رسالة إلى مغن
الأخ الكريم .. الحبيب : وفقه الله للخير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد : لا أدري كيف أبدأ معك الكلام .. ولا أدري هل ستقبل مني أم لا .. وقد سمعت عنك خيراً كثيراً وحسن خلق وتواضع .. بل أعلم يقيناً أنك لست ممن يعاقر الكبائر والخبائث .. ووالله ما كتبت إليك هذه الكلمات إلا لأنني أحب لك ما أحب لنفسي من الخير .. فأحسن بي الظن .. ولا تعجل بتمزيق ورقتي ..لا بدَّ من المصارحة .. فأنت أخ مسلم لك عليَّ حق النصح والتوجيه .. ولعلك تقبل مني هذه الوصايا المتواضعة .. وأعلم - يقيناً – أنها ليست جديدة عليكم .. وأنني أقلّ من أن أوجهها إلى مثلكم .. ولكن عزائي أن الهدهد تكلم بين يدي سليمان عليه السلام .. الوصية الأولى : أعظم ما يُشكر الله به هو طاعته .. ومن أعظم الطاعات الصلاة .. ففي الحديث ( اعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ) .. فاحرص على الصفوف الأولى في المسجد .. وقد قال : ( لو يعلم الناس ما في التهجير إلى الصلاة ( يعني التبكير ) لاستبقوا إليه ) .. فكن من السابقين اسأل الله أن يجعلني وإياك منهم .. وتأمل هذه الأمثلة : كان محمد ابن خفيف .. به وجع في الخاصرة.. فكان يشتد عليه حتى يقعده عن الحركة ..فكان إذا نودي بالصلاة.. يُحمل على ظهر رجل إلى المسجد .. فقيل له : إن الله قد عذرك .. فلو خففت على نفسك وصليت في البيت .. فقال : كلا .. إذا سمعتم حي على الصلاة .. ولم تروني في الصف فاطلبوني في المقبرة .. فلله درهم من مرضى .. بل والله نحن المرضى .. وكان منصور بن المعتمر .. إذا جن عليه الليل .. يلبس من أحسن ثيابه .. ثم يرقى إلى سطح بيته ويصلي .. فلما مات .. قال غلام جيرانهم لأمه : : يا أماه !الجذع الذي كان ينصب ليلاً بسطح جيراننا لا أراه ..فقالت : يا بني ..ليس ذاك جذعاً ..ذاك منصور كان يصلي ..وقد مات.. الوصية الثانية : قص الله علينا خبر رجل يصيح يوم القيامة .. فما سبب صياحه ؟ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا .. وقد قال عمر : إني أكره أن أرى الرجل سبهللاً ليس في شيء من أمر دينه ولا دنياه .. فهو يحذر من التأثر بالفارغين .. الذين يسعون إلى ملء أوقاتهم بأي شيء .. نعم أي شيء .. طاعة أو معصية .. فيمر الشهر والشهران وأحدهم لم يختم القرآن .. ولم يصم يوماً نافلة .. ولم يحضر محاضرة أو مجلس ذكر .. فما الفائدة من حياة مثل هذا ؟! عيْشه كعيش البهائم يأكل ويشرب وينام .. واعلم أنك كنت في ظهر أبيك وحدك.. ثم في بطن أمك وحدك.. ثم ولدت وحدك.. وتموت وحدك.. وتبعث يوم القيامة وحدك .. وتمر على الصراط وحدك .. وتأخذ كتابك وحدك .. وتُسأل بين يدي الله وحدك.. وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً .. الوصية الثالثة : احرص على أن يكون بينك وبين الله تعالى علاقة خفية لا يعرفها أحد من الناس حتى أقرب الناس إليك .. مثل صيام نافلة .. أو ختمة للقرآن .. أو صدقة على ضعفاء ومساكين في السرّ .. والأهم من ذلك صلاة الليل والوتر .. داوم عليها ولا تتركها أبداً ..
التعليقات