إمام المسجد .. ما له وما عليه خلال شهر رمضان المبارك

المساجد هي أفضل بقاع الأرض والدين الإسلامي رفع من مكانتها، ودعا للاهتمام بعمارتها والعناية بها, كدلالة على الإيمان بالله واليوم الآخر، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول عن المساجد بيت التقاة، ومدخلهم للجنة.

روى أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله :” المسجد بيت كل تقي، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله, إلى الجنة” .

وعن عبد الله بن عمرو عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال :”ستة مجالس : المؤمن ضامن على الله تعالى ما كان في شيء منها : في مسجد جماعة, وعند مريض, أو في جنازة أو في بيته أو عند إمام مقسط يعزره ويوقره”.

ومنذ فجر الإسلام والمساجد بيوت طاهرة أذن الله أن يرفع فيها اسمه, وأن تعمر بالصلاة والذكر، يسبح فيها في الغدات والآصال رجال متفرغون للطاعة، ومنصرفون للعبادة بعيدا عن مظاهر الدنيا الفتانة.

وطلب الله من عباده الزائرين للمساجد ألا تنسيهم دنياهم عن آخرتهم، والتفرغ داخل المسجد للعبادة وذكر الله وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة, ولا ينسون نصيبهم من الدنيا، ويخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، يوم تتردد فيه النفوس بين الخوف والرجاء فتنقلب القلوب متجهة إلى اليمين والشمال لا تدري من أين تؤخذ ؟ أو من أين تؤتى كتبها ؟ أمن اليمين أم من الشمال .

فعمار المساجد يجدون في تسبيح الله وذكره وأدائهم للصلوات والفرائض والانتهاء عن المعاصي، والخوف من الحساب, خير الجزاء، آملين أن يجزيهم الله حسن ما عملوا الجزاء الأوفى، ويزيدهم من فضله، والله يرزق من يشاء بغير حساب وهو واسع الفضل.

مكانة عظيمة

 ومع حلول هذا الشهر الكريم المبارك شهر رمضان,  على الجميع أن ينتهز الفرصة بالمساجد ويعلق قلبه بها, ويسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل أيام الشهر الفضيل خير معين له على ترك المعاصي وتهذيب للنفس بالصوم والاحتساب، وهنا يبرز دور إمام المسجد الذي تبوأ بهذا المنصب مكانة عظيمة وتحمل أمانة تنوء بحملها الجبال، وهي التقدم لإمامة المسلمين في الصلاة.

فالإمام تحملت مسؤولية القيام برسالة المسجد العظيمة التي هي رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وهو أهل لها، وتحمل أن يكون محط أنظار أهل الحي ومعقد آمال الدعاة في أن يكون مشعل نور ومصباح هداية, لذل فعليه الإخلاص في النية .

وعلى الإمام أن يتذكر عظم المسؤولية الملقاة على عاتقه بأن يحرص على أداء الأمانة على أكمل وجه وأتمه وأن يحتسب ما يبذله من جهد قل أو كثر عند الله عز وجل والله لا يضيع أجر المحسنين ..

    وبدورنا في موقع "دليل المسجد" نضع بين أيدي الإمام بعض المقترحات كبرنامج لهذا الشهر المبارك, حيث الناس أقرب ما تكون إلى الخير والإقبال على الله, وكذلك نموذج للذين لا يشهدون الصلاة مع الجماعة ولا يشهدونها إلا قليلاً , وفقكم الله وسدد على درب الخير خطاكم .

    فإليك بعض البرامج المقترحة ( على سبيل الذكرى ) :-

أولى هذه النصائح هي القيام بتهيئة الناس لاستقبال رمضان قبل دخوله بوقت مناسب من خلال حديث الخطباء والأئمة ومجالسهم، واغتنام فرصة حضور الغائبين عن المسجد في غير رمضان, والتعرف عليهم, وربط الصلة بهم ( زيارات – هدايا – غيرها )، مع أهمية إنشاء حلقة لتحفيظ القران الكريم للصغار والكبار مع مراعاة الأوقات المناسبة ووضع جدول مناسب, وبرنامج للمتميزين, مثل ( رحلة عمرة – برامج علمية وثقافية- محاولة وضع حفل تجمع فيه الحلقات في المساجد القريبة وتكريمهم بعد استضافة أحد المشايخ وطلبة العلم وينبغي حث الآباء على توجيه أبنائهم إلى حلقات التحفيظ والأنشطة العامة المفيدة والقريبة من هذا المسجد .

