50 خمسون فائدة تربوية من الحج
الحمد لله وكفى ، وصلاة وسلام على النبي المصطفى ، وبعد :
هذه خمسون وقفة تربوية لأثر الركن الخامس على حياة الناس ، أسأل الله الإعانة والتوفيق والسداد .
1 ـ تربية على التوحيد قولاً وعملاً، ويظهر هذا من خلال ما يلي :
أ ـ الإهلال بالتلبية، وهي لفظ توحيد " لبيك اللهم "
ب ـ لفظ " لا شريك لك " .
ج ـ إن الحمد والنعمة لك والملك " أي: وحدك .
د ـ تكرار لفظ " لا شريك لك " .
هـ ـ منع الطواف في غير بيته _سبحانه وتعالى_ ، فلا يطاف في عرفة ولا الجمرات، ومثلها القبور والمشاهد والمزارات .
2 ـ تربية على كثرة حمد الله ، ويظهر هذا من خلال لفظ الحمد في التلبية ويتكرر بتكرارها فيأتي العبد المصا ب بمصيبة والفقير والمريض والغريب والمبتلى، وكلهم يحمدون الله وكأنهم أغنياء وأصحاء وأقوياء .
ولا شك أن حمد الله مطلوب من المسلم في حال السراء والضراء .
3 ـ تربية على أن يكون اللسان رطباً من ذكر الله ، ويظهر هذا من خلال ما يلي :
أ ـ السنة التلبية إلى وصول الحرم على قول أو رؤية البيت في قول آخر أو الشروع بالطواف في قول ثالث ، وجميع الأقوال يدل على كثرة التلبية .
ب ـ الطواف ، يجوز فيه الدعاء والذكر وحمد الله ، وكلها ذكر لله .
ج ـ السعي كذلك .
د ـ دعاء يوم عرفة " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " كما جاء في سنن الترمذي بسند صححه الألباني _رحمه الله_ .
هـ ـ أيام منى أيام أكل وشرب وذكر لله .
و ـ رمي الجمار إنما شرع لإقامة ذكر الله .
ز ـ السنة التكبير مع كل حصاة .
وغير ذلك من المواطن التي تربي المسلم على أن يكون لسانه رطبا من ذكر الله.
4 ـ تربية على تذكر الموت، وذلك بلبس الكفن ، فيتذكر المؤمن تلك النهاية، ويشعر بها فتأثر على قلبه وأعماله .
5 ـ تربية للناس على الزهد في الدنيا وملذاتها ، فمهما كان الشخص غنياً أو أميراً أو وزيراً إلا أنه لا يلبس غير ذلك اللباس الأبيض ، ولو أراد أن يتفنن بلبس غيره مما يملكه فإنه يمنع .
6 ـ تربية للناس على القناعة، وأنها هي الغنى ، فيكفي من اللباس ما يستر العورة ، ومن النوم ما يطرد الكسل والعجز، ومن الأكل ما يقيم الصلب .
7 ـ تربية للناس على أن أمور الدنيا ليس لها عند الله اعتبار بحد ذاتها ، فالناس متساوون في اللباس والأعمال ، وأما غناهم وفقرهم ومناصبهم وأماكنهم فليس لها اعتبار أبداً ، إنما الاعتبار في الإخلاص في الأعمال ومتابعة السنة فقط لا غير ، فيا لله كم من فقير في ذلك المكان هو أفضل من غني وأمير .
8 ـ تربية على مبدأ الوحدة الإسلامي في أفعالهم وأعمالهم وأماكن تواجدهم وأوقات عباداتهم ، وسيأتي للوحدة مزيد بيان .
9 ـ تربية للناس على الصبر عن المعصية، وهذا من خلال ما يلي :
أ ـ صبر المسلم عن محظورات الإحرام .
ب ـ صبر المسلم عن الفسق كما قال الله: " فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق " فيرجع المسلم إلى بلده، وقد تربى على أن يصبر عن المعصية مطلقاً كما صبر عنها في تلك الأيام .
10 ـ تربية للمسلم على الصبر على الطاعة ، ومن تأمل مسائل الحج تبين له ذلك حتى أن من أراد أن يتعجل فلا يمكن قبل يوم الثاني عشر وبعد الرمي أيضاً، وبعد طواف الوداع كذلك ولو كان من بلد بعيد ، فلا بد أن يأتي بهذه الطاعات ثم ينصرف .
