوا في الرحال": "..صريح في أن القول المذكور كان بعد فراغ الأذان" ثم قال عن اجتماع كلمة صلوا في الرحال وكلمة حي على الصلاة: "وقد قدمنا في باب الكلام في الأذان، عن ابن خزيمة أنه حمل حديث ابن عباس على ظاهره، وأن ذلك يقال: بدلاً من الحيعلة، نظراً إلى المعنى؛ لأن معنى "حي على الصلاة" هلموا إليها، ومعنى: "الصلاة في الرحال" تأخروا عن المجيء، ولا يناسب إيراد اللفظين معاً، لأن أحدهما نقيض الآخر، ويمكن أن يجمع بينهما ولا يلزم منه ما ذكر بأن يكون معنى الصلاة في الرحال رخصة لمن أراد أن يترخص، ومعنى هلموا إلى الصلاة ندب لمن أراد أن يستكمل الفريضة ولو تحمل المشقة، ويؤيد ذلك حديث جابر عند مسلم قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فمطرنا فقال: "ليصلِّ من شاء منكم في رحله" [مسلم برقم 698] فتح الباري، 2/113، وقال الحافظ أيضاً في موضع آخر على حديث ابن عباس: "والذي يظهر أنه لم يترك بقية الأذان، وإنما أبدل قوله: "حي على الصلاة" بقوله: "صلوا في بيوتكم" الفتح، 2/384، وانظر المغني لابن قدامة، 2/378-379، ونيل الأوطار للشوكاني، 2/386.
وأقرب الأقوال قول النووي رحمه الله تعالى، وقد سمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على صحيح البخاري الحديث رقم 616، يقول: "الأفضل أن يكمل الأذان ثم يقول بعده صلوا في بيوتكم". وقال على الحديث رقم 666: "يقول ذلك بعد الأذان" وقال على الحديث رقم 668: "المعروف أنه قاله بعد الأذان".
(147) متفق عليه: البخاري، برقم 674، ومسلم، برقم 559، وتقدم تخريجه في مكروهات الصلاة.
(148) متفق عليه: البخاري برقم 671، ومسلم، برقم 558، وتقدم تخريجه في مكروهات الصلاة.
(149) مسلم برقم 560، وتقدم تخريجه في مكروهات الصلاة.
(150 البخاري، كتاب المغازي، باب: حدثني عبد الله بن محمد، برقم 3990.
(151) البخاري، كتاب الأذان، بابٌ: إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، قبل الحديث رقم 671، وقال ابن حجر في فتح الباري: "وصله ابن المبارك في كتاب الزهد" [رقم 1142] وأخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب قدر الصلاة.
(152) انظر: المغني لابن قدامة، 2/276-380، والكافي لابن قدامة، 1/398-401.
التعليقات