خطورة التشاؤم:
والتشاؤم من الاعتقادات الجاهلية التي انتشرت ـ وللأسف الشديد ـ بين كثير من جهَّال المسلمين، نتيجة جهلهم بالدين عمومًا، وضعف عقيدة التوحيد فيهم خصوصًا، وسبب ذلك الجهل، ونقص التوحيد، وضعف الإيمان: هو عدم انتشار الوعي الصحيح فيهم، ومخالطة أهل البدع والضلال، وقلة من يرشدهم ويبيِّن لهم الطريق المستقيم، وما يجب اعتقاده، وما لا يجوز اعتقاده، وما هو شرك أكبر يخرج المسلم عن الملة الإسلامية وما هو شرك أصغر، وما هو ذريعة إلى الشرك ينافي كمال التوحيد ويُوصل الفاعل في النهاية إلى الشرك الأكبر، الذي لا يغفر الله لصاحبه إن مات ولم يتب، ويكون مخلدًا في النار، وتحبط جميع أعماله الصالحة، كما قال الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة:72]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} النساء:48.
ومع ذلك لا زال كثير من الناس يتشاءمون من شهر صفر، ومن السفر فيه، فلا يُقيمون فيه مناسبة ولا فرحًا، فإذا جاءت في نهاية الشهر، احتفلوا في الأربعاء الأخير احتفالًا كبيرًا، فأقاموا الولائم والأطعمة المخصوصة والحلوى خارج القرى والمدن وجعلوا يمشون على الأعشاب للشفاء من الأمراض.
وهذا لا شك من الجهل الموقع في الشرك ـ والعياذ بالله ـ ومن البدع الشركية، ويتوقف بالدرجة الأولى على عدم سلامة العقيدة، فهذه الأمور لا تصدر إلا ممن يشوب اعتقاده بعض الأمور الشركية، التي يجرُّ بعضها بعضًا كالتوسلات الشركية، والتبرك بالمخلوقين والاستغاثة بهم.
أما منْ أنعم الله عليه بسلامة العقيدة، وصحتها، فإنَّه دائمًا متوكل على الله معتمدٌ عليه، موقن بأن ما أصابه لم يكن ليخطِئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن التشاؤم والطيرة، واعتقاد النفع أو الضر في غير الله، ونحو ذلك كله من الشرك الذي هو من أشد الظلم، قال الله تعالى: {...إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} لقمان:13.
والتشاؤم مما ينافي تحقيق التوحيد،وتحقيق التوحيد منه ما يكون واجبًا، ومنه ما يكون مندوبًا.
فالواجب: تخليصه وتصفيته عن شوائب الشرك والبدع والمعاصي، فالشرك ينافيه بالكلية، والبدع تنافي كماله الواجب، والمعاصي تقدح فيه وتُنقص ثوابه.
فلا يكون العبد محقِّقًا التوحيد حتى يسلم من الشرك بنوعيه، ويسلم من البدع والمعاصي.
والمندوب: تحقيق المقربين، وهو انجذاب الروح إلى الله محبة وخوفًا وإنابةً وتوكلًا ودعاءً وإخلاصًا، وإجلالًا وهيبة، وتعظيمًا وعبادة، فلا يكون في قلبه شيء لغير الله، ولا إرادة لما حرم الله، ولا كراهة لما أمر الله، وذلك هو حقيقة لا إله إلا الله
التعليقات