11 ـ تربية للناس على الاستعداد والتهيؤ للطاعة، ولذلك من السنة للمحرم أن يغتسل ويتنظف ويقص أضافره ويحلق شعر عانته وأبطيه ويتطيب لإحرامه ، ويتطيب للطواف بالبيت كما فعل النبي _صلى الله عليه وسلم_ .
ولا شك أن هذا الفعل له أثر نفسي في أداء العبادة والحضور فيها .
12 ـ تربية للناس على الإخلاص والصدق اللذين هما رأس الأعمال القلبية، وبهما يقبل العمل عند الله ، ويقع الموقع الحسن .
13 ـ تربية للناس على التوكل على الله وتفويض الأمر إليه في أداء العبادة وتسهيلها ، فيأتي المسلم وقد ترك أهله وأولاده ورزقه، وفوض أمره وأمرهم لربه _سبحانه_ واستعان عليه وتكبد مشاق الطريق خاصة وأنهم يأتون من كل فج عميق .
14 ـ تربية للناس على التوكل الحقيقي، والذي لا يتعارض مع بذل الأسباب المأمور بها ، ولذلك قال _تعالى_: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم " نزلت فيمن ظن أن التوكل ترك التجارة في الحج .
15 ـ تربية للناس على تحقيق أعمال القلوب كلها ، فما من عمل تظهر فيه أعمال القلوب كلها أو أغلبها مثل الحج، فيجمع بين الإخلاص والصدق والاستعانة والتوكل والزهد والورع والمحاسبة واليقين ...إلخ .
16 ـ تربية للناس على قهر النفس عما تشتهي ما دام الشرع يحرمه ، فالطيب وتغطية الرأس وجميع المحظورا ت يتركها المسلم مع شهوته لها لا لاشيء إلا لأجل تحريم الشرع إياها .
17 ـ تربية للناس على التقيد بما قيده الشرع وحدده ، ويظهر هذا من خلال المواقيت وتحديدها بالمذكورة ووقت الرمي ووقت الانصراف من عرفة وغير ذلك .
18 ـ تربية للناس على فتح المجال للقياس الصحيح؛ لقول عمر _رضي الله عنه_ لأهل العراق لما قالوا: " إن هذين جور عن طريقنا " قال _رضي الله عنه_: " خذوا حذوها من طريقكم " متفق عليه .
فيتربى المسلم على أن الشرع ليس جامداً لا يتصرف، بل يفتح المجال للقياس لكن لمن جمع شروطه واستكمل متطلباته .
19 ـ تربية للناس على الركن الثاني لقبول الأعمال : وهو المتابعة للنبي _صلى الله عليه وسلم_ ، ولذلك قال _صلى الله عليه وسلم_: " خذوا عني مناسككم " متفق عليه .
وقال: " بمثل هذا فارموا "
وقول عمر _رضي الله عنه_ للحجر: " أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك " متفق عليه .
فيتخرج المسلم من مدرسة الحج وقد تربى على متابعة نبيه _صلى الله عليه وسلم_ في أدق أموره وكبيرها .
20 ـ تربية للناس على يسر الشريعة، فيعتقدوا هذا المعنى ويعملوا به ، ويظهر هذا المعنى من خلال ما يلي :
أ ـ تفرق المواقيت وانتشارها تيسيراً على الناس.
ب ـ تعدد أنواع النسك .
ج ـ تخصيص العجزة والضعفة بأحكام تخصهم .
21 ـ تربية للناس على مراعاة الفوارق بينهم فليسوا على درجة سواء ، ويظهر هذا من تعدد أنواع النسك، فمن الناس من لا يستطيع إلا الإفراد، ومنهم من يستطيع القران وهو أفضل في حقة وأيسر ، ومن الناس من يستطيع على أفضل الأنواع وهو التمتع .
فهذا المعنى يشعر بمراعاة الشريعة للناس واستطاعتهم وأمورهم وفوارقهم، وهو رد على من يطالب باتحاد الأمة في كل شيء، سواء في الأعمال أو الاهتمامات .
22 ـ تربية للناس عملياً على فقه الخلاف ، ويظهر هذا من خلال ما يلي :
أ ـ اختلاف الناس في أنواع النسك .
