الشيخ سيد علي: على الأئمة التركيز على العقيدة ثم السمو بالأخلاق ومكافحة مدعي العلم

الداعية الإسلامي الشيخ سيد علي : في حواره لـ "دليل المسجد"  :

على الأئمة التركيز على العقيدة ثم السمو بالأخلاق ومكافحة مدعي العلم

·       ما يحدث الآن في بعض المساجد متاجرة بالدين ويجب التصدي لها

·       على الإمام أن يتلمس قضايا الناس والدعوة بالحسنى والموعظة الحسنة والبعد عن التشدد .

·       نشر الفكر الوسطي في معالجة القضايا الجماهيرية يكافح آفة الانحلال والتشبه بالغرب.

 

تعد الدعوة من أفضل الأدوات لنشر مبادئ الدين وفكره وثقافته، ووسيلة من وسائل إعلاء دين الله والعمل بسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم, ولذلك لابد أن يُؤهل صاحب العمل الدعوي بالاطلاع المستمر، وحفظ القرآن والأحاديث النبوية، وحسن التعامل مع الناس خلال دعوتهم، وأن يمتثل سُنة وأخلاق النبي الكريم في التعامل معهم.

 ومتى كان الداعية قدوة للآخرين ذاع صيته، وانتشرت دعوته في ربوع البلاد، واستحوذ على العقول والقلوب من خلال عمله الناجح, وبسبب استثمار مؤهلاته التربوية والأخلاقية حتى يتبوأ مكانة مناسبة في المجتمع.

وحول هذا الإطار يدور حوارنا مع الشيخ سيد علي الداعية الإسلامي.

** في البداية نحب أن نلقي الضوء بنبذة مختصرة عن فضيلة الداعية سيد علي؟

تكونت ثقافتي الدينية خلال عشرين عامًا من الاطلاع على كافة وسائل الدعوة الإسلامية التي تطورت مع العصر, وتركيزي على قراءة وتلاوة القرآن, واغتنام الكتب الدينية، والاستزادة من الفقه والسنة والأحاديث الشريفة, وتعمقت في فهم الدين، وكيفية تماشي الفكر الدعوي مع مقتضيات العصر الحديث، دون تعدٍّ على الثوابت والأصول الدينية أو ليّ أعناق النصوص للتوافق مع العصر, كما تكون فكري الديني من خلال استماعي إلى مجالس العلماء والفقهاء الكبار خاصة علماء الأزهر الشريف ودار الفتوى ومجمع البحوث الإسلامية.

** نود أن نعرف ما هي أهم مشاريعك للدعوة حاليًا وما تخططون له مستقبلاً؟

مشاريعي الدعوية تعتمد على تقويم المجتمعات الإسلامية؛ من خلال الدعوة إلى النهج الوسطي، والأخذ من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-, وعدم استغلال الدين لأغراض جمع المال أو السلطة, وأخطط مستقبلاً لتعميق فكر الدعوة نحو الرقي بمستويات الالتزام بتعاليم الله, فمثلاً أركز في الدعوة على الاقتداء بالأنبياء والرسل والدعوة لإعداد أئمة وخطباء ودعاة إسلاميين يجوبون أنحاء المعمورة, وكذلك هناك أفكار مستقبلية حول علاج مشكلات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ من خلال فكر ديني مستنير, وهداية الشباب والفتيات للصراط المستقيم، ومكافحة ظاهرة انحرافهم في بعض البلدان، وتقليدهم للأجانب عن طريق الدعوة لتيسير الزواج، وجعل طاقاتهم توجّه لصالح مجتمعاتهم. 

** ما أهمية دور الإمام في العمل الدعوي؟

الأئمة والخطباء يبلغون بكل اجتهاد الدعوة الإسلامية بالبر والخير والهداية والهدى, فالمسجد ليس للصلاة فحسب بل لنشر الثقافة الإسلامية والفكر المستنير، خاصة أن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك للأمة دينًا كاملاً وتامًّا يجب على القائمين في المساجد اغتنامه، والعمل به وتوصيله للناس, وهذا جهاد في حد ذاته لنشر الإسلام الوسطي المعتدل بين كافة طبقات المجتمع, وعلى الأئمة بالمساجد خلال دعوتهم التركيز على العقيدة أولاً، ثم تهذيب النفوس والسمو بالأخلاق، وأيضًا غرس الفضائل, ومكافحة مدعي العلم في أمور الدين بدون حق, وأطالب الخطباء بالمساجد بعدم الاختلاف فيما بينهم حتى في أمور الدنيا والدين فينأوا بأنفسهم عن المشاحنات؛ لأن ذلك ينتقص من الدور الدعوي للمساجد في عيون الجمهور.

