وصايا لأئمة المساجد في رمضان

شهر مضان، شهر يهرول الخلق إلى ربهم، تبتل الأرض بالدموع ويزور القلب الخشوع، يهلل اللسان بأجمل كلمات التوحيد، ويدق القلب حبًا لله.

فشهر رمضان هو شهر الحب، نبحث عن النجاة بالحب لنصل إلى أعظم الحب "حب الله".. نستقبل الله بالذنوب ويستقبلنا برحمته، فإذا أحببناه غفر لنا، وإذا أحبنا أعتقنا من النار وحينها تفتح أبواب الجنة لعبد أعتقه الله.

أخلص لله

يجب أن يستشعر الإمام دوماً أن الدعوة إلى الله عبادة يتقرب بها إليه, وكل عبادة لا تقبل إلا بإخلاص صاحبها, ومم ينافي إخلاص الداعية أو يعكر عليه صدق نيته، فإن الإخلاص هو محل كل شيئ، وهو أصل التجارة مع الله

أيقظ الإيمان بداخلك

تب إلى الله، ونكسر إليه سارع إليه بالخطى، فهذا الشهر موسم الأتقياء وفرصة العصاة، الله لا يرفض أحدًا، الله أشد فرحًا بك، فلا تركن إلى شيطانك وهلم إلى الذي يناديك.

أدع إلى الله

يجب على الإمام أن يدعو الناس في هذا الشهر الكريم، وعليه أن يشحذ الهمم، وأن يتذكرفضل الدعوة وأجرها العظيم, فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أصحابه بهذا الفضل ليشجعهم, ومن ذلك قوله لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ( فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداَ خير لك من حمر النعم) وقوله صلى الله عليه وسلم ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل اجور من تبعه لا ينقص من اجورهم شيئا).

ذكرهم بالله

 يقول تعالى "إنما أنت مذكر" فالله تعالى أمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالدعوة والتبليغ, ولم يطالبه بالنتيجة فقال "فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ", فالمطلوب أن يبذل الداعية قصارى جهده فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فعليها، ومن فوائد استشعار ذلك أن لا يصاب الإمام بالإحباط عند إعراض المدعوين وفيه حفظ لمشاعره وصون لنفسه "فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصفون ".

فاصبر صبرًا جميلًا

فإن اعتياد الناس على معاصيهم ودوام غفلتهم يحتاج إلى جهد مستمر، ولا يكون ذلك إلا بالصبر والمصابرة، وهاهو عمر بن عبدالعزيز يقول "إني أعالج أمراً لا يعين عليه إلا الله، قد فني عليه الكبير، وكبر عليه الصغير, وفصح عليه الاعجمي، وهاجر عليه الأعرابي, حتى حسبوه ديناً لا يرون الحق غيره"، ومن مواضع الصبر عند تعلم الدين والصبر على توجيهات المربين وطلبة العلم ومجاهدة النفس على قبولها والصبر على المدعوين والصبر على انقادات الآخرين .

جدّد علمك

فالإمام لا يليق به أن يقف عند حد من العلم الشرعي بل عليه أن يستزيد منه يوماً بعد يوم, وليست كثرة الأشغال مبرراً للتوقف عن طلب العلم, فالناس لن يعذروا الإمام عند وقوعه في الزلل والخطأ, ولن يقبلوا اعتذاره بالجهل.

خاطب الناس على قدر عقولهم

فالواجب على الإمام أن يراعِ جهل الناس واختلاف بيئتهم حتى يستطيع أن يجذبهم دائمًا إليه, يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه "حدّثوا الناس بم يعرفون ودعوا ما ينكون, أتحبون أن يكذب الله ورسوله", ويقول ابن مسعود رضي الله عنه "ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم", ومن صور عدم مراعاة فهم الناس.

ادع الناس كلما رأيتهم

فعن ابن عباس رضي الله عنه قال : ( حدّث الناس كل جمعة مرة, فإن أبيت فمرتين فإن أكثرت فثلاث مرات, ولا تملّ الناس هذا القرآن, ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم فتقطع عليهم حديثهم فتملهم, ولكن أنصت فإن أمروك فحدثهم وهم يشتهون ) وعن ابن مسعود : "حدّث القوم ما حدوك بأبصارهم وأقبلت عليك قلوبهم, فإذا انصرفت عنك قلوبهم فلا تحدثهم " .

 لا تكن فظاً غليظاً

يقو تعالى "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب الرفق في الأمر كله", فعلى الإمام استمالة القلوب وهدايتها، فالناس بحاجة إلى كنف رحيم وإلى رعاية فائقة وإلى بشاشة سمحة وإلى ود يسعهم .

كن قدوة حسنة

وهذا يعني أن يكون الإمام صورة حسنة لكل ما يدعو إليه ويريد غرسه في الناس، بل أن يكون فعله وسلوكه قبل قوله وكلامه، والداعية نفسه شهادة للدعوة، وهذه الشهادة قد تحمل الناس على قبول الدعوة وقد تحملهم على ردها ورفضها.

وفي قوله تعالى "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتمتلون الكتاب أفلا تعقلون"

لا تبعد عن الناس

يجب على الإمام أن يحتك بالناس ويتعرف عليهم, ويزورهم في مجالسهم ومنتدياتهم, يقول أ.محمد الراشد "ومن انتظر مجيء الناس إليه في مسجده أو بيته فإن الأيام تبقيه وحيداً, ويتعلم فن التثاؤب",  وينبغي أن يعلم الإمام أن مخالطة الناس وحضور مجالسهم لا ينسيه أنه لا يجوز له السكوت عن المنكرات الموجودة بل لابد من البيان والإنكار،قال تعالى :" وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزء بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره . . ".

والله أسأل أن يتقبل شهرنا ويغفر ذنبنا ويسهل أمورنا ويهدى شبابنا ويصلح فساد قلوبنا، ويردنا إليه ردًا جميلًا.

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.