ب ـ اختلاف الناس في أعمال يوم النحر .
ج ـ اختلاف الناس في الذكر حال الانصراف من منى إلى عرفة " منا الملبي ومنا المكبر " .
د ـ اختلاف الناس حال الانصراف من مزد لفة إلى منى من حيث العجز وعدمه .
هـ ـ اختلاف الناس حال التعجل من مكة أو التأجيل .
و ـ اختلاف الناس حال التقصير أو الحلق .
فكل هذه مواقف تربوية للناس على فقه التعامل مع الخلاف والمخالف ، ولم ينقل لنا أن الصحابة دار بينهم نقاش واتهام في سبب اختيار نسك على آخر، ولو كان المختار نوعاً مفضولاً وليس فاضلاً .
23 ـ تربية للناس على أنه ليس كل ما جاء في الشريعة يمكن إدراكه في العقل لأجل أن يبقى الشرع حاكماً على العقل وليس تحت حكمه ، فقد قال _صلى الله عليه وسلم_: " تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر كما ينفي الكير خبث الحديد " رواه أهل السنن وصححه الألباني _رحمه الله_ .
فمن حيث العقل المتابعة بين الحج والعمرة تستلزم كثرة ارتباطات مالية وإعاشة ، فجاء الشرع بهذه القضية التي لا يدركها العقل ليقرر أن الذي يكثر من الحج والعمرة ويتابع بينهما فإن ذلك ينفي الفقر ويطرده ، وإدراك كنه ذلك وحقيقتة يعلمها الله ، فيبقى المسلم دائم الارتباط بالله وعلمه_ سبحانه_ ، واتهمام نفسه بالعجز والقصور .
24 ـ تربية للناس على أن الأفضل دائماً ما وافق الشرع وليس ما كان أشق وأصعب ، فمثلاً :
الإحرام من المواقيت أفضل من الإحرام من مكان قبلها بمسافة ، وإن كان ذلك أشق وأصعب ، فينشأ المسلم ويتربى على تعظيم الشرع والعناية به .
25 ـ تربية للناس على الترتيب والنظام ، وأن هذا من ذا ت الإسلام وليس من خصائص ديار الكفر ، ويظهر هذا من خلال ما يلي :
أ ـ ترتيب أعمال العمرة .
ب ـ ترتيب أعمال يوم النحر .
ج ـ ترتيب رمي الجمار .
فمن العجب في زماننا والعجائب جمة ، أن يصبح التنظيم والترتيب مذمة .
26 ـ تربية الناس على إمساك الشهوة بالذات ، ولذلك كان عقد النكاح من محظورات الإحرام ، بل وحرم حتى الرفث والمباشرة وذات النكاح ، ولا شك أن في ذلك تربية للمسلم على التنبه لهذه الشهوة والحذر منها .
27 ـ تربية للناس على أداء العبادة على أكمل وجه وأحسن صورة ، ولذلك قال _تعالى_ " فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج "، وقال _صلى الله عليه وسلم_: " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " متفق عليه .
وكل ذلك ليتربى المسلم على إتقان عبادته وتحسينها والعناية بها.
28 ـ تربية للناس على التكيف في حال تغير العادة والوضع الذي تعود عليه الإنسان ، ففي خلال العام تعود الإنسان على أشياء وألفها ، فيأتي الحج ليربي المسلم على أن يتكيف ويتأقلم مع الوقت والساعة التي يعيش فيها ، وهذا مصداق توجيه عمر_ رضي الله عنه_ " اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم " .
29 ـ تربية للناس على الدعاء
ففي المناسك أغلب المواطن السنة فيها أن يدعوا المسلم ربه _سبحانه_ فمثلاً :
أ ـ الطواف .
ب ـ الركعتين بعد الطواف .
ج ـ حين شرب ماء زمزم .
د ـ في بداية ونهاية الصفا والمروة .
هـ أثناء السعي .
و ـ يوم عرفة بكامله .
ز ـ بعد الفجر من يوم النحر إلى الإسفار .
ح ـ بعد رمي الجمرتين الصغرى والكبرى .
وغير ذلك من المواطن ، فكل ذلك يربي المسلم على أن يرتبط بربه _سبحانه وتعالى_ من خلال الدعاء والالتجاء إليه .