** من خلال تجربتكم كيف تقيم دور المسجد في العمل الدعوي حاليًا؟

المساجد الإسلامية تقوم بدور إشعاع الهداية في المناطق التي تتواجد فيها بجانب دورها الأساس في العبادات, فالإسلام دين كامل، ويجب أن تكون رسالته تامة وكاملة، وتوصيلها للناس بطبيعتها دون افتراءات أو تكهنات، لكن ما يحدث الآن في بعض المساجد من قِبل بعض من يدّعون انتسابهم للدعوة والعلماء هو بمثابة المتاجرة بالدين؛ لتحقيق مصالح دنيوية ضيقة, ويجب مكافحة تلك الآفة, لكن أحب أن أشير إلى أن المساجد الإسلامية لا يزال بها خير كبير وعظيم، عبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر الدعوة لدرجة اعتناق بعض المستشرقين الغربيين الإسلام على أيدي بعض أئمة ودعاة المساجد.

** كيف يمكن تعزيز دور المسجد في الدعوة؟

تعزيز دور المسجد في الدعوة الإسلامية للدين الحنيف ينبغي أن يقوم على مراعاة ظروف العباد في المقام الأول، والتعاطف مع مشكلاتهم، ومحاولة حلها من منظور ديني، وغرس فكر التكافل الإسلامي بين الطبقات, والتعاون مع الناس الفقيرة والمريضة, ويجب على الإمام مراعاة العصر في إصلاح مفاهيم بعض الناس الخاطئة عن الدين؛ من خلال صعوده منبر المسجد, فاستثمار الخطبة يكون لصالح قضية تهم الناس مثلاً، يجمع فيها بين رؤية الدين للمشكلة، وعلاجها من منظور الإسلام, بجانب إقامة مجالس لتوضيح مفاهيم الدين الصحيحة لتوعية الناس داخل المسجد بشكل مبسط, فالدين المعاملة في المقام الأول، لكن مع عدم التشدد في أمور العبادات أو الفتوى.

** ما هي المواصفات المطلوبة في الإمام والداعية الناجح؟

أن يتلمس قضايا الناس، ويتحدث من خلال ما ورد بالقرآن والسنة، وأن يتسم بلطف الكلام والدعوة بالحسنى، فالله تعالى دعا نبيه الكريم إلى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، كما ينبغي للداعية عدم انتهاج أفكار متشددة أو فتاوى شاذة عن المألوف، ويجب التواضع من قِبل الإمام، وعدم الغرور وعدم التشدق باسم الشرع.

** ما هو تقييمك لحال الأئمة والخطباء الآن؟

بعض الأئمة والخطباء للأسف يخرجون عن النص، ويتناسون أحيانًا معايير كيفية الخطاب الصحيح, لكن ينبغي عدم ظلم الكل بخطأ الجزء, فهناك علماء في الجامعات الإسلامية والأزهر وغيرهما يتقون الله في دعوتهم؛ لدرجة أن من يتلقون الفكر الصحيح على أيديهم أحيانًا يصيرون شيوخًا كبارًا وأئمة وخطباء, وهناك بعض الأئمة والخطباء ينقصهم التواضع والبساطة فيتعالون فيفقدون بريقهم.

** ما هي وسائل تأهيل الإمام دعويًّا وتربويًّا وعلميًّا وثقافيًّا؟

وسائل تأهيل الإمام متنوعة؛ من خلال القراءة والاطلاع والزيارة المستمرة للمكتبات الإسلامية، وحضور الندوات والمحاضرات الدينية، بجانب الدراسة وأخذ علوم الفقه من المؤسسات والجامعات الإسلامية العريقة, كما ينبغي للإمام أن يغتنم فرصة معرفته بكبار علماء المسلمين، بالأخذ عنهم، خاصة مع تطور مشكلات وقضايا العصر, وعلى المؤسسات الدينية الرسمية التركيز على خوض الأئمة للجان ودورات من وقت لآخر تتضمن الجوانب الاجتماعية والأخلاقية.