ومن البرامج المقترحة أيضا وضع صندوق لجمع التبرعات تصرف في أنشطة المسجد مثل : المسابقة الشهرية, ومسابقة الأطفال, ومسابقة الأسرة المسلمة , ومسابقة المرأة , وغيرها من المشاريع والأنشطة التي تقوم بها جماعة المسجد, مع العمل على توزيع الأشرطة والكتيبات والمطويات والحقائب النافعة بالأسلوب المناسب للرجال والنساء بمعدل كل أسبوع على الأقل, ويقترح أن توجه طاقات بعض الأطفال والشباب في أن يتولوا التوزيع بأنفسهم .

أفعال واجبة

ومن الأهمية بمكان أن يضطلع الإمام بمعالجة المنكرات الظاهرة ومظاهر الانحراف التي عج بها المجتمع المصري خلال السنوات الأخيرة، منها القنوات الفضائية و مظاهر الانحراف في لباس المرأة وحجابها, والربا, وترك الصلاة مع الجماعة وغيرها,  وعليه مواجهة تلك الانحرافات بالفتاوى والخطب والكتيبات التي تحث المسلمين على العودة لطريق الرشد،  والعناية بفئة الشباب واستصلاحهم, وتوظيف طاقاتهم وتوجيهها بإشراكهم في تنفيذ بعض البرامج, وتعويدهم على الخير.

ومن الأمور الهامة لإمام المسجد والتي يجب أن يركز عليها خلال الشهر الفضيل وباقي أيام العام، هو النظر في مقترحات المصلين والإجابة على أسئلتهم سواء من الرجال أو النساء, وتجميع هذه الأسئلة عبر صندوق او ما شابه وتحديد موعد ثابت أسبوعيا للرد عليها, ونشر فتاوى أهل العلم في المسائل المهمة كسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله والشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن جبرين وغيرهم من العلماء .

ومن الأمور التي من الممكن أن يتبعها إمام المسجد لجذب المصلين وزيادة الرابطة بينهم وبين المسجد أن يقوم الإمام بعمل ما يمكن وصفه بهدية رمضان من جماعة المسجد توزع على سكان الحي وهي عبارة عن كتيب وشريط وبعض النشرات التوجيهية, مع تنظيم مسابقة للصغار في مجموعة من سور القرآن الكريم, كذلك بعض الأذكار النبوية أو القصص الهادفة وغيرها, ويتم تكريمهم وإعطائهم الجوائز أمام أولياء أمورهم وجماعة المسجد, وتنظيم مسابقة للنساء وذلك بإعداد وتوزيع أسئلة في المصلى ليقمن بالإجابة عليها ووضعها في صندوق خاص عندهن, ليتم فرز الإجابات الصحيحة وتوزيع الجوائز, ويفضل ألا تكون الجوائز كلها عبارة عن أشرطة وكتيبات فقط بل يضاف إليها أشياء قيمة تحتاجها النساء, والقراءة على المصلين بعد صلاة العصر وقبل صلاة العشاء, والإهتمام بالمادة المقروءة وتنويعها ومحاولة استغلال الفرص في الإرشاد والتوجيه بين حين وآخر .

الاستعانة بالعلماء

بالطبع لا ستطيع الإمام وحده على إنجاز كل الخطة المطلوبة دعويا خصوصا خلال شهر رمضان ومع الضغط اليومي وتكثيف تلك المطالب يمكن للإمام بل من المستحب أن يستضيف  بعض العلماء والدعاة لإلقاء الكلمات في الأوقات المناسبة، واستضافة بعض أهل العلم لإلقاء دروس خاصة بالنساء, والإجابة على أسئلتهن, وذلك في الجوامع المناسبة مع الإعلان عنها في المساجد المحيطة قبل إقامة الدرس بفترة كافية, كما أن للوحة الإعلانات بالمسجد أهمية خاصة, من خلال تعليق الفتاوى عليها، وجعلها تتجدد بين حين وآخر تحت إشراف إمام المسجد, ويمكن كذلك إصدار مجلة خاصة بالمسجد توزع على المصلين, وتعنى بالموضوعات التي تناسبهم, واستقبال مشاركاتهم, وتفطير الصائمين في الحي من العمال وغيرهم وحث جماعة المسجد على المشاركة في ذلك, وإقامة افطار جماعي لأهل الحي يشارك فيه الجميع بإعداد الوجبات لزيادة الألفة والترابط بين أهل الحي الواحد مع الحذر من الإسراف والتباهي في ذلك .