30 ـ تربيه للمسلم على التعبد بصفة السمع والبصر له _سبحانه وتعالى_ كما هو مذهب أهل السنة والجماعة في إثبات الصفة ومعناها ، ويظهر هذا من خلال ما يلي :
أ ـ في مناسك الحج جميعها تتعدد اللغات ، وتختلف الأصوات ، وتتنوع الحاجات ، ومع ذلك يسمع _سبحانه_ دعاء هذا ، ويجيب نداء ذاك ، ويعلم لغة الجميع .
ب ـ يطلع على نيات الحجيج ومقدار صدقها ، وإخلاصها ، مع كثرتهم .
31 ـ تربية للناس على تعظيم حرمات الله ، ولذلك يتكرر في الحج عدة كلمات منها :
أ ـ البلد الحرام .
ب ـ الشهر الحرام .
ج ـ محظورات الإحرام .
فيتربى المسلم على تعظيم ما حرمه الله سبحانه وتعالى من المحرمات .
32 ـ تربية للناس على تأكيد مبدأ الولاء للمسلمين والبراءة من الكافرين ، ولذلك من السنة أن يقرأ في الركعتين بعد الطوف سورة " الكافرون "، والتي أبرزت هذه القضية وأسستها .
وكذلك من أبرز الأدلة مخالفة هدي المشركين في الدفع قبل شروق الشمس .
33 ـ تربية للناس على السكينة والوقار ، وتحقيق مبدأ الإيثار ، ولذلك كان يقول _صلى الله عليه وسلم_ حين الانصراف من عرفة " السكينة السكينة "؛ لأنها مظنة التزاحم وإيذاء غيره من المسلمين ، والوقار والسكينة صفة لازمة للمسلم كما وصفه الله في كتابه كما قال تعالى " الذين يمشون على الأرض هونا " .
34 ـ تربية للناس على جمع الكلمة رغم اختلاف الأحوال وتباين الأنساك ، وهذا مبدأ عظيم دلت عليه نصوص الشريعة ، وأحوال الصحابة رضي الله عنهم .
35 ـ تربية للناس على تذكر يوم القيامة ، بذلك الجمع الهائل ، بل يجمع الله في ذلك اليوم الأولين والآخرين ، ولا شك أن في تذكر يوم القيامة حياة لقلب المسلم وأثر في خشوعه وعبادته .
36 ـ تربية للناس على العناية بالوقت والاهتمام به ، فيوم عرفة فرصة لا تعوض إذا فاتت ، وأيام التشريق أيام ذكر لله ، والعشر من ذي الحجة العمل فيها مضاعف ، وكل ذلك يجعل المسلم يتربى على حفظ وقته بما ينفعه .
37 ـ تربية للناس على الأخوة الإيمانية، وذلك من خلال اجتماع الأبدان والذي يفضي إلى اجتماع القلوب ، وظهور آثار الأخوة في الحياة والسلوك اليومي .
38 ـ تربية للناس على إيجاد ميدان عملي لتربية النفس، فمثلاً :
الحج ميدان لتربية النفس على غض البصر .
الحج ميدان لتربية النفس على الإيثار .
الحج ميدان لتربية النفس على البذل والصدقة .
الحج ميدان لتربية النفس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
فالحج يوجد مناخ عملي وميدان تربوي لاختبار الذات .
39 ـ تربية للناس على تحقيق التقوى ؛ لأن محلها القلب ، وأكثر أعمال الحج تعتمد على القلب بالدرجة الكبرى ، ولذلك ذكر الله التقوى في آيات الحج، فقال _سبحانه_: " وأتموا الحج والعمرة لله ، واتقوا الله ... "
وقال _تعالى_: " وتزودوا فإن خير الزاد التقوى " .
40 ـ تربية للناس على حسن الخلق ، والتي هي أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة ، وذلك من خلال قوله _تعالى_: " ولا جدال في الحج " فالحث على ترك المجادلة تربية على حسن الأخلاق ، وكذلك إذا جمعت لها الحث على السكينة تبين ذلك .
41 ـ تريبة للناس على محبة جميع الأنبياء ، ويظهر من خلال إجابة نداء إبراهيم حينما أذن في الناس ، وزيارة البيت الذي بناه وإسماعيل ، والسعي في طريق هاجر حينما كانت تبحث لإسماعيل عن الماء .
42 ـ تربية للناس على تعدد أنواع العبادة ما بين طواف وسعي وصلاة وذكر ومبيت ورمي ونحر وحلق وغير ذلك ، فيتربى المسلم على ألا يتقصر على نوع واحد من العبادة، بل يعدد الأنواع ويتلذذ بها .
43 ـ تريبة للناس على تعظيم الله ، وهذا من خلال ما يلي :
أ ـ الرأس يطأطأ ويحلق تقرباً لله وانكساراً له .
ب ـ الهدي ينحر تعبداً له ، ويراق دمها لوجهه _سبحانه_ وحده، ويذكر عليها اسمه .
44 ـ تربية للناس على محبة الله ، فمن تأمل منظر الحجيج وعددهم والذي يفوق المليون، وتأمل كيف أن الله يرزقهم ويقوم بأمرهم ، ويحفظهم ، ويتولى شأنهم ، قاده التفكر لمحبته _سبحانه_ ، وبهذا والذي قبله يجتمع لله محبة وتعظيم وهذا هو حقيقة العبادة .
45 ـ تريبة للناس على معرفة الفضل للنبي _صلى الله عليه وسلم_ وصحبه _رضي الله عنهم_ في نشر الدين في بقاع الأرض ، وأنت تتأمل الأعداد الهائلة من بقاع شتى وألوان مختلفة ، ولغات متعددة لتدرك فضل السابقين في نشرهم لدين الله ، فانظر كيف وصل إلى بلاد شرق آسيا ، ثم أفريقيا ، بل أوربا ، فجزاهم الله خير الجزاء على تلك المهمة الصعبة التي قاموا بها خير قيام ، وغفر الله لنا في تقصيرنا في إكمالها ، ونسأل الله أن يعيننا على ذلك .
46 ـ تربية للناس على الحرص على إغاظة المشركين بكل ما يؤدي إليها، فقد شرع _صلى الله عليه وسلم_ الرمل في الطواف لأجل إغاظة المشركين فقط لما قالوا " يأتونكم وقد وهنتهم حمى يثرب " .
47 ـ تربية للناس على إحساسهم بأثر العبادة في حياتهم ، فمع كثرة الحجيج ووجود الازدحام ، وشدة الضيق ، والجهد والتعب ، إلا أن أنفس الناس لينة ويندر وجود المشاكل ورفع الأصوات والمشاجرات ، والسبب في ذلك ـ والله أعلم ـ أن العبادات التي يؤدونها قد أثرت على أنفسهم فجعلتها أنفسا عالية لا يهمها سفاسف الأمور ، بخلاف ما لو كان ذلك المنظر في سوق مثلاً فيكثر الصراخ وارتفاع الأصوات، وتكثر المشاكل وغير ذلك مما يربي في نفس المسلم الفرق البين الظاهر .
48 ـ تربية للناس على إحساسهم بالمسؤولية ، ففي حال وجود الأخطاء من الحجيج وبعضها من الأمور البدهية ، هذا يربي في المسلم أن يحس بالمسؤولية الملقاة على عاتقه في تعليم إخوانه ، وتقديم المفيد لهم ، ورفع الجهل عنهم ، أعتقد أن هذا هو المفيد بدل أن يقف الشخص يستهزء بهذا ، ويتهم ذاك .
49 ـ تربية للناس على الجهاد ، لوجود المشقة والتعب وفوات حظوظ النفس ، ولذلك سماه النبي _صلى الله عليه وسلم_ جهاداً كما قال : " عليكن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة " رواه البخاري .
50 ـ تربية للناس على العزة بالإسلام والدين ، وهذا يظهر من خلال حال الشيطان يوم عرفة ، فقد جاء في موطأ مالك عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال : " ما رئي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ، ولا أحقر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفة" حسنه ابن عبد البر _رحمه الله_ .
ومن خلال مباهاة الله _سبحانه_ بعباده كما ثبت في صحيح مسلم .
أخيراً :
هذه بعض الفوائد التربوية للحج وأثره على النفس البشرية ، وما فاتني أكثر بكثير من ذلك ، أسأل الله أن ينفع بها ، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
التعليقات