** كيف يمكن إيجاد وخلق مكانة مناسبة للإمام في المجتمع؟

يكون ذلك من خلال الإمام نفسه بطريقته في التعامل مع الناس بشكل طيب وميسر ومبسط؛ ليتقرب من الناس بتقوى الله فيهم, وأيضًا من خلال نشر الوعي بمكانة رجال الدعوة الإسلامية والعلماء في المجتمع؛ بتغيير ثقافة الناس، فيكرم العلماء والأئمة والدعاة والخطباء، وتعقد لهم مهرجانات تكريم بدلاً من التركيز على تكريم الفنانين والممثلين ولاعبي كرة القدم فقط، وترك مَن يدعون إلى الله، وكأنهم في مرتبة دنيا رغم رسالتهم الخطيرة, وقد رفع الله ورسوله مكانتهم، كما يجب على الأئمة إبراز دورهم في المجتمع بالاهتمام بالقضايا الملحة، فالناس تلمس من يشعر بهم خاصة إذا ما تداولت وسائل الإعلام هذه الآراء المنيرة.

** متى يكون الإمام قدوة في المجتمع؟ وكيف نصل بالإمام لتلك المنزلة؟

لكي يكون الإمام قدوة ينبغي أن يبدأ بنفسه وتغيير ذاته، وإصلاح تصرفاته وخُلقه، ويصلح اعوجاجه مبكرًا, ورمزية الإمام عند بعض الصالحين أنه يرى في إمامه صورة رسول الله يؤمه أمام المولى عز وجل في عقله وسلوكه وعبادته فيقشعر بدنه, ولذا فعلى الإمام أن يخشع في صلاته، ويتلمس الحقيقة في رأيه وفي فتواه يخاف الله, وأن يدخل في معية الله بصدق في كافة تصرفاته وحركاته وسكناته ليكون قدوة للناس والمسلمين.

ونصل بالإمام إلى تلك المرحلة حينما يتفاعل المسلمون معه بحب ورغبة في الاستزادة من علمه ووضعه الموضع الصحيح في مقدمة المجتمع كقدوة له.

** بخلاف العمل الدعوي من خلال تجربتكم ما الدور الاجتماعي للداعية والإمام؟

الدور الاجتماعي للداعية يقوم على الدعوة إلى الله بكل سبل الترغيب في الهداية والهدى والعفاف، وصفاء النفس بخُلق الإسلام وتعاليمه، ومشاركة الناس في مشكلاتهم بدعمهم وحسن التعامل مع قضاياهم بما يحببهم في اختيار الصلاح.

** ما أهمية الدور الاجتماعي للداعية والإمام وما الآثار الإيجابية لذلك؟

هناك عمل اجتماعي مهم يقوم به الداعية؛ من خلال نشر الفكر الوسطي المعتدل في معالجة المشكلات والقضايا الجماهيرية، ومكافحة التشدد، كما تكافح آفة الانحلال والتشبه ببعض مفاهيم الغرب الخاطئة, وآثار ذلك كثيرة في المقام الأول إشاعة الالتزام بالدين والكفّ عن المعاصي والكبائر، وترغيب الناس في الشعائر، وهو ما ينعكس على حياة المجتمع، فيسمو عن الدنايا، وتصحح السلوكيات وتقوّم الأخلاق.

** هل من نصيحة توجهها للأئمة والدعاة من خلال موقعنا؟

يجب عليهم الالتزام بتقوى الله في التعامل مع الناس، والدعوة لنور الحق بلطف ولين، وأن ينسبوا الفضل لله، وألا يتكبروا على الناس؛ فالغرور يضيّع الرسالة. 

** وما نصيحتكم لموقع دليل المسجد ؟

تبسيط الأمور لتتوافق مع ثقافة العامة، وعدم تعقيد أمور الدين, وأن يكون الموقع مركز إشعاع ثقافي لمعالجة كافة القضايا المتعلقة بالمساجد والأئمة والدعاة وعلماء المسلمين؛ من خلال وسطية الفكر, والفهم الصحيح لأمور