الزكاة ودور الأسرة

في الأحياء الصغيرة التي يعرف فيها الناس بعضهم بعضا ربما تتضاعف مسئوليات إمام المسجد, ويستحب خلال شهر رمضان العمل ميدانيا سواء بالزيارات المنزلية أو في الأسواق لتنبيه المسلمين إلى وجوب إخراج الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية, وبيان فضل الاعتكاف ولو ليوم واحد من أيام العشر الأواخر من رمضان, وبيان فضل الجلوس بعد صلاة الفجر للذكر, وبيان فضل ليلة القدر، والحث على أداء العمرة في رمضان وبيان فضلها, والتنبيه على ما يقع من إهمال الآباء لأسرهم, والإجتماع يوم العيد للسلام والتهنئة بين جماعة المسجد وأهل الحي .

ومن المفترض بالإمام العمل على تقوية الجوانب العقدية لدى المسلمين ( مثل الانقياد للنص الشرعي ) ( التوكل على الله وتفويض الأمر إليه والثقة بالله وحسن الظن به ) ( الحذر من إتيان السحرة والكهنة والمشعوذين ), وتصحيح العقيدة وتوثيق الصلة بهم وإجراء المسابقات النافعة وتعليم القرآن وتوزيع الكتيبات والأشرطة لهم, وحث جماعة المسجد على العناية بأسرهم وحسن تربيتهم ورعايتهم من خلال حلقات التحفيظ وتعويدهم البذل والإنفاق وإشعارهم مسؤوليتهم في ذلك وتطهير البيوت من آلات الفساد, مع التركيز على أهمية مشاركة العنصر النسائي في النشاط النسوي من خلال إلقاء الدروس أو إقتراح البرامج المناسبة لهن, أو تنفيذ بعض المقترحات, وجمع مسائل المخالفات الشرعية في صفوف النساء, أو ما يحتجن لمعرفته من الأحكام والفضائل ويطلب منهن الإجابة على حكمها في الشرع مع الدليل ثم يجب عنها بعد ذلك وتوزع عليهن .

أمر آخر يمكن لإمام المسجد القيام به وتفعيل دور المسجد في مسألة الدعوة من خلال استضافة المسلمين الجدد في إفطار يوم من أيام رمضان, وإحياء بعض معاني الأخوة, وإزالة الحواجز النفسية بين المسلمين, وإقامة الألفة والمودة والتناصح بينهم والتعاون على الخير، والحث على الإنفاق وتوجيه مصارفه من خلال خطبة الجمعة والقراءة على المصلين وإلقاء الكلمات والفتاوى المتعلقة بالإنفاق وبيان مصارفه الشرعية, والحث على زيارة المرضى في المستشفيات لمواساتهم وإدخال السرور عليهم بمناسبة شهر رمضان, وتوجيههم لما ينفعهم وجلب الهدايا لهم, واغتنام فرصة الشهر الكريم في تحري الدعوات الجامعة لخير الدنيا والآخرة وما ينفع المسلمين من تفريج كربهم ونصر دعاتهم وفك أسراهم وشفاء مرضاهم .

ويجب أن يكون لكل إمام مسجد بطانة من أهل الخير يعينونه على تنفيذ البرامج والتوجيهات على مدار العام, وفي رمضان بصفة خاصة, ومنهم من يقرأ على الجماعة بعض الأوقات, ومنهم المشرف على لوحة المسجد وآخر مشرف على مجلة المسجد, وأن يكون حديث الإمام في الليل في تفسير بعض الآيات التي ستتلى في صلاة التراويح – أو قيام تلك الليلة – وينبه المصلين على ذلك .

    وأخيرا .. فأننا بأمس الحاجة إلى استحضار أن التوفيق والتسديد من الله . – جل وعلا – فلنحرص على سؤال الله – سبحانه – أن ينفع بهذا الجهد, وأن يبارك فيه ..

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.