نوازل الصيام

 الشيخ الدكتور عبدالله بن حمد السكاكر

 
النازلة الأولى: بخاخ الربو
ماالمقصود ببخاخ الربو؟وكيف يستعمل؟ وإلى أين تذهب مواده؟ وكلام أهلالعلم في هل يفطر به الصائم أولا يفطر؟ 
بخاخ الربو: هو عبوة مضغوطة تحتوي علىثلاثة أمور أو أشياء
الأول: الماء .والثاني: غاز الأكسجين .والثالث: الموادالعلاجية التي يقصد أن تصل إلى الجهاز التنفسي فالعبوة هذه تحتوي على هذه الأمورالثلاثة النسبة الكبرى فيها للماء والباقي على الأكسجين والمواد العلاجيةواستعمالها كما هو معروف هو بأن يضع الإنسان هذا البخاخ في فمه ثم يأخذ شهيقاًعميقاً وفي هذه الأثناء يطلق بخةً واحدة يستنشقها أو يتنفسها مع الشهيق 
هذهالبخة أين تذهب حينما تستنشقها أو تتنفسها؟هذه البخة في غالبها وعامتها وأكثرها إلاما ندر يذهب إلى الجهاز التنفسي بدأ بالفم ثم ما يسمى البلعوم ثم القصبات الهوائيةثم يذهب إلى الرئة غالب هذه المادة المستنشقة يذهب بهذا الاتجاه لكن هناك جزء يسيرجداً من هذه المواد يعلق بجدران ما يسمى بالبلعوم والبلعوم هو أعلى الجهاز الهضمييعلق به وربما الإنسان يبتلع شيئاً منه فيذهب إلى المعدة يعني جزء يسير جداً يعلقفي البلعوم وجزء مما يعلق في البلعوم يذهب إلى المعدة والمعدة هي الجوف على الصحيحمن أقوال أهل العلم فهذا الجزء اليسير يذهب في هذا الطريق وغالب هذا الغاز أوالمادة المستنشقة يذهب إلى الجهاز التنفسي وننتقل إلى هل يفطر الصائم إذا تعاطي هذهالمادة أو لا يفطر؟ اختلف المعاصرون من أهل العلم الذين بحثوا هذه المسألة علىقولين: فذهب أكثر أهل العلم من المعاصرين إلى أن الصائم لا يفطر عند تعاطيه لهذهالمادة أو الغاز وهو صائم وممن قال هذا القول المشايخ الشيخ عبد العزيز بن باز،  والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ عبد الله بن جبرين والشيخ محمد الصديق الضريرواللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية وقد رجح هذا القول الشيخ أحمدالخليل في بحثه المفطرات المعاصرة قال هؤلاء إنه لا يفطر بهذا البخاخ وذهب فريق آخرمن أهل العلم إلى أنه يفطر به فإن الأصل أنه لا يجوز له أن يتعاطاه فإن احتاج إلىتعاطيه تعاطاه وقضى يوماً مكانه هذان هما قولا أهل العلم في هذه المسألة الذينذهبوا إلى أن هذا البخاخ لا يفطر الصائم وهم الأكثر ومعهم من ذكرت لكم في هذهالمسألة قالوا
إن الأصل صحة الصيام ولا يترك هذا الأصل وهذا اليقين إلا بيقينمثله ووصول شيء من هذا الرذاذ وهذه المادة إلى المعدة أمر مشكوك فيه لأن الأصل أنهذه المادة تذهب إلى الجهاز التنفسي فوصول شيء منها إلى المعدة هذا أمر مشكوك فيهواليقين لا يزول بالشك وبالتالي نقول إن الصيام يبقى صحيحاً حتى يثبت عندنا يقين أنجزءا من هذه المادة وصل إلى المعدة وكما قلت قبل قليل أن الأطباء يقولون أن جزءايسير قد يصل إلى المعدة قال من قال بأن بخاخ الربو لا يفطر قالوا وعلى فرض أن جزءامن هذه المادة وصل إلى المعدة فإنه قدر يسير يعفى عنه ولا يحصل الفطر به قياساً علىأمرين:  
الأول: ما يبقى بعد المضمضة فإن الأطباء وأهل العلم يقولون إن الإنسانإذا تمضمض وهو صائم إنه يصل إلى معدته من الماء قدر أكثر مما يصل إلى المعدة إذااستنشق هذا البخاخ لأن القدر الذي يصل إلى المعدة لو وصل من هذا البخاخ قدر ضئيلجداً جداً فإنه هذه العلبة علبة بخاخ الربو مقدار ما فيها تقريباً عشرة ملليلتراتمن هذا المحلول وهذه العبوة قد أعدت لتطلق مائتي بخة أي أن كل بخة واحدة من هذاالبخاخ يبلغ مقدارها واحدا على عشرين 1/20 من المليلتر الواحد هذا الجزء من عشرينجزءا من الملي لتر عامته يذهب إلى الجهاز التنفسي إذاً ما يعلق في البلعوم جزء يسيرجداً من هذه الكمية ثم الذي يعلق في البلعوم ليس كله يصل إلى المعدة وإنما الذي يصلإلى المعدة جزء يسير مما يعلق في البلعوم يقولون إن هذا القدر الذي يصل إلى المعدةمن هذه المادة إنه لا يقارن أبداً بما يمكن أن يصل إلى المعدة إذا تمضمض الإنسانبالماء ومن المعلوم أن الصائم يجوز له أن يتمضمض والنبي ‘ يقول " بالغ في الاستنشاقإلا أن تكون صائماً" معنى ذلك أن الصائم يتمضمض ويستنشق والأطباء يقولون: لو تمضمضالإنسان بمادة مشعة يعني تظهر في الأشعة لو تمضمض ثم مج هذا الماء الذي تمضمض به أوهذه المادة لوجد أثر هذه المادة بعد مدة يسيرة في المعدة معنى هذا أنه إذا تمضمضتيبقى في الفم شيء ثم تبلعه أنت مع الريق فيصل إلى المعدة هذا الذي يصل إلى المعدةمن بخاخ الربو لا يقارن أبداً بما يصل إليها من المضمضة فهؤلاء يقولون: لا يصل شيءمن البخاخ إلى المعدة ولو وصل فهو قليل معفو عنه متجاوز عنه لا يحصل به الفطرقياساً على ما يمكن أن يصل إلى المعدة بعد المضمضة بالماء هذا القياس الأول . 
القياس الثاني: القياس على ما يمكن أن يصل إلى المعدة من السواك فإن هذاالسواك أثناء الإستياك به تتحلل أجزاء منه ثم تذهب مع اللعاب إلى المعدة وفي صحيحالإمام البخاري معلقاً " يقول عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رضي الله عنه " رأيت النبيصلى الله عليه وسلم، مالا أحصي يستاك وهو صائم " والحديث وإن كان فيه مقال إلا أنالأصل في الأدلة الدالة على فضل السواك والترغيب فيه ليس فيها ما يدل على أن السواكيرغب فيه في حالة دون حالة والنبي صلى الله عليه وسلم ‘ قال " لولا أن أشق على أمتيلأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " والصائم تمر عليه ثلاث صلوات وهو صائم الفجر، الظهر، العصر وقال:" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء "وكان إذا دخلداره ‘ يبدأ بالسواك وإذا قام من نومه يبدأ بالسواك فالأصل أنما كان يفعله النبيصلى الله عليه وسلم في الفطر يفعله في الصيام مالم يثبت دليل يخرج ذلك عنه فهذاالسواك ثمت أجزاء تتحلل منه مع اللعاب فتصل إلى المعدة فإذا لم يحصل الفطر بهذهالأجزاء التي تتحلل فإنه لا يحصل بما هو أقل منه وهو ما يكون من أثر بعد تعاطي بخاخالربو هذا هو قول من قال أنه لا يفطر من تعاطى البخاخ أثناء الصيام وهذه هي حجتهمأظن إنه بمعرفة هذا القول ودليله نعرف دليل القول الثاني إذا القول الثاني أصبحواضحا وجليا لأنه إذا قلنا بخاخ الربو جزء يسير منه يعلق في البلعوم وجزء مما يعلقفي البلعوم يصل إلى المعدة ومعنى ذلك أنه وصل إلى المعدة فهذا يُفطر فهذا هو دليلمن قال بأن من تعاطى بخاخ الربو أثناء الصيام فإنه يفطر بذلك ودليل أصحاب القولالأول جواب عن دليل القول الثاني أن وصول هذا الماء إلى المعدة غير مسلم وعلى فرضالتسليم به فما يصل يسير جداً معفوا عنه قياساً على ما يبقى بعد المضمضة وبعدالسواك ولهذا نقول إن الراجح والعلم عند الله هو القول بأن بخاخ الربو لا يحصلالفطر به وهذا كما مر معنا أنه خلاف بين أهل العلم وأهل العلم يقولون الخروج منالخلاف مستحب فإذا أمكن لمريض الربو مثلاً أن يؤخر تعاطي هذا البخاخ ولا يترتب علىذلك مشقة ولا ضرر قلنا الأفضل أنه يؤخره خروجاً من الخلاف لكن إذا احتاج إليه فإننانقول إنه لا يحصل الفطر بذلك والعلم عند المولى سبحانه . 

النازلة الثانية:  الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان
يقول الأطباء أن منطقة ما تحت اللسان. هذه تعتبر من أسرع المناطقامتصاصاً للعلاج في البدن بحيث أن هذه المنطقة إذا وضع فيها العلاج يمتصه البدنبأسرع وقت ولهذا هناك أقراص صنعت لمرضى القلب لمنع ما يسمى بالذبحات الصدرية هذاالعلاج صنع لمرضى القلب لمنع هذه الذبحات أوالتجلطات في القلب بحيث أن الإنسان يضعهذه الحبة تحت لسانه فما هي إلا مدة يسيرة جداً فيمتص البدن هذه المادة العلاجيةفتصل إلى القلب عبر الدم وينتفع بها البدن هذه هي الأقراص العلاجية التي توضع تحتاللسان هذه الأقراص اتخذ فيها مجمع الفقة الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمرالإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة في عام 1418هـ اتخذ فيها المجمع في تلك الدورةقراراً بالإجماع كما أظن أنها لا تفطر لكن بشرط أنما يتحلل من هذا القرص لا يبتلعهالإنسان أو يزدرده لأن هذه الأقراص إذا وضعت تحت اللسان ربما يتحلل شيء منها يبقىفي اللعاب فهذا الذي يتحلل ما يبتلعه الإنسان وإنما يمجه فإذا لم يبتلع الإنسان مايتحلل من هذا القرص وإنما كان دخولها إلى البدن عبر هذه القنوات التي تحت اللسانعبر الدم فإنه لا يفطر بذلك لأن الأصل صحة الصيام ولا نترك هذا الأصل إلا بيقينوهذه الأقراص ليست أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل أو الشرب فإنها لا تصل إلىالمعدة ولا يحصل للبدن بها من القوة والنشاط ما يحصل بالطعام والشراب فهي ليستطعاماً ولا شراباً ولا في معنى الطعام أو الشراب ولهذا نقول إن هذه الأقراص لا يحصلبها الفطر لكن بالشرط الذي ذكرت لكم وهو أن ما تحلل منها لا يبتلعه الإنسان لكن لوتحللت في الفم ثم ابتلعه الإنسان فحينئذٍ نقول إن هذا عبارة عن أكل أو شرب واللهسبحانه قال {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}بمعنى انه إذا تبين الصبح أمسك الإنسان عن الطعام والشراب فإذا ابتلع ذلك فإنه يفطربه . 

النازلة الثالثة: منظار المعدة
منظار المعدة هو عبارة عن جهاز طبي متصل بسلك أو خيط أو نحو ذلك يدفعفي الجهاز الهضمي للإنسان عبر الفم ثم البلعوم ثم المريء ثم يصل إلى المعدة وهذاالجهاز في غالب أحيانه يستعمل لأغراض تشخيصية إما تصوير وإما أخذ عينات أو نحو ذلكثم بعد انتهاء الغرض يسحب مرةً أخرى ويستخرج هذا هو المنظار الذي نريد أن نتحدث عنه . هل يحصل به الفطر إذا فعله الإنسان وهو صائم؟ وقبل ذلك نبحث مسألة الخلاف فيهايؤثر في المسألة التي بين أيدينا هذه المسألة هي: هل كل ما وصل إلى الجوف بالمعنىالذي رجحناه وهو المعدة هل كل ما وصل إليها يعد مفطراً أم لا يعد مفطراً إلا ما وصلإلى الجوف مما يطعم أو يشرب أو ينتفع به البدن؟ فمثلاً إنسان معه خرزة أو لؤلؤة وهوصائم ثم وضعها في فمه وابتلعها عمداً هذا هو محل الخلاف في هذه المسألة هل يفطربذلك أم لا؟ من المعروف أنك إذا شربت ماءً أن هذا مفطر بالإجماع كما مر معنا لكنإذا أكلت وأنت صائم حصاة مثلاً أو لؤلؤة ووصلت إلى المعدة هل تفطر بذلك أم لا؟جماهير أهل العلم يقولون: إنه يفطر بابتلاع أي شيء سواء كان مما يطعم أو يشرب أومما لا يطعم ولا يشرب ولا يتحلل لو ابتلعت حصاة عمداً قلنا أنك أفطرت فإن قيل: هذهالحصاة لا تنفع ولا تغني ولا تسمن يقولون المهم أنك ابتلعتها ووصلت إلى المعدة فأنتتفطر بذلك هذا القول قال به الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلا أن الحنفيةقيدوا هذه المسألة بشرط فقالوا: - وهنا يتضح أحياناً فائدة وثمرة الخيال الفقهيالواسع ربما ذلك الفقيه الحنفي حينما ذكر مثل هذا الأمر لم يأتي في خلده أنه سيأتيبعد قرون شيء يسمى المنظار- فالحنفية يقولون: إنه يفطر بما وصل إلى المعدة ولو لميكن مطعوماً ولا متحللاً لكن بشرط أن يستقر في المعدة فعند الحنفية لو أن الإنسانربط خرزة مثلاً من اللؤلؤ بخيط ثم ابتلعها ووصلت إلى المعدة ثم سحبها مرةً أخرىفإنه لا يفطر بهذا في ذلك الوقت نقول إن هذا عبارة عن ترف فقهي أن الإنسان يتخيلمسائل قد لا تكون موجودة في ذلك الزمن ولا يخطر في بال أنها موجودة لكن الآن وجدتفعند الحنفية أنما يصل إلى المعدة يفطر به الصائم ولو لم يكن مما يتحلل أو ينتفعالبدن به لكن بشرط أن يستقر. هذا هو القول الأول في هذه المسألة . القول الثاني فيهذه المسالة ذهب إليه بعض المالكية واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ’ قال أصحاب هذاالقول إنه لا يفطر بما وصل إلى المعدة إلا أن يكون ذلك مما يطعم أو يشرب يعني ممايتحلل فينتفع البدن به فلو أكل حصاةً أو قرشاً فعند أصحاب القول الثاني أنه لا يفطربذلك . 
الجمهور الذين قالوا بأنما دخل إلى المعدة يفطر الصائم به ولو كان ممالا يطعم ولا يتحلل استدلوا على ذلك بعدد من الأدلة من هذه الأدلة أنه روي عن النبيصلى الله عليه وسلم "أنه نهى عن الاكتحال للصائم " وقالوا إذا اكتحل الإنسان فإنجزءا منه يصل إلى البلعوم ثم مع الريق ينزل إلى المعدة والكحل ليس مما ينتفع بهالبدن فهذا دليل على أنه يفطر بما وصل إلى المعدة سواء أكان نافعاً أو لم ينتفع بهالبدن لكن هذا الحديث حديث منكر لا يصح . الأمر الثاني قالوا أن ابتلاع الحصاة يسمىأكلاً وبتالي يدخل في النصوص الشرعية كما في قوله تعالى {وكلوا واشربوا حتى يتبينلكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } فهؤلاء يقولون: إن هذا أكل لكن أصحابالقول الثاني يقولون هذا هو محل النزاع وأهل العلم يقولون: ما يصح الاستدلال علىالخصم بمحل النزاع فنحن لا نسلم أن هذا أكل الأكل إنما هو لما يطعم أو يشرب ولهذاالأكل والشرب ورد في الآية والنبي صلى الله عليه وسلم هو المبين لكتاب الله تعالىوقد قال: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَاإِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُلِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي لِلصَّائِمِفَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِوَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ . رواه مسلم 
فالحديث يدل على أن الأكل إنما يعد أكلاً مفطراً إذا كان مطعوماً أيضاً استدلالجمهور بماصح عن ابن عباس _ أنه قال " إنما الفطر فيما دخل لا فيما خرج "وهذا وإنثبت عن ابن عباس _إلا أنه مقيد كما قيدت الآية لأن الفطر فيما دخل مما يطعم مماينتفع به البدن مما يتقوى به البدن لأن 
الحكمة من مشروعية الصيام هو- حبس النفس عنشهواتها وكسر حدتها وتضييق مجاري الشيطان وهو الدم فيها وهذا إنما يحصل بتركالمطعومات أما غير المطعومات فدخولها للبدن لا يقوي البدن ولا يوسع مجاري الشيطانفيه . 
القول الثاني وهو قول بعض المالكية وشيخ الإسلام ابن تيمية ’ الذين قالواإنه لا يفطر بما دخل إلى المعدة إلا أن يكون مطعوماً أو مشروباً يتحلل فينتفع بهالبدن فقالوا لأن هذا هو 
الحكمة من الصيام لأن الحكمة من الصيام هي منع البدن فيهذا الوقت من الطعام والشراب الذي يحصل به تقوي وأنتم تعرفون أن النفس إذا شبعت حصللها الأشر والبطر وهذا أمر مشاهد فإذا جاعت انكسرت حدتها وسورتها وذهب الأشر والبطروما يحصل من المعاني التي تنافي العبودية، والذل والخضوع لله عز وجل يحصل بالإمساكعن الطعام والشراب ويحدث عكسه بتعاطي الطعام والشراب الذي يتقوى به البدن أما تعاطيالحصاة أو خرزة أو نحوه فإنه لا يؤثر في ذلك ولهذا قال أصحاب هذا القول إنه لا يفطرإلا إذا وصل إلى المعدة شيء مما يتحلل وينتفع به البدن ويتقوى وهذا القول رجحهالشيخ أحمد الخليل في كتابه المفطرات المعاصرة وهو الذي يظهر إن شاء الله . 
بعدذلك نأتي إلى مسألتنا وهي مسألة المنظار هل يفطر به الصائم أو لا يفطر؟ 
فنقولالمنظار له حالتان:  
الأولى: هي أن يقوم المعالج بوضع مادة هلامية أو مادةدهنية أو نحو ذلك على هذا المنظار من أجل تسليك وتسهيل عملية دخوله أو يضخ الطبيبعبره محلول الملح ونحوه لإزالة العوالق عليه لتسهيل عملية التصوير وحينئذٍ نقول:  إنه يفطر الصائم بذلك لأنه وإن كان المنظار لايتحلل ولاينتفع به البدن إلا أن تلكالمواد يمتصها البدن ويحصل له بها نوع انتفاع . 
الحالة الثانية: أن يقومالمعالج بإدخال هذا المنظار بدون وضع أي شيء عليه أو من خلاله وحينئذٍ فالكلام فيالفطر به متفرع على الكلام بالفطر بدخول شيء إلى المعدة لا يتحلل مثل ابتلاع القرشوالحصاة ونحو ذلك فجمهور أهل العلم يقولون إنه يفطر بذلك لأنه جسم وصل إلى المعدةفهو في حكم الأكل أو الشرب والحنفية يقولون لا يفطر لأنه لا يستقر وأصحاب القولالثاني وهم بعض المالكية وشيخ الإسلام ابن تيمية ’ يقولون إنه لا يفطر بذلك لأن هذاليس مطعوماً ولا مشروباً ولا يتحلل ولا يحصل للإنسان له به قوة ولا نشاط فلا ينافيمعنى الصيام ولا 
الحكمة من الصيام وبتالي لا يفطر بذلك وهذا القول رجحه الشيخ محمدبن صالح العثيمين ’ وهو الراجح إن شاء الله تعالى

النازلة الرابعة: ما يتعلق بنفوذ شيء إلى البدن عن طريق الأنف
فمن ذلك قطرة الأنف هل يفطر الصائم بوضع شيء من هذا الدواء في أنفه أولا؟ وقبل أن نذكر أقوال أهل العلم في التفطير بهذه القطرة نؤكد على أن الأنف منفذإلى الحلق وإلى المعدة وهذا أمر ثابت في السنة ومؤكد عند الأطباء ومعروف عند الناسففي حديث لقيط بن صبره _ في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ‘ وبالغ فيالاستنشاق إلا أن تكون صائما" وهذا يفيد بأنه إذا كان صائما فلا يحل له أن يبالغ فيالاستنشاق لئلا يصل الماء إلى جوفه فيفطر بذلك فالأنف منفذ إلى الحلق ثم إلى المعدةكما هو معروف وفي الطب الآن ما يتعلق بغسيل المعدة وأحيانا التغذية لبعض المرضىوأمور كثيرة يكون ذلك عن طريق الأنف فهو منفذ إلى المعدة
إذا احتاج الصائم إلىأن يضع في أنفه قطرة من هذه القطرات الطبية العلاجية فهل يفطر بذلك أم لا يفطر؟ 
قد ذهب أكثر أهل العلم من المعاصرين ومنهم الشيخان ابن باز وابن عثيمين ’ إلىأن القطرة في الأنف تفطر وحجتهم في ذلك ظاهرة قالوا إن ما يوضع في الأنف من قطراتينفذ إلى الحلق ثم إلى المعدة فيكون مفطراً لحديث لقيط ابن صبره "وبالغ فيالاستنشاق إلا أن تكون صائما" فإن وَضْعَ القطرة في الأنف أبلغ من المبالغة فيالاستنشاق لأن المبالغة في الاستنشاق يحتمل أن يصل بها إلى حلقة شيء من الماءويحتمل أن لا يصل لكن القطرة آكد لأن الإنسان يضعها بحيث لا تخرج هذا هو القولالأول في هذه المسألة
وذهب بعض أهل العلم أيضاً من المعاصرين إلى أن القطرة فيالأنف لا تفطر واحتجوا على ذلك بأمرين: الأول أن ما يصل إلى الحلق من هذه القطرةقليل جدا فإن القطرة الواحدة ربما لا تصل كميتها إلى 6% من السنتيمتر المكعب الواحدفهي كمية قليلة جداً هذه الكمية يذهب أكثرها أو جلها في الشعب التنفسية والجيوبالأنفية وفي هذه القناة وما يصل منها إلى الحلق ثم بعد ذلك إلى المعدة قليل جداًفهو مما يعفى عنه ولا يحصل الفطر به قياسً على ما يصل إلى المعدة بعد المضمضة كمامر معنا سابقا. أيضاً مما احتج به أصحاب هذا القول أن هذه القطرة الطبية لو وصلتإلى المعدة فإنه ليس كل ما يصل إلى المعدة يحصل الفطر به .وعلى كل حال هذا الدليلفيه إشكال ونظر فبالتأكيد أن ما يصل من القطرة إلى المعدة سوف يحصل امتصاصهُ وليسصحيحاً أنه مثل الحصاة أو الخرزة أو نحو ذلك لكن كون هذا الذي يمتص مغذيا يحصلللإنسان به نشاط أو لا يحصل هذا ليس هو المعنى الذي يحصل به الفطر وإنما ما يصل إلىالمعدة مما ينتفع به البدن أو يمتصه البدن ولهذا لو أن إنسانا مثلاً تناول سما هلنقول ما يفطر لأنه هذا ضار ولا ينتفع به البدن؟ هذا يعتبر أكلا أو شربا وبتالي يحصلبه الفطر و بناء على هذين القولين فالذي يظهر لي والله سبحانه وتعالى أعلم خاصةً أنما يتعلق بالقطرة التي توضع بالأنف وإن كانت يسيره إلا أنه ما يأمن الإنسان أن يضعفي أنفه خمس قطرات، هل الإنسان حينما يضع القطرة في أنفه نجزم بأنه وضع قطرة واحدةمقدارها 6% من السانتيمتر المكعب؟ هذا غير مجزوم به. بالأمس قلنا بالنسبة لبخاخالربو البخه الواحدة الذي يصل منها يسير لأنها بخه واحدة لكن هنا قد الإنسان يريدأن يضع قطرة فيضع خمس قطرات. ثلاث قطرات . فنحن نقول إذا وصل إلى الحلق وإلى المعدةما يزيد على ما يعفى عنه قياساً على ما يبقى بعد المضمضة فإنه يحصل به الفطر وإنكان الذي يصل إلى المعدة قدرا يسيرا جداً مثل ما يتسامح فيه مما يبقى بعد المضمضةفإنه حينئذ لا يحصل الفطرُ بذلك ولا شك أن المسألة كما قلت لكم إشكالها أنك ماتستطيع أن تجزم بمقدار ما وضع في الأنف فلو أن الإنسان جزم بأنه وضع قطرة واحدة فيالأنف وما وصل من هذه القطرة إلى الحلق شيء لا يذكر قلنا إن القول الثاني هو الأرجحفي هذه المسألة. لأن هذا يسير فهو مما يعفى عنه قياساً على ما يبقى في الفم بعدالمضمضة لكن إذا لم يحصل اليقين بذلك ووضعت القطرة في الأنف ربما زادت وربما وصلإلى الحلق أكثر من ذلك فإننا نقول حينئذ إن هذه المسألة باب الاحتياط فيها ينبغي أنيكون مقدماً خاصةً أن النبي صلى الله عليه وسلم ‘ نص كما في حديث لقيط ابن صبره علىعدم المبالغة في الاستنشاق إذا كان الإنسان صائماً وكما قلت لكم قبل قليل أنه فيحال الاستنشاق إذا بالغ الإنسان في الاستنشاق فإن وصول شيء إلى حلقة مشكوك فيه ومعذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم ‘ عن ذلك لئلا يصل شيء إلى الحلق فيحصل الفطر بهفهذا لا شك أن القول الأول في هذه المسألة أنه أحوط لكن لو أنها كانت قطرة واحدةوتأكدنا من ذلك فإننا نقول إن القول الثاني أرجح لكن إذا حصل الشك في ذلك أو كانأكثر من ذلك فإننا نقول إن القول الأول أحوط في هذه المسألة .بالمناسبة فإن مجمعالفقه الإسلامي المنعقد كما قلت لكم في دورته العاشرة عام 1418هـ أتخذ قراراًبالنسبة لقطرة الأنف أنها لا تفطر بشرط أن لا يبلع ما يصل إلى حلقهِ فلو أنه وضع فيأنفه قطرةً ثم وصِلَ إلى حلقة شيءٌ منها فمجه وأخرجهُ فإنه لا يفطر بذلك لكن لوأبتلعه فإنه يفطر ويكون كالقول الأول في هذه المسألة

النازلة الخامسة: غازات التخدير.
التخدير له أنواع كثيرةوطرق شتى وإنما نريد في هذه المسألة أن نبحث نوعا واحدا من أنواع التخدير وهو مايتعاطى عن طريق الأنف بهذه الغازات وإلا فإن التخدير يحصل بهذه الغازات التي تستنشقويحصل أحياناً بطريقة الإبر الصينية ويحصل أحياناً بالإبر التي تكون إما باللثة أوالوريد أو نحو ذلك في طرق كثيرة. لكن ما نريد أن نتكلم عنه هو ما يتعاطى عن طريقالأنف أو الفم من هذه الغازات هذا الذي يتعاطى عن طريق الأنف من الغازات نريد أننبحثهُ في أكثر من موضع . 
أولاً: الفطر بعملية التخدير ثم نأتي بعد ذلك إلىالأثر وهو كون الإنسان يتخدر هل يفطر بذلك أو لا يفطر؟ 
نبحث في المسألة الأولىعملية التخدير ذاتها هل يحصل بها فطر أو لا حينما توضع هذه الغازات أو نحوها علىالأنف أو الفم فيستنشقها المريض ثم يحصل له بذلك التخدير هذه الغازات التي توضع علىالأنف أو على الفم فيستنشقها؟ 
مجمع الفقه الإسلامي أتخذ فيها قراراً في دورتهالتي ذكرتها لكم على أنها لا تفطر . وقد ذكر بعض الفقهاء الذين بحثوا في هذهالغازات بأنه ليس لها أجرام وأنها تستنشق عن طريق التنفس و تذهب إلى مجاري التنفسوبتالي فإنها لا تنفذ إلى الحلق ولو نفذت إلى الحلق فما ينفذ منها يسير مما يعفىعنه ولا يحصل الفطر به قياساً على ما يبقى في الفم بعد المضمضة. هذا هو قرار مجمعالفقه الإسلامي في هذه المسألة. وقد ذكر لي أحد الأخوة بالأمس من الأطباء أن هذاالذي يوضع على الأنف للتخدير يصاحب أحياناً عملية إدخال المنظار إلى المعدة يقول إنهذا التخدير يكون معه أحياناً بعض البخار أو المواد التي تصل حتماً إلى المعدة، ذكرت لكم الآن قرار مجمع الفقه الإسلامي وذكرت لكم ما ذكر لي أحد الأخوة الأطباءأنه يصل إلى المعدة من هذه الغازات مواد تصل حتماً إلى المعدة وهذه المواد لهاأجرام و تمتص في المعدة فإذا كان ما يقوله الأخ دقيقاً بحيث أن هذه الغازات يكونمعها مواد متحللة بخار ماء. مواد كيميائية وغير ذلك تصل إلى المريء ثم إلى المعدةفتمتصها المعدة وكان هذا المقدار كثيراً فإننا نقول أنه يفطر لكن مجمع الفقهالإسلامي والذين بحثوا هذه المسألة يقولون إنه لا يصل إلى المعدة من ذلك شيء يذكروما يصل فهو داخل فيما يتسامح فيه مما هو يسير كما يبقى في الفم بعد المضمضة أو مايصل إلى المعدة بعد المضمضة. هذه مسألة هل يقع الفطر بعملية التخدير؟ نأتي بعد ذلكإذا قلنا أن التخدير لا يفطر كما هو قرار مجمع الفقه الإسلامي ننتقل بعد ذلك إلى مايحصل للمريض بعد عملية التخدير مما يشبه الإغماء التام لأن التخدير هذا المقصود منهتخدير المريض سوءً كان موضعياً أو تخديراً كلياً فإذا قلنا إن عملية التخدير لاتفطر، نأتي بعد ذلك إلى ما يحصل بعد تعاطي هذا المخدر
فنقول ما يحصل للمريضبعد ذلك له حالات
الحالة الأولى: أن يكون فقدان الوعي جزئياً. مثل أن يكونفقدان الوعي مثلاً لمنطقة الجهاز التنفسي أو جهاز البلعوم والمريء مثل ما يحصل عندالمنظار فهذا فقدان للوعي في جزء معين وهو ما يسمى بالتخدير الموضعي لا يغيب معهالعقل ولا الإحساس ولا الإدراك وهذا لا يحصل به الفطر لأن الإنسان لا يزال بقواهالعقلية و يستصحب النية إما حقيقة أو حكما . 
الحالة الثانية: أن يحصل له تخديركامل. بمعنى أنه يتعاطى هذا المخدر ثم بعد ذلك يفقد الوعي بالكلية فهل يفسد الصيامبذلك أو ما يفسد؟ فقدان الوعي بالكامل له حالتان أيضاً
الحالة الأولى: أن يفقدالوعي جميع النهار. من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بمعنى أنه ما يمر عليه من الصياموهو في حالة إفاقة أو تذكر لصيام . 
الحالة الثانية: أن يكون هذا التخدير في جزءمن النهار يعني ساعة ساعتان ثلاث ساعات ثم يرجع إلى وعيه مرة أُخرى فأما الحالةالأولى لو أعطي المخدر مثلاً قبل طلوع الفجر وبقي مخدراً حتى غربت الشمس وكان منالليل عازماً على الصيام ناويا للصيام لكنه لما كان قبل الفجر بعشر دقائق أُعطي هذاالمخدر فبقي مخدراً حتى غربت الشمس فهل يصح صيامه أو لا يصح؟ الكلام في هذه المسألةهو كلام أهل العلم في مسألة إذا أُغمي على الصائم النهار كلهُ لأن مسألة التخديرمثل مسألة الإغماء إن لم يكن التخدير أبلغ لأن التخدير يكون بفعل الإنسان وجمهورأهل العلم على أنه إذا خدر النهار كلهُ فإنه لا يصح منه صيام. والعلة في ذلك هي أنالصيام إمساك بنية وهذا لا يصح منه أن يقال أمسك بنية لأن هذا ليس معه وعي إطلاقاًوالصيام كما تعرفون أنه تعبد لله سبحانه وتعالى ولهذا قلنا في تعريف الصيام بالأمسأنه إمساك بنية عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وهذا الذي فقد الوعيبالكامل لا تصح منه النية لا حقيقة ولا حتى حكماً وبالتالي لا يصح صيامهُ ومن أهلالعلم من قال إن الإغماء أو التخدير كما هو حاصل الآن في هذا الزمن إنه لا يفسدالصيام قياساً على النوم كما لو أن الإنسان نوى الصيام ثم نام قبل طلوع الفجر وماأفاق إلا بعد طلوع الشمس فإن هذا نام النهار كله وغاب معه العقل والإدراك فإذا قلتمأنه يصح هنا فإنه يصحُ هنا فإنه إذا صح من النائم صح من المغمى عليه. ولا ريب أنهيختلف المغمى عليه أو المخدر عن النائم فالنائم معه نوع إدراك وأما المغمى عليه أوالمخدر فإنه ليس معه إدراك بالكلية ولهذا الذي يظهر والله سبحانه وتعالى أعلم أنالصيام حينئذ لا يصح إذا خدر النهار كلهُ فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"يقولالله عزوجل كل عمل ابن أدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنهلي وأنا أجزي به يدعُ طعامهُ وشرابهُ وشهوتهُ من أجلي" فأنت تلاحظ في الصيام معنىأن الإنسان يمتنع طاعة لله سبحانه وتعالى وتعبداً "يدعُ من أجلي" فالترك هنا من أجلالله سبحانه وتعالى هذا هو الصيام أما ما يكون من ترك للطعام والشراب دون أن يكونفي ذلك قصد الصيام فإنه حينئذٍ لا يكون صياماً ولا يكون إمساكاً تماماً مثل لو أنالإنسان أمسك عن الطعام والشراب ونحو ذلك على سبيل الحمية أو الرجيم أو نحو ذلكفالذي يظهر والله سبحانه وتعالى أعلم هو قول الجمهور في هذه المسألة وأنه لا يصحصيامه
وبناء على قول الجمهور الذين يقولون لا يصح صيامهُ فإذا كان التخديرلجزء معين من النهار بمعنى أن الإنسان في وسط النهار في رمضان ذهب إلى الطبيب منأجل أن يعمل له منظارا أو نحو ذلك فوضع له هذا المخدر وخدره تخديراً كاملاً لمدةساعتين مثلاً ثم بعد ذلك رجع وأفاق مرةً أُخرى فإن أهل العلم يختلفون في ذلك علىقولين
فمن أهل العلم من يقول إن هذا يقطع النية، والنية في العبادات يشترطُاستصحابها في بداية العبادة حقيقة وفي أثنائها حكماً. ومعنى يستصحبها حكماً أن لايأتي بما يقطعها فلا يشترط أن يتذكرها كل الوقت فالإنسان في صلاته يسهو والإنسان فيرمضان ينام والإنسان في الحج ينام ويغفو فالمقصود أن لا يأتي بما يقطعها، لا ينويقطع الصيام ولا ينوي قطع الصلاة فإذا نوى قطع النية انقطعت فهذا هو المقصودبالاستصحاب الحكمي فا أصحاب هذا القول يقولون إن غياب الوعي بالكامل يقطع النيةوبتالي فإنه يفسد الصيام و من أهل العلم من قال إن هذا يقاس على النوم لأنه إذاحصلت له النية في أول العبادة وحصل له الإغماء أو التخدير في وسطها فإنه حينئذاستصحب النية حقيقة في بداية العبادة وفي أثنائها هذا التخدير يأخذ حكم النوم بمعنىأنه لم يأت بما يقطع وإنما غابت النية حينئذ وأنتم تعرفون أن مسألة الاستصحاب فيأثناء العبادة أهون من قضية ما يتعلق بعدم استصحاب النية في بداية العبادة ففيبداية العبادة الأمر آكد أما في أثنائها فإنه أهون ولهذا ينام الإنسان ويغفل ويسهوفي الصلاة وما تبطل صلاتهُ لكن لو أنه غفل عن النية في بداية العبادة ما دخل فيالعبادة أصلاً وما صحت العبادة منه ففي بداية العبادة لابد من استحضار النية لكن فيأثنائها الأمر أيسر من ذلك ولهذا الصحيح والله سبحانه وتعالى أعلم أنه إذا حصلالتخدير في وسط النهار أو في أثناء النهار دون أن يكون في أوله أو من أوله إلى أخرهأن هذا لا يفسد الصيام
هذا البحث في مسألة التخدير بالغازات التي تكون عن طريقالأنف أو الفم بعيداً عما يكون مع التخدير من ملابسات أُخرى لكن لو وجدت ملابساتأُخرى مع التخدير فإن هذه تبحث لوحدها كما لو أدخل جهاز ومعه مثلاً مادة هلاميةونحو ذلك أو أعطي المريض حقنة مغذية مثلاً أو وضع في دم المريض حقنة مغذية كالسكرأو نحو ذلك هذه مسائل أُخرى سنبحثها لوحدها. نحن نتكلم الآن عن عملية التخدير فقط

النازلة السادسة: ما يتعلق بقطرة الأذن
فإذا وضع الإنسان في أذنه قطرة علاجية فهل يفطر بذلك أو لا يفطر؟ قبلأن نبحث هذه المسألة نبحث مسألة أختلف فيها أهل العلم قديماً، والآن صار الطب فيصلافيها وهي هل الأذن منفذ إلى الحلق أو لا؟ فالأطباء يقولون إن الأذن ليست منفذً إلىالحلق إلا في حالة واحدة.- فلو وضعت في الأذن سائلا ماء أو دهنا أو قطرة أو أي شيء . لا يمكن أن يصل هذا إلى الحلق إلا في حالة واحدة وهي إذا وُجد في طبلة الأذن خرقفحينئذ هناك قناة تصل من الأذن إلى الحلق ومن الممكن أن يضع الإنسان في أذنه شيئاًفيصل إلى حلقة أما إذا كانت طبلة الأذن غير مخرقة فإنه لا يمكن أن يصل شيء من الأذنإلى الحلق. فهذه مسألة مهمة قبل أن نبحث المسألة التي بين أيدينا 
وقد اختلف أهلالعلم قديماً فيما إذا وضع الإنسان في أذنه دهنا أو ماء أو نحو ذلك هل يفطر بذلك أولا يفطر فمن أهل العلم من قال إنه يفطر بذلك بناءً على أنه لو وضع في أذنه شيئاًفإنه ربما وجد طعمه في حلقة، ومعنى ذلك أنه منفذ، ومن أهل العلم من قال إنه لا يفطربما يصل إلى أذنهِ وذلك أن الأذن ليست منفذاًً للحلق فهذا ليس أكلا ولا شربا ولا فيمعناهما و الشرع إنما جاء بالفطر بالأكل والشرب والمفطرات المعروفة فهذا الذي يوضعفي الأذن ليس أكلاً ولا شرباً ولا ينفذ إلى الحلق فنحن الآن بعد ظهور أن الأذن لاتكون منفذا إلى الحلق إلا إذا كانت الطبلة مخرقة. نقول: إن الطبلة إذا كانت سليمةفمعنى ذلك أن ما يوضع في الأذن لا يصل إلى الحلق وبتالي فإن هذا ليس منفذً إلىالمعدة وبناءً عليه إذا كانت طبلة الأذن غير مخرقة فإن قطرة الأذن لا تفطر نأتي إلىالحالة الثانية: افترض أن طبلة الأذن مخرقة وحينئذ كما يقول الأطباء تكون الأذنمنفذا إلى الحلق وقد يوضع في الأذن شيء فيصل إلى الحلق فهل يفطر بذلك أولا يفطر؟فالكلام حينئذ كالكلام في قطرة الأنف وغيرها هل هذا الذي يصل إلى الحلق يحصل بهالفطر لأنه يصل إلى الحلق ثم إلى المعدة وما وصل إلى المعدة فإنه يفطر به الإنسانمثل ما قيل في بخاخ الربو ومثل ما قيل في قطرة الأنف وغيرها فنقول أن هذا يصل إلىالحلق والجوف وبتالي يفطر به لحديث لقيط ابن صبره"وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكونصائماً " فهذا يعتبر في حكم الأكل والشرب أو نقول وهو القول الثاني في هذه المسألةوهو:الذي يقول به مجمع الفقه الإسلامي أنما يمكن أن يصل إلى الحلق لو كانت الطبلةمخرقةً يسير جداً بحيث أنه لا يخرج عن المقدار المعفو عنه فيما يتعلق بالمضمضة فمايصل إلى الحلق من قطرةٍ لا يزيد عما يصل إلى الحلق والمعدة مما يبقى إذا تمضمضالإنسان بالماء وهو صائم وإذا تمضمض بالماء وهو صائم فإنه لا يفطر بالإجماع فكذلكهنا لا يفطر وهذا هو القول الراجح إن شاء الله تعالى ومجمع الفقه الإسلامي يقول إنهلا يفطر بشرط أنه لا يبتلع ما يصل إلى حلقه لكن نحن نقول حتى لو وصل إلى 
حلقهشيء وابتلعه فإن هذا لا يخرج عن كونه يسيراً يعفى عنه

النازلة السابعة:  غسيل الأذن
أما إذا كانت طبلة الأذنسليمة وغير مخرقة فإنه لا يحصل الفطر بذلك لما سبق وأما إذا كانت طبلة الأذن مخرقةثم غسلت هذه الأذن بماء أو نحوه ثم وصلت كمية تزيد عن المقدار المعفو عنه والقولحينئذ بأنه لا يفطر لا شك بأنه قول ضعيف والصحيح والله أعلم أنه إذا حصل غسيل الأذنوهي مخرقة الطبلة والغسيل حينئذٍ بماء كثير أو محلول كثير فإنه حينئذٍ يفطر بذلكاستدلالا بحديث لقيط ابن صبره رضي الله عنه في السنن" وبالغ في الاستنشاق إلا أنتكون صائما "لأن هذا في معنى الاستنشاق إذا كانت الأذن قناة تصل إلى الحلق وإلىالمعدة ثم غسلت بالماء الكثير فوصل شيء إلى ذلك فهذا مثل ما يصل إلى الحلق إذا بالغالإنسان في الاستنشاق ولهذا الظاهر والراجح حينئذٍ أنه يفطر بذلك لكن لو حصل الغسيلبشيء يسير أونحو ذلك فإن هذا يأخذ حكم القطرة لكن إذا كان كثيرا ًبماء أو محلولأونحو ذلك فإن هذا مثل إذا استنشق الإنسان أو بالغ بالاستنشاق فإنه يفطر بذلك . 

النازلة الثامنة: قطرة العين 
ما يوضعفي العين من مادة علاجية على شكل قطرة. قبل بحث هذه المسألة نقدم بإجابة على سؤالهل العين قناة إلى الحلق؟ بحيث أنما يوضع في العين يصل إلى الحلق أم لا؟يقولالأطباء إن العين قناة إلى الحلق فإن العين لها قناة متصلة بالأنف ثم بالحلق ولهذانقول إن هذا منفذ إلى الحلق، والآن هل يحصل الفطر بما يوضع في العين من قطرة؟المسألة خلافية بين أهل العلم المعاصرين وقد ذهب أكثر أهل العلم ومنهم: الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين _عليهما رحمة الله_ إلى أنه لا يفطرالصائم بوضع قطرة في عينه، لأن الصيام ثبت بيقين فلا يرفع إلا بيقين وما يصل ممايوضع في العين من قطرة لو وصل فإنه لا يزيد على ما يعفى عنه مما يتبقى بعد المضمضةفإن الأطباء يقولون إن تجويف العين لا يمكن أن يتسع إلا لقطرة واحدة وهذه القطرةحجمها لا يعدوا ستة بالمائة من السنتيمتر المكعب الواحد ثم إن هذه القطرة سوف يمتصأكثرها فيما يسمى بالقناة الدمعية وما يصل إلى الحلق إن وصل إلى الحلق فهو كميةضئيلة جداً لا تزيد عما تسامح الشرع به في المضمضة بل إن بعض الأطباء يقولون إنه لايمكن أن يصل شيء من قطرة العين إلى الحلق فإنما يوضع في العين يمتص بالكامل فيالقناة الدمعية وما يجده الإنسان من طعم في حلقه ليس عن طريق وصول هذه القطرة إلىالحلق وإنما يقولون إن الجسم لما إذا امتص هذه القطرة ذهبت مرارتها إلى مراكزالتذوق في اللسان فيحس الإنسان بطعمها ولو لم تصل في الحقيقة إلى اللسان وإنما وصلتلامتصاصها في البدن ووصولها إلى مراكز التذوق وهذا كلام لبعض الأطباء وليس كلهم لكنلو أننا لم نأخذ بهذا الكلام وإنما أخذنا بأنه قد يذهب شيء من قطرة العين إلى الحلقفإننا نقول إنما يصل إلى الحلق من ذلك يسير جداً لا يتجاوز الحد المعفو عنهبالمضمضة، ومن أهل العلم من قال إن قطرة العين يحصل بها الفطر وهؤلاء يقولون قياساًعلى الكحل فكما أنه يفطر إذا اكتحل فكذلك إذا وضع قطرة فإنه يفطر لأنه يجد طعمها فيحلقه فإذا وصلت إلى جوفه أفطر بذلك وهذا على كل حال يجاب عنه بأن الأصل المقيس عليهليس محل إجماع من أهل العلم، فأهل العلم مختلفون في الكحل والصحيح أنه لا يفطرالإنسان بالكحل فالأصل المقيس عليه ليس مسلماً كما يستدلون بحديث لقيط بن صبره "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما" قالوا هذا يصل إلى المعدة وقد أجبنا عن ذلكبأن ما يمكن أن يصل إلى الحلق ثم إلى المعدة من ذلك يسير معفو عنه فهو داخل تحت ماتجاوز الله عنه مما يبقى بعد المضمضة ولهذا فالصحيح أن قطرة العين لا يحصل بهاالفطر . 

النازلة التاسعة: الحقن العلاجية سواءكانت جلدية أو عضلية أو وريدية
فهذه هي أقسام الحقن منها ما يؤخذ تحتالجلد مثل حقن الأنسولين أو كانت مما يعطى في العضل أو في الوريد هذه الحقن قيدناهابالعلاجية لأنه سيأتي في النازلة التي تليها الحقن المغذية لكن مانريد أن نتكلم عنهالآن الحقن العلاجية هل يحصل الفطر بها؟ 
مر معنا أن الجوف على التحقيق والراجحأن المقصود به المعدة و بالتالي فهذه الحقن العلاجية التي تؤخذ بالطرق الثلاث إذاعرفنا أنها لاتصل إلى المعدة بل تكون عن طريق الجلد أو عن طريق الدم وأنها لا تأخذحكم الأكل ولا الشرب فيما يحصل بها من تقوية للبدن ونشاط وحيوية وغير ذلك فإننانقول حينئذٍ إن الصيام ثابت بيقين وإن هذا الصيام الثابت بيقين لا يرتفع إلا بيقينمثله وهذه الحقن ليست من المفطرات التي نص الشرع على التفطير بها وليست في معناهاولهذا نقول إنها لا تفطر وبهذا قال أعضاء مجمع الفقه الإسلامي في دورته العاشرة فقداتخذوا قراراً بالإجماع أن هذه الحقن لا تفطر وهو قول الشيخين ابن باز والعثيمينعليهما رحمة الله تعالى وقد ذكر الدكتور أحمد الخليل في مفطرات الصيام المعاصرة أنهلا يعرف أحداً قال بأن هذه تفطر وذلك لما سبق من التعليل فنعرف أنه لا بأس للصائمأن يعطى إبرة الأنسولين تحت الجلد أو المضاد الحيوي أو يعطى اللقاح وقد سُئلتاللجنة الدائمة للإفتاء من قِبل وزارة الصحة بأنها تنوي القيام بحملات تطعيم ضدالحمى الشوكية على المدارس في نهار رمضان فهل يحصل الفطر بهذه الإبر فأفتت اللجنةالدائمة بأن هذا لا يفطر

النازلة العاشرة: الحقنالمغذية الوريدية
وهي التي تعطى لبعض المرضى وتكون مؤلفة من محلولمائي يحتوي على السكر والأملاح والماء وربما أضيف إليه بعض العلاجات فهذه الإبرالمغذية لا تنفذ إلى الجوف ولا تصل إلى المعدة وإنما هي إبر تعطى عن طريق الوريدفهي تدخل إلى الدم مباشرة فمن جهة وصولها إلى الجوف والمعدة فإنها لا تصل لكن يبقىأن هذه الإبر المغذية في معنى الأكل والشرب ولهذا تلاحظون أنه في بعض الأحيان عندالمرضى قبيل العمليات الجراحية أو بعدها أو في بعض الحالات المرضية ربما يجلسالمريض لساعات أو أيام يتغذى على هذه الإبر فقط لا يعطى أي طعام أو شراب وهذا يدلدلالة أكيدة على أنها في معنى الأكل والشرب ولهذا فمجمع الفقه الإسلامي وأكثرالعلماء المعاصرين على أنها تفطر وذلك أنها وإن لم ينص على أنها من المفطرات إلاأنها في معنى المنصوص قد نص الكتاب الكريم والسنة النبوية على أن الصائم يفطربالأكل والشرب { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط البيض من الخيط الأسود من الفجروفي الحديث" يدع طعامه وشرابه وشهوته " فالأكل والشرب منصوص على التفطير بهما وهذهالإبر في معنى المنصوص عليه ولهذا فإنه يحصل الفطر بها، وقد ذهب بعض الباحثين إلىأنه لا يحصل الفطر بها لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا تنفذ إلى المعدة ولكن لا شكأن هذا قول ضعيف لأنها ليست أكلا ولا شربا ولكنها في معنى الأكل والشرب والمريض قديستغني بها أياماً عن الأكل والشرب ولهذا فلا شك أن القول الراجح أنه إذا تعاطهاالمريض فإنه يفطر بذلك . 

النازلة الحادية عشرالدهانات والمراهم واللصقات العلاجية
من المعروف أن في الجلد مساماتيحصل من خلال هذه المسامات امتصاص ما يوضع على الجلد فمثلا الإنسان إذا وضع علىجلده مادة دهنية يمتص الجلد هذه المادة كما هو معروف ومشاهد ومثل هذه الموادالدهنية توضع مواد علاجية على الجلد لأن هذه المسامات تمتص هذا العلاج وأحيانا توضعالعلاجات على شكل لصقات تكون فيها مادة نفاثة أو مادة علاجية مسكنة أو طيارة أو نحوذلك فتوضع على الجلد فهذه المراهم والدهانات التي توضع على الجلد فيمتصها الجلدوتنتهي على الدم إذا قلنا بأن الإبر والحقن التي تعطى عن طريق العضل وتحت الجلد وفيالوريد لا تفطر فهذه من باب أولى فقد اتخذ مجمع الفقه الإسلامي قرارا بالإجماع أنهالا تفطر وقد حكى بعض الباحثين الإجماع على أن هذه لا يحصل الفطر بها ومما لاشك فيهأن الناس على عهد النبي كانوا يحتاجون إلى الادهان في جلودهم وشعورهم وهذا أمرمعروف عند الناس في القديم والحديث وحتى في قصة العنبر في الحديث قال: فأكلناوادهنا, فالادهان أمر معروف والدهن يمتصه الجلد ولو كان مفطراً لنبه عليه النبي صلىالله عليه وسلم ولا يجوز على النبي ‘ تأخير البيان عن وقت الحاجة فهذا لا شك أنهظاهر في أن مثل هذه حتى لو كانت علاجية فإنها لا تفطر
 
النازلة الثانية عشر: القسطر
فما هي القسطرة وما حكم هذه القصطرة بالنسبة للفطر بها وعدمه؟ 
القصطرة هي إدخال جهاز أو أنبوب مثل ما ذكرنا عن المنظار الذي يعطى عن طريقالبلعوم أو عن طريق المريء للمعدة سواء كان للتشخيص أو للعلاج فالقصطرة مثل هذاالجهاز أو يختلف عنه اختلافا بسيطا يدخل عن طريق الوريد حتى يصل الأوردة والشرايينالمتصلة بالقلب أو في أي مكان في البدن ويستعمل هذا النوع من العلاج أحيانا لأغراضتشخيصية لاكتشاف التجلطات في الأوردة والشرايين وأحيانا لأغراض علاجية مثل فتح بعضالشرايين المغلقة أو التي فيها تجلط هذه هي قصة القصطرة وهي معروفة تصنع لمرضىالقلب ونحوهم أما حكمها وهل يحصل الفطر بها أو لا فقد اتخذ مجمع الفقه الإسلاميقراراً بالإجماع وذكر بعض أهل العلم أن في المسألة إجماعا من المعاصرين على أنه لايحصل الفطر بها لأن هذه القصدرة ليس مما ورد به النص مما يفطر وليست مما في معنىالمنصوص وهذا الكلام مشروط بأن لا يكون هناك أمور مصاحبة كما في مسألة المنظار فإنالمنظار لو وضع عليه مادة هلامية أو مادة دهنية حصل الفطر به فكذلك القصطرة فإذاكانت عملية القصطرة بدون إضافات فإنه لا يحصل الفطر بها لأنها ليست مما نص الشارععلى الفطر به وليست في معنى المنصوص لكن لو حصل مع هذه القصدرة أن أعطي المريض بعضالإبر أو الحقن أو المحاليل المغذية في الدم فإنا نقول حينئذ إنها تبحث إذا كانتأشياء علاجية مثل الإبر وإن كانت مغذية فتأخذ حكم الإبر المغذية لكن القصطرة بذاتهاإذا لم يصاحبها إدخال أشياء أخرى إلى جسم المريض فإنها لا تفطر لأنها ليست منالمنصوص على التفطير به ولا في معنى المنصوص . 

النازلة الثالثة عشر: منظار البطن. 
تكلمنا عن المنظار الذييعطى للمريض مع البلعوم فالمريء إلى المعدة هذا نوع من المناظير ومن أنواع المناظيرمانتكلم عنه الآن وهو منظار انتشر بعد تطور الطب يدخل في بطن المريض عن طريق جدارالبطن فتفتح فتحة صغيرة في جدار البطن ثم يدخل هذا المنظار وهذا المنظار يذهب إلىتجويف البطن لكنه لا يذهب إلى المعدة فإذا قلنا إن تجويف البطن هو الجوف قلنا هذاوصل إلى الجوف لكن إذا حصرنا كما مر معنا واتفقنا في الدرس الأول أن الجوف مقصود بهالمعدة فإن هذا المنظار لا يذهب إلى المعدة إنما هذا المنظار يذهب إما لأغراضعلاجية مثل استئصال المرارة أو استئصال الزائدة الدودية أو استئصال حصوات معينة وهوأحيانا يكون لأغراض تشخيصية تصوير ونحو ذلك وأحيانا يكون لأخذ عينات من الكبد أونحو ذلك فهو لا يصل إلى المعدة وإنما يذهب إلى تجويف البطن إلى الزائدة أوالمرارةأو الكلى أو الكبد أو نحو ذلك فما حكم هذا المنظار الذي يصل إلى البطن؟ 
هذاالمنظار حكمه تابع للخلاف الذي ذكرناه في الدرس الأول وهو المقصود بالجوف فمن قالبأن تجويف البطن يعتبر جوفاً وأن ما وصل إليه يعتبر مفطرا فإنه يقول إن المنظاريفطر لأنه يصل إلى الجوف ولكن حينما نتأمل أن هذا المنظار أولاً لا يصل إلى الجوفالذي رجحنا أنه الجوف وهو المعدة
الثاني: أن هذا المنظار ليس مما يطعم ولايشرب فحتى لو وصل إلى المعدة فقد سبق وأن قررنا أنه لو وصل إلى المعدة شيء مما لايطعم ولا يشرب كأن يبتلع الإنسان خرزة مثلا أو حديدةً أو قرشا أونحو ذلك لا يفطربذلك فإننا نقول إن هذا المنظار: أولا لا يصل إلى الجوف الذي رجحناه وهو المعدةوثانيا أن هذا المنظار لو وصل فإنه ليس مما يطعم ولا مما يشرب ولهذا فإن الراجح هوأن منظار البطن ليس مما نص الشارع على أنه يحصل الفطر به ولا في معنى المنصوص ولهذااتخذ مجمع الفقه الإسلامي قرارا بالإجماع على أن منظار البطن لا يحصل الفطر به وهذابالطبع كما قلت لكم في مسألة القصطرة ما لم يصاحب هذا أمور أخرى فتبحث لوحدها لكنالمنظار إذا أدخل المريض دون أن يعطى أشياء أخرى أو محاليل أو سكريات أو أملاح أونحو ذلك فإن المنظار بحد ذاته ليس مفطراً على الصحيح من قولي العلماء وهو الذي اتخذفيه مجمع الفقه الإسلامي قرارا بالإجماع أنه لا يحصل الفطر به . 
النازلة الرابعة عشر: الغسيل الكلوي  
بعض المرضى يصاب بفشلكلوي وحينئذ يحتاج إلى أن يجرى له غسيل كلوي دوري كل يومين أو كل ثلاثة أيام من أجلإخراج هذه السموم والمواد الضارة من دمه هذه العملية وهي عملية غسيل الدم وإخراجهذه السموم والمواد الضارة من الدم هي مايسمى الغسيل الكلوي ، والغسيل الكلوي لهطريقتان الطريقة الأولى: الغسيل الكلوي عن طريق ما يسمى الكلية الصناعية وهي أداةأو جهاز يوصل بالمريض عن طريق الوريد فيستخرج دم المريض عن طريق الوريد إلى هذاالجهاز فيقوم هذا الجهاز بتنقية هذا الدم عن السموم والمواد الضارة ثم يضاف إلى هذاالدم بعض السكريات والأملاح ثم يعاد ضخه إلى المريض مرةً أخرى هذه هي الطريقةالأولى. الطريقة الثانية هي الغسيل الكلوي عن طريق ما يسمى بغشاء البريتون أوالبرايتون وهذا الغشاء موجود داخل تجويف البطن فيفتح للمريض فتحة فوق السرة ثم يضخعن طريق هذه الفتحة كميات من السوائل فيها كميات كبيرة من السكريات والأملاح وتبقىداخل تجويف البطن عند ما يسمى بغشاء البرايتون فهذا الغشاء يتبادل مع هذه السوائلالسموم أو المواد الضارة الموجودة في الدم امتصاصاً وإفرازاً ثم يقوم الطبيب بإخراجهذا السائل مرةً أخرى ويضخ سائلا آخر مرة أخرى يبقى في البطن مدة من الزمن ثم يمتصأو يستخرج وهكذا ، هذه هي الطريقة الثانية من طرق الغسيل الكلوي وتلاحظون أنه فيكلا الحالتين أن العملية تتم بإضافة قدر من السكريات والأملاح والماء أحيانا ولاشكأن السكريات والأملاح في معنى الأكل والشرب فالمغذي الذي يعطى للمريض هو عبارة عنماء وأملاح وسكريات كما أعرف فغسيل الكلى بالطريقة الأولى أو الطريقة الثانية يشتملعلى هذا الأمر فيصل إلى دم المريض سكريات وأملاح عن طريق هذا الغسيل وبناء على ذلكذهب أعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية والشيخ عبد العزيز بنباز’ ومجموعة من أهل العلم إلى أن الغسيل الكلوي مفطر من مفطرات الصيام وذلك لأنهوإن لم يكن أكلاً ولا شرباً إلا أنه في معنى الأكل والشرب مما يحصل للمريض به منالتقوي ونحو ذلك . 
ومن أهل العلم من قال إنه لا يحصل الفطر بالغسيل الكلوي وذلكلأنه ليس أكلاً ولا شرباً ولا ينفذ إلى الجوف لكن هذا القول ليس بشيء لأنه كماذكرنا قبل قليل أن إيصال المواد الغذائية مثل السكريات والأملاح إلى الدم يحصل بهمن القوة والنشاط ما يحصل بالأكل والشرب فالمغذي أحياناً يجلس عليه الإنسان يومينأو ثلاثة أيام ويكتفي به عن الأكل والشرب ويحس معه المريض بالري والشبع ولا يحتاجمعه إلى طعام فالغسيل الكلوي لاشك عندي والله أعلم أنه يحصل الفطر به هذا فوق أنهيحصل للإنسان به من الإجهاد والضعف والإنهاك ما هو أشد مما يحصل للإنسان بالقيءمثلاً أو بالحجامة أو حتى بدم الحيض ودم الحيض مما قام الإجماع على الفطر به والقيءثبت الحديث أن النبي ‘ قال:" من استقاء فعليه القضاء " وأكثر أهل العلم يعلل القيءبأنه يضعف والحجامة الذين يقولون بأنه يفطر بها يعللون ذلك بما يحصل من الإضعافللبدن ، والغسيل الكلوي يظهر لي أنه لا يقارن بهذه الأمور فهو ينهك المريض أكثر مماتنهكه الحجامة أو القيء أو الحيض ولهذا فالنفس مطمئنة إلى أن الغسيل الكلوي يحصلالفطر به

النازلة الخامسة عشر : الغسول المهبلي. 
والمقصود بالغسول المهبلي هو ما يكون من محاليل مطهرة أو علاجيةتتعاطاها المرأة عن طريق الفرج (القبل) هذا الغسول المهبلي محل خلاف بين أهل العلممبني على خلاف قديم لأهل العلم قديماً فيما إذا أدخلت المرأة مائعاً في فرجها هليحصل الفطر لها بذلك أو لا يحصل؟ فأهل العلم قديماً اختلفوا في ذلك بناءً علىاختلافهم في هل الفرج يعد منفذا إلى الجوف أو لا ؟ تعرفون أن كثيراً من هذه الأمورلم يجزم بها ويقطع بها إلا بعد تطور علم الطب والتشريح أما في السابق من المعروف أنالميت له حرمة لهذا لم يكن مثل ذلك متاحاً للفقهاء الأقدمين فمن أهل العلم قديماًمن قال إنه يفطر به لأن هذا منفذ إلى الجوف وبتالي يحصل الفطر به ومن أهل العلم منقال إن هذا لا يعد منفذا إلى الجوف وبتالي لا يحصل الفطر به وفي العلم الحديث أنهذا لا يعد منفذا إلى الجوف ولا يصل مطلقاً وليس هناك قناة بين الفرج وبين المعدةوبتالي فإن هذا الغسول ليس أكلاً ولا شرباً ولا مما يحصل الفطر به بالنص ولا فيمعنى ما ورد النص بالفطر به ولهذا اتخذ مجمع الفقه الإسلامي قراراً بالإجماع بأنالغسول المهبلي لا يعد مفطراً للصيام . 
التحاميل المهبلية والمنظار المهبليوأدوات الفحص المهبلية وكل ذلك المقصود به ما تحتاجه المرأة في العلاج سواءً كانذلك بالتحاميل التي تعطى للمرأة كمواد علاجية أو كان بالمنظار المهبلي الذي يكونلأغراض علاجية أو تشخيصية أو كان ذلك بالأدوات التي يفحص بها في فرج المرأة وفيقبلها وهذه الأدوات الثلاث أو النوازل الثلاث إذا قلنا إن الغسول المهبلي لا يحصلالفطر به فهذه مثلها أو أولى منها فلا يحصل الفطر بهذه التحاميل ولا بالمنظار ولابأدوات الفحص لأنها ليست مما ورد النص بالفطر به ولا في معنى المنصوص ولهذا اتخذمجمع الفقه الإسلامي قراراً بالإجماع بأن هذه الأمور لا يحصل الفطر بها . 

النازلة السادسة عشر: الحقنة الشرجية. 
والحقنة الشرجية هي ما يعطى للمريض في الدبر وهي نوع معالجة وغسيلللأمعاء بضخ الماء وبعض الأدوية كما هو معروف وهذه المسألة ليست جديدة لكنها الآنأخذت صبغة علمية باعتبار أنها عمل طبي يعالج به وقد اختلف فيها أهل العلم قديماًوحديثاً على قولين: فمن أهل العلم من قال إنها تفطر لأنها تصل إلى الجوف وبتاليفإنها تفطر وذلك لما قررناه سابقاً من أن الجوف المقصود به المعدة والأمعاء لأنهاموضع الامتصاص ومن أهل العلم من قال إنها لا تفطر واحتجوا على ذلك بأنه لا يحصلللإنسان بها نوع تغذية وإنما هي للتنظيف فلا يحصل منها غذاء فهي ليست أكلا ولا شرباولا في معناهما وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ’ وقبل أن نذكر ما هو الراجح فيهذه المسألة أنبه بأن الأطباء يقولون إن الدبر متصل بما يسمى بالمستقيم ثم بعد ذلكالقولون أو الأمعاء الغليظة والحقنة تكون في هذه المنطقة والأطباء يقولون إن امتصاصالغذاء يحصل أغلبه في المعدة وفي الأمعاء الدقيقة ويحصل منه امتصاص يسير للماءوالأملاح والسكريات في الأمعاء الغليظة وبناء على ذلك فإن المريض إذا أعطي هذهالحقنة الشرجية أعزكم الله والتي تشتمل على السوائل والمحاليل وأمور طبية أنها تصلإلى هذه المنطقة التي يحصل بها الامتصاص وهي الأمعاء الغليظة ولهذا فالقول بالتفطيرهو الأظهر والأرجح وقد أختار الشيخ محمد بن صالح العثيمين والشيخ أحمد الخليل -حفظهالله – في هذه المسألة أن ما يحقن في الدبر إذا تضمن الماء أو شيئا من المحاليلالمغذية مثل الأملاح أو غيرها فإنه يحصل به الفطر أما إذا لم تشتمل هذه الحقنة إلاعلى أشياء دوائية فليس فيها سوائل ولا ماء ولا أملاح فإنها لا تفطر وعندي أن هذهالحقنة والله سبحانه وتعالى أعلم تفطر على كل حال مادام أنها تصل إلى الأمعاءالغليظة التي يحصل فيها الامتصاص فإن الأمعاء الغليظة ومراكز الامتصاص تمتص الدواءوتمتص الماء وهذه الأمور كلها مفطرة ولهذا والذي يظهر والله تعالى أعلم أن هذهالحقنة الشرجية مفطرة بهذا المعنى هذا هو الراجح أنشاء الله تعالى

النازلة السابعة عشر: التحاميل الشرجية . 
التحاميل الشرجية هي ما يوضع في دبر المريض وتشبه المراهم وتستعمللعلاج بعض الأمراض مثل البواسير ولتخفيض الحرارة وهي معروفة فهذه التحاميل أيضاًمحل خلاف بين أهل العلم باعتبار أنها تصل إلى الجوف وبتالي هل يحصل بها التفطيرلوصولها إلى الجوف أم لا يحصل بها التفطير وهو بالتأكيد قياس قول من قال إنه لايحصل التفطير بالحقنة الشرجية . فالذي يقول إن الحقنة الشرجية لا تفطر فإنه من بابأولى يقول إن هذه التحاميل لا تفطر وعلى كلام الشيخ محمد بن عثيمين ’ أن هذه أيضاًلا يحصل بها الفطر ومجمع الفقه الإسلامي قد أجل البت في هذه القضية على اعتبار أنهامحل خلاف بين أعضاء المجمع وبالتأكيد أن مثل هذه التحاميل لا توضع في بدن المريضإلا لأن البدن يمتصها ثم ينتفع بها، فالحقنة الشرجية مثلاً هي نوع من الغسيلللأمعاء وربما لايبقى الماء أو السوائل أو نحو ذلك مدةً بحيث يحصل لها امتصاص لكنمثل هذه التحاميل الأصل أنها تمتص تقريباً بالكامل ولا ينتفع منها المريض إلا إذاامتصها البدن ولهذا ليست مثل الحقنة، الحقنة يحقن الإنسان مثلاً بهذه الحقنةالشرجية أعزكم الله ثم يستفرغ مرةً أُخرى لكن مثل هذه التحاميل توضع ولا تزال وهذايدل على أن البدن يمتصها نعم هي ليست أكلا ولا شربا ولا في معنى الأكل والشرب فإذاقلنا إن الإبر التي يأخذها الإنسان في العضل أو في الوريد لا يحصل بها الفطر معأنها تصل إلى الدم مباشرة فمثل هذه التحاميل الشرجية الذي يظهر والله سبحانه وتعالىأعلم أنه لا يحصل الفطر بها وليست مثل الحقنة باعتبار أن الحقنة الشرجية الموادالمغذية فيها أكثر وقد مر معنا في بداية هذه المجالس أن هناك أمورا يسيرة كثيرةجداً قد عفي عنها كما يحصل في الفم بعد المضمضة فهذه التحاميل الشرجية إذا امتصهاالبدن فهي أشياء دوائية لا تصل إلى مراكز الامتصاص في الغالب وهي الأمعاء الغليظةوإنما ما دون ذلك ولهذا فإنها لا تأخذ حكم الأكل والشرب لا حقيقةً ولا حكماً فالذييظهر والله سبحانه وتعالى أعلم أنه لا يحصل الفطر بها

النازلة الثامنة عشر: المنظار الشرجي
المنظار الشرجيالكلام فيه كالكلام في منظار المعدة وقد سبق أن تكلمنا علية وقلنا إن منظار المعدةإذا خلاء من أشياء تضاف إليه فإنه بمجرده لا يحصل الفطر به لكن إذا أضيف إليه مثلاًمواد هلامية أو دهنية أو محاليل كما حدثني أحد الأخوة الأطباء الذين حضروا معنا أنأحد كبار المتخصصين في المناظير يقول إن المنظار الذي يعطى في المريء ويصل إلىالمعدة لابد أن يضخ معه ما يقرب من مائتي ملليلتر من محلول ملح الطعام لإزالةالأطعمة ونحو ذلك عن المنظار بحيث يسهل عملية التصوير والتشخيص ثم يسحب جزء من هذاالمحلول فهذا لا إشكال في أنه يكون حينئذٍ مفطراً كما قلنا إنه إذا وضعت علية مادةهلامية أو دهنية أو أدخل معه أو ضخ عبرة شيء من المحاليل أو نحو ذلك فإنه لا شكبالتفطير به وعلى هذا فالمنظار الشرجي كمنظار المعدة بحيث إنه إذا وصل إلى مناطقالامتصاص وهي الأمعاء الغليظة فما فوق إلى المعدة فإن ضخ معه شيء من السوائل أوالمحاليل أو المواد الهلامية أو الدهنية أو نحو ذلك فإنها تصل إلى مكان الامتصاصوحينئذً تكون في حكم الأكل والشرب فيحصل الفطر بها، أما إذا لم يصل إلى أماكنالامتصاص أو لم يضف إليه محاليل أو مواد مسلكه فإنه حينئذٍ لا يفطر كما تكلمنا فيمنظار المعدة

النازلة التاسعة عشر: ما يدخل عبرمجرى البول. 
وهذا له عدد من الأنواع أحياناً يُدخل عبر مجرى البولأعزكم الله- منظار مثل ما مر معنا في منظار المعدة والشرج والمنظار المهبليوأحياناً تُدخل بعض المحاليل لغسيل المثانة وأحياناً تُدخل بعض الأدوية و أحياناًتُدخل بعض المواد التي تصاحب عملية التشخيص بالأشعة ليتضح التصوير بإضافة هذهالمواد فيضخ عبر مسالك البول هذه المواد حتى تتضح في أجهزة التصوير، فهذه الأمورالتي تدخل عبر مجاري البول سواءً كانت للرجل أو للنساء محل خلاف بين أهل العلمقديماً ، فأهل العلم ذكروا بعض التصورات كما لو أن الإنسان أدخل في إحليله ماءً أودهناً أو نحو ذلك هل يفطر بذلك؟ وقد أختلف العلماء قديماً في هذه المسألة بناء علىاختلافهم هل مجرى البول ينفذ إلى الجوف الذي اتفقنا عليه وهو المعدة أو لا؟ فمن رأىأن مجرى البول ينفذ إلى الجوف قال إنه يحصل الفطر به. ومن رأى أن هذا لا ينفذ إلىالجوف قال إنه لا يحصل الفطر به وعلم التشريح الحديث والطب الحديث يثبت أن مسالكالبول ليست منفذً إلى المعدة ولا إلى الأمعاء الغليظة أو الدقيقة أو مراكز الامتصاصأو الجهاز الهضمي كما مر معنا. فهي لا تتصل بذلك مطلقاً فالقول الراجح أن هذه التيتدخل من مجاري البول أنها لا تعد مفطرةً . وهذا هو الذي أفتى به أعضاء مجمع الفقهالإسلامي في دورته العاشرة
النازلة العشرون : التبرعبالدم. 
وهذه لا شك أنها من النوازل التي تعم بها البلوى فإن الإنسانربما يعرض لقريبه أو لأحد من المسلمين حاجة واضطرار إلى الدم في نهار رمضان فهلالتبرع بالدم يفطر أو لا يفطر؟ 
وهذه المسألة أكثر أهل العلم يجعلونها مقيسةومتفرعة على مسألة الحجامة. هل يفطر الإنسان بالحجامة أو لا يفطر؟ والحجامة معروفةوهي ما يوضع من المحاجم على الرأس أو على أي جزء من أجزاء البدن بحيث يشرط الجلد ثميمتص الدم من الجلد بهذه المحاجم هذه هي الحجامة وهي معروفة. وقد أختلف أهل العلمقديماً في الحجامة. هل يحصل الفطر بها أو لا يحصل؟ وذلك تبعاً لتعارض الأدلةالواردة في الحجامة فبينما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح أنه قال "أفطر الحاجم والمحجوم "، ذلك أن النبي ‘ أتى البقيع فوجد رجلاً يحتجم فقال: أفطرالحاجم والمحجوم والحديث رواه الترمذي وهو حديث صحيح. وفي حديث آخر أن النبي صلىالله عليه وسلم رأى جعفر بن أبي طالب _ يحتجم فقال: أفطر هذان – يعني الحاجموالمحجوم – هذا الدليل يدل على أن الحجامة تفطر بينما ثبت كما في صحيح الإمامالبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس إحتجم وهو صائم وقدأختلف أهل العلم في التوفيق بين هذه الأدلة فمن أهل العلم وهم جمهور أهل العلمالحنفية والمالكية والشافعية من قال إن حديث أفطر الحاجم والمحجوم منسوخ ، وأن هذاالأمر كان في البداية مفطراً ثم نسخ ويستدلون على ذلك بما روى الدار قطني وغيرهُ عنأنس _ أنه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة ثم رخص بها – يعني للصائمقال الدار قطني إنه لا يعلم لهذا الحديث علة وقال الجمهور إن الرخصة لا تكون إلابعد النهي فهذا يدل على أن الترخيص كان بعد النهي. ومن أهل العلم من تعامل بين هذهالنصوص بالعكس فقال إن الحجامة كانت في بداية الأمر غير مفطرة ثم بعد ذلك قضى النبيصلى الله عليه وسلم بأنها تفطر وهذا قول الحنابلة واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ،وهو اختيار أيضاً الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، و احتجوا على هذا الترجيح بأنأحاديث الترخيص بالحجامة هذه مبقية على الأصل وحديث أفطر الحاجم والمحجوم ناقلة عنالأصل فإن الأصل أن الحجامة لا تفطر. و الناقل عن الأصل مقدم على المبقي على الأصلفأفطر الحاجم والمحجوم ناقل عن الأصل قد غير حكم الأصل وحديث إحتجم وهو صائم مبقٍعلى الأصل والناقل عن الأصل مقدمٌ على المبقي عليه وبناء على هذا الخلاف بين هذينالقولين ذهب بعض أهل العلم إلى أن مسألة التبرع بالدم فرع عن مسألة الحجامة فإذاقلنا إن الحجامة تفطر فالتبرع يفطر وإذا قلنا إنها لا تفطر فالتبرع لا يفطر أيضاًولهذا فإن الشيخ محمد بن صالح العثيمين ’ لما كان يرجح أن الحجامة تفطر رجح أنالتبرع يفطر والذين قالوا لا تفطر الحجامة قالوا إن التبرع لا يفطر، وعندي أنالمسألة يمكن أن يكون لها مأخذ غير هذا المأخذ وأنه حتى لو رجحنا قول الجمهور في أنالحجامة لا تفطر فإنه ليس بلازم أن نقول إن التبرع بالدم لا يفطر وذلك لأنه يختلفالأمر بين الحجامة والتبرع بالدم وكلكم أو من رأى الحجامة أو سأل عنها أو خبرهايعرف أن الدم الذي يؤخذ بالحجامة قليل جداً بالنسبة لما يؤخذ بالتبرع بالدمفأحياناً التبرع بالدم يؤخذ نصف لتر من الإنسان وأحياناً يؤخذ لتر كامل بينماالحجامة ما يصل أحياناً ما يؤخذ من المحتجم عن خمسين مللي لتر أو ثلاثين فهي كميةيسيرة فهل يصح أن نقيس عدم التفطير بأخذ خمس مئة مللي لتر من الإنسان أو لتر كاملعلى عدم التفطير بأخذ ثلاثين ملي أو عشرين ملي أو حتى خمسين ملي خاصة إذا أدركنا أنالعلة في التفطير بالحجامة إضعاف البدن ولهذا ثبت كما في صحيح البخاري عن ثابتالبناني ’ أنه سأل أنس ابن مالك رضي الله عنهما فقال: أكنتم تكرهون الحجامة على عهدرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنس _ لا إلا من أجل الضعف فهذا يدل على أنالعلة في التفطير بالحجامة سواءٌ كان هذا الأمر باقيا محكما أو كان منسوخا ما تورثهمن الإنهاك والضعف للبدن فإذا كانت هذه هي العلة، فلا يصح أن نقيس التبرع بالدم علىالحجامة للفارق بينهما فإن هذا أكثر إنهاكا للبدن من الحجامة وهذا أمر معروف فأنتلو ذهبت الآن إلى مستشفى من أجل أن تتبرع بالدم لرأيت من الاحتياطات التي يفعلهاالطبيب ما لا تراه حينما تقدم على الحجامة في مستشفى، دعونا من الإقدام على الحجامةمثلاً عند الحجامين الذين لم يلموا بعلوم الطب لكن لو أحتجمت بمركز صحي أو مركز طبيلما رأيت من الرعاية والعناية بالمريض أو المتبرع مثل ما تجد حين التبرع فإنهم فيمسألة التبرع بالدم يشترطون على الإنسان أن يكون تناول غذاءً كافيا ويمدونهبالسوائل أثناء التبرع وبعد التبرع وهذا ظاهر الدلالة على أن عملية التبرع تنهكالبدن أكثر مما تنهكه الحجامة فالحجامة شيء يسير يخرج من البدن هذا أمر، الأمرالثاني أنه أيضاً روى الخمسة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من استقاءفعليه القضاء ومن ذرعهُ القيء فلا قضاء عليه "ففي هذا الحديث أن من استقاء متعمداًيفطر بذلك، وقد ذهب من قال بأن من استقاء متعمداً يبطل صومهُ إلى أن العلة هي مايورثه القيء – أعزكم الله- من الضعف والإنهاك للبدن وما يقال في الاستقاء يقال فيالتبرع بالدم بل ربما يكون في التبرع بالدم إضعاف للبدن أكثر من إضعافه بالقيء،الأمر الثالث يمكن أن يقاس التبرع بالدم على الحكم بالفطر للحائض فإن جمعا من أهلالعلم ذهبوا إلى أن 
الحكمةمن كون الحيض مفطرا من مفطرات الصيام أنه ينهك بدنالمرأة وهو حالة مرضية تضعفها فيكون في إيجاب الصيام عليها إضعاف لها وضرر عليهاولهذا قضى الله سبحانه وتعالى بأن الحيض مفطر من المفطرات وأنه لا يصح الصيام معه ،وبناء على ذلك فإن الذي يظهر لي والله سبحانه وتعالى أعلم أن التبرع بالدم مفطر منمفطرات الصيام على القولين جميعاً، سواء قلنا بأن الحجامة تفطر أو لا تفطر. فالتبرعبالدم مفطر من المفطرات والعلم عند الله سبحانه وتعالى

النازلة الحادية والعشرون : أخذ الدم للتحليل ونحوه
وهو مايؤخذ من المريض للتحليل ، وهذه المسألة تختلف عن المسألة السابقة لأن الفرق واضحوبيّن في أن الدم في التبرع بالدم كثير وأما في مسألة التحليل فإن ما يؤخذ شيء يسيرولهذا ما قلناه قبل قليل من التعليلات بفطر من تبرع بالدم لا يصح فيما يتعلق بأخذعينة للفحص والتحليل ولهذا ذهب كثير من أهل العلم منهم الشيخ عبد العزيز بن بازوالشيخ محمد بن عثيمين ، إلى أن أخذ عينات من الدم للتحليل لا يحصل الفطر بهوبالتأكيد من قال إن التبرع بالدم لا يفطر به الإنسان فإنه من باب أولى يقول إن هذالا يحصل الفطر به وهذا الذي يظهر والله سبحانه وتعالى أعلم أنه هو الراجح فإن أخذكمية يسيرة من الدم لا يضر الصائم وهو مثل مالو قلع الإنسان ضرسهُ أو أصابهُ جرحيسير أو نحو ذلك، فذلك لا يؤثر في بدنه ولا ينهكه إنهاكا يشبه مثلاً الاستقاء أوالتبرع بالدم أو الحيض بالنسبة للمرأة
هذه هي النازلة العشرون وهي أخر النوازلالمتعلقة بمفطرات الصيام، بقي عندنا نازلتان نختم بهما هذه الدروس . 

النازلة الثانية والعشرون: السفر من بلد إلى بلد يختلفان فيالرؤية. 
فأولاً نصور هذه المسألة ، هذه المسألة ليست جديدة ولا نازلةعلى الحقيقة لكن لما تيسرت في هذا الزمن وسائل المواصلات وأصبح الانتقال كثيراًجداً أصبحت من المسائل التي تعم بها البلوى فكأنها بالنسبة للناس من النوازل وإلافالمسألة قديمة وقد تكلم عليها أهل العلم قديماً وهي مسألة ما إذا انتقل الإنسان منبلد إلى بلد أخر قد اختلفت رؤية البلد الأول عن البلد الثاني وقد يترتب على هذهالأمر أن الإنسان يسافر من بلد إلى بلد فتختلف بداية الشهر بين البلدين فإذا اختلفتالبداية ربما تختلف النهاية فقد يترتب على ذلك أن الإنسان إذا صام مع البلد الثانيالذي انتقل إليه قد يصوم واحد وثلاثين يوماً وقد يحدث العكس وهو ما إذا تقدمت رؤيةالبلد الذي قدم إليه فقد يصوم ثمانية وعشرين يوما، ونضرب لهذا مثال. فلو صمنا فيالمملكة العربية السعودية يوم السبت و في الباكستان صاموا يوم الأحد، فمن بدأالصيام بالمملكة يوم السبت ولمّا مضى عشرة أيام أو عشرون يوما ذهب إلى الباكستانوفي الباكستان لم يرو الهلال ليلة الثلاثين فأتموا ثلاثين يوماً هذا الإنسان الذيبدأ الصيام في المملكة يوم السبت وذهب إلى الباكستان، الباكستان أتموا الشهر ثلاثينيوماً ، إذا تابع الباكستان في الصيام سيصوم واحدا وثلاثين يوما هذه صورة، الصورةالثانية لنفترض أننا في المملكة صمنا يوم السبت وأن مصر صاموا قبلنا بيوم أي يومالجمعة فهذا شخص صام يوم السبت مع بلده وهو المملكة ثم بعد عشرة أيام انتقل إلىمصر، كانت مصر قد صامت قبلنا بيوم ولما مضى من الشهر في مصر تسعة وعشرون يوماًتراءى الناس الهلال فرأوه فما صاموا بمصر إلا تسعة وعشرين يوماً فإذا صام هذا معناوأفطر معهم فمعنى ذلك أنه سيصوم ثمانية وعشرين يوما فقط، السؤال هو هذا الذي سافرإلى الباكستان وذلك الذي سافر إلى مصر يتبع من ؟ وإذا ترتب على صيامه في الباكستانأن يصوم واحد وثلاثين يوماً فما الحكم؟ هل يصوم واحدا وثلاثين يوما وهل يكون الشهرالهجري واحدا وثلاثين يوماً والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: الشهر هكذا وهكذاوهكذا أو هكذا" يعني الشهر يكون ثلاثين و يكون تسعة وعشرين يوما، ولا يمكن أن يكونالشهر الهجري ثمانية وعشرين ولا أن يكون واحد وثلاثين يوما فهذا الذي ذهب إلىالباكستان إذا قلنا له صم مع الباكستان معنا هذا كأننا قلنا الشهر الهجري يمكن أنيكون واحدا وثلاثين يوما، وهذا الذي ذهب إلى مصر إذا قلنا له صم مع مصر فمعنى ذلككأننا قلنا إن الشهر الهجري يمكن أن يكون ثمانية وعشرين يوما، هذه هي المسألة التيبين أيدينا، ذهب الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح العثيمين ’ وجمع منأهل العلم إلى أنه إذا انتقل من بلد إلى بلد أخر فإنه يتبع البلد الذي انتقل إليهفيصوم معهم ويفطر معهم حتى لو ترتب على ذلك أن يصوم واحد وثلاثين يوماً أو ثمانيةوعشرين يوما فإذا أفطروا أفطر معهم وقد استدلوا على ذلك بعدد من الأدلة من أصرح هذهالأدلة ما رواه أصحاب السنن وحسنه الترمذي وصححهالنووي أن النبي صلى الله عليهوسلم قال: "الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون" فهذا الذي ذهبإلى الباكستان حكمه حكم الناس الذين هو معهم وهذا الحديث فوق أنه يدل على الحكم فيهذه المسألة فإنه يدل على مسألة عظيمة جداً وهي أهمية اجتماع الكلمة بالنسبة للأمةالإسلامية حتى وإن ترتب على ذلك أن الإنسان قد يخالف حتى لو رأى هو الهلال ولم يؤخذبرؤيته فإنه يصوم مع الناس ويفطر مع الناس حتى لو أخطأ الناس ووقفوا بعرفة في اليومالعاشر أو في اليوم الثامن فإن حجهم صحيح وهذا يدل على أهمية جمع الكلمة في الإسلاموألا يشذ الإنسان أو يخرج عن الناس هذا هو الدليل الأول
وأيضاً أن النبي صلىالله عليه وسلم كما في الصحيحين قال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته هذا الذي ذهب إلىالباكستان الأصل أنه يصوم لرؤية الهلال ويفطر لرؤية الهلال و يكون تابعا للبلد الذيذهب إليه لو رئي هلال العيد قلنا له: إن غداً هو واحد من شوال ولا يجوز لك أن تصومهذا اليوم فإن صيام يوم العيد مما قام الإجماع على تحريمه والنبي صلى الله عليهوسلم قال: صوموا لرؤيته وقد رئي وأفطروا لرؤيته وقد رئي وهذا من الأدلة الدالة علىوجوب أن يكون مع الناس الذين أتى إليهم ومما استدل به أيضاً الشيخ محمد بن صالحالعثيمين ’ في هذه المسألة ، أن الإنسان لو افترضنا أنه صام في بريده أمسك فيبريده، وفي بريده يؤذن المغرب الساعة السادسة مساءً فلما كان منتصف النهار ركبطائرة وذهب إلى المغرب وفي المغرب ما تغرب الشمس إلا الساعة الثامنة فهل يفطر إذاكانت الساعة السادسة تبعاً لبريده التي أمسك فيها أم أنه ينتظر حتى تغرب الشمس لأنالنبي صلى الله عليه وسلم يقول:" إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهناوغربت الشمس فقد أفطر الصائم " فكما أن هذا اليوم زاد لأنه انتقل من بلد إلى بلدفكذلك الشهر يزيد لأنه انتقل من بلد إلى بلد فلو ترتب على ذلك أن يصوم واحداًوثلاثين يوماً فنقول له صم ولو وصلت إلى واحد وثلاثين يوماً لأنك أتيت إلى بلد آخرفأنت كما إذا أمسكت في بلد وانتقلت إلى بلد آخر ، فإذا صام واحداً وثلاثين يوماًفلا إشكال في ذلك لما سبق لكن الإشكال هو في المسألة الثانية وهي ما إذا انتقل منهنا إلى مصر ، ومصر قد أمسكت قبلنا بيوم وأفطرت قبلنا بيوم تسعة وعشرين يوماوبالتالي إذا أفطر معهم فمعنى ذلك أنه لن يصوم إلا ثمانية وعشرين يوماً والنبي صلىالله عليه وسلم أخبر أن الشهر لا يكون أقل من تسعة وعشرين يوماً فنقول له أولاًأفطر معهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" وأنت ومن كنت في البلد الذي أتيت إليه قد رأوا الهلال فيجب أن تفطروا هذا الحكم الأولفيتبعهم وإن لم يصم إلا ثمانية وعشرين يوماً
الحكم الثاني. باعتبار أن الشهرلا يمكن أن يكون أقل من تسعة وعشرين يوماً نقول إن هذا كما لو حصل خطأ في أول الشهرفأكملوا العدة بسبب الغيم ثم تبين الهلال في آخر الشهر ليلة تسع وعشرين فنقول هذامثله, فعليه أن يقضي يوماً مكان هذا اليوم الذي نقص من شهره فإذا أفطر للعيد بعدذلك يكون عليه يوم من رمضان يقضيه

النازلةالثالثة والعشرون: وهي السفر بالطائرة ونحوها بعد مغيب الشمس أو قبله. 
وهذه عبارة عن مسألتين : 
المسألة الأولى
أن تغرب الشمس علىالإنسان في بلده ثم يفطر ثم يركب الطائرة فتطلع عليه الشمس فما الحكم بالنسبة له؟الحكم بالنسبة له أنه صام بدليل شرعي { ثم أتموا الصيام إلى الليل } وأفطر بدليلشرعي وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم :" إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار منهاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم" فهذا قد أفطر بيقين وبدليل شرعي وبالتاليفرؤيته للشمس بعد ذلك لا تضر ولا يجب عليه الإمساك مرة أخرى فهو كما لو غربت الشمسثم صعد على جبل مثلا ورأى الشمس مرة أخرى فهذا لا يؤثر لأنه تم له هذا اليوم وهوتماماً مثل لو أن الإنسان كان في الصحراء وفاقدا للماء ثم تيمم وصلى وبعد الصلاةجاءت سيارة معها ماء هل نقول يعيد صلاته مرة أخرى؟ نقول: لا ، الصلاة صحت لأنهأداها بدليل شرعي وهو التيمم عند فقد الماء فكونه يزول العذر بعد ذلك لا يؤثر ،وبالتالي فلا يجب عليه الإمساك . 
المسألة الثانية
أن يسافر الصائم قبيلغروب الشمس في بلده بزمن يسير إلى جهة المغرب فيتأخر غروب الشمس بالنسبة له كما إذاكانت الشمس تغرب في بلده الساعة السادسة مساءً وقبيل السادسة بعشر دقائق ركبالطائرة مسافراً إلى المغرب فكل ما مشى في هذا الطريق كلما طال النهار فالشمس ماتغرب في المغرب إلا الساعة الثامنة فبقي ساعة أو ساعتين والشمس طالعة فما نقول له؟نقول: لا يفطر حتى تغرب الشمس حتى لو زاد عليه ساعتان أو أربع أو خمس أو أكثر فهوبالخيار إما أن يأخذ حكم المسافر فيفطر ترخصاً وإما أن يمسك إذا أراد لصومه أن يتملأن القرآن جعل للفطر حداً {ثم أتموا الصيام إلى الليل}والنبي صلى الله عليه وسلميقول :"إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطرالصائم
فما لم تغرب الشمس فإنه لم ينته اليوم بالنسبة لهذا الإنسان وبالتاليفإنه يجب عليه أن يمسك حتى تغرب الشمس أو يترخص رخصة السفر فيفطر ويقضي يوماًمكانه.هذه هي آخر النوازل التي يسر الله سبحانه وتعالى الإتيان عليها
وقبل أنأختم حديثي في هذه النوازل أنبه على أن أفضل ماكتب في هذه النوازل مايلي : 
مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي العدد العاشر الجزءالثاني . 
مفطرات الصيام المعاصرة للدكتور أحمد بن محمد الخليل الاستاذالمساعد بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم . 
بالإضافة إلى الفتاوىالمنثورة لأهل العلم في كتبهم وفي مواقع الشبكة المعلوماتية ، والحمد لله الذيبنعمته تتم الصالحات.

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.