يعد مسجد "العمراوي" أو كما يطلق عليه الأهالي مسجد "الوداع" أقدم مساجد محافظة المنيا، إذ يقع أمام كوبري المنيا الجديدة من ناحيته الشرقية، بينما تطل ناحيته الغربية على كوبري محمد بدوي.

مسميات المسجد

وقال مدير عام منطقة شمال المنيا للآثار، الأثري مجدي عبدالله، إن المسجد أُطلق عليه عدة أسماء منها "الوداع"، لأنه قبل إنشاء الكوبري الجديد على النيل كان يتم الدفن شرق النيل، ولصعوبة العبور لكل المودعين كان يتم الصلاة على الميت في المسجد ويتم توديعه، ويقتصر العبور على مجموعة قليلة.

وأضاف أنه سمي أيضا بمسجد العمراوي، لأنه أقدم المساجد بمدينة المنيا، تيمنا بمسجد عمر بن العاص أقدم مسجد بمصر، وأخيرا سمي بمسجد "العمري" حسب ما جاء في وثيقة الوقف الخاصة بالمسجد.

تاريخ المسجد

وعن تاريخ المسجد، قال عبدالله، إن أقدم ما وصل من كتابات بالمسجد هو المرسوم الضريبي من عصر السلطان "جقمق" ومؤرخ في (843 هجريا- 1439 ميلاديا)، و هو عصر "مملوكي جركسي".

وأضاف أن الأمير مصطفى كاشف، وهو أمير اللواء السلطاني "مصطفى بك شاهين"، قد جدد المسجد،  كما ورد بوثيقة الوقف، وكما هو مدون أعلى الباب الرئيسي في عام (1149 هـ - 1736 م)، وشملت تلك التجديدات كل المسجد تقريبا.

وتابع بأنه يبدو أن هذه هي أكبر وظيفة وصل إليها، كما ورد اسمه على الباب الغربي، ومصطفى جوريجي عزيان تابع المرحوم خليل جوريجي عزيان تابح المرحوم شاهين كاتخذا، وقد أوقف مطفى كتخذا  على المسجد أراضي في (1162 هـ) وهو أحد أمراء المماليك بالمنطقة.

تخطيط المسجد

ويمثل المسجد تحفة معمارية مزينة بالزخارف الإسلامية، وفي هذا يقول الأثري: بني المسجد على نمط المساجد الإسلامية الأولى، إذ يتكون من صحن أوسط مكشوف تحيط به 4 أروقة، أكبرها رواق القبلة وبه ملحقات مثل المقصورة والمأذنة ودورات المياه، كما أن المسجد غير منتظم الأضلاع، فرواق القبلة يمثل مستطيل صغير، يتعامد على مستطيل أكبر يمثل الصحن والأورقة الثلاثة، إضافة إلى أن المسجد منخفض عن الشارع لارتفاع منسوب الشوارع.

وأوضح أن الواجهة الغربية تمثل واجهة المسجد والمدخل الرئيسي، والمأذنة ودورات المياه، وتحتوي واجهته على صفين، وجميعها على يمين المدخل الرئيسي، بجانب صف من الشرفات المسننة.

وفي الواجهة البحرية يتوسطها المدخل الشمالي، وعلى يمين ويسار المدخل يوجد 3 أكتاف بارزة في كل جانب، كما يوجد بتلك الواجهة مستويين من النوافذ، في كل من المدخل 3 نوافذ مستطيلة، يعلو كل منها دخلة مستطيلة بها نافذتين معقودتين.

بينما تم تقسيم الشرقية لجزئين، أحدهما خاص بالرواق الشرقي للمسجد، وبه 4 دخلات مستطيلة أعلى الواجهة، وبكل دخلة فتحتي نافذتين معقودتين بعقد مدبب، والأخرى خاص بالمقصورة وبه من الأسفل فتحة نافذة مستطيلة يعلو الفتحة يعلوها دخلها مستطيلة أخرى بها نافذتين.

أما عن الناحية الجنوبية، فهي تمثل واجهة رواق القبلة والمقصورة، ويوجد برواق القبلة 3 مستويات من النوافذ، ويوجد بالسفلى 3 فتحات مستطيلة يعلو النافذة الشرقية والغربية دخلة مستطيلة، وفي كل جانب نافذتين معقودتين بعقد مدبب، بينما يوجد في واجهة المقصورة فتحة نافذة يعلوها دخلة مستطيلة بها نافذتين معقودتين.

"المزولة".. ذكاء القدماء لمعرفة مواقيت الصلاة

كما نجد في الصحن المكشوف بالمسجد ما يسمى بالمزولة، وتم عملها عام (1163 هجريا) وهي أداة توقيت نهاري، وهي عبارة عن قطعة من الرخام، تتكون من عدة نقاط وخطوط وفي وسطها عصا مستقيمة أفقية يتحدد الوقت من طول ظلها الناتج عن وقع أشعة الشمس عليها.

واختتم مدير منطقة آثار شمال المنيا حديثه، بأنه تم وصف المسجد بالتقرير رقم 681 لسنة 1934، وتم ضمه للآثار في التقرير رقم 710 لسنة 1936م، مشيرا إلى أنه دُرة مساجد المنيا وأحبها للمواطنين نظرا لروحانياته الكبيرة وشكله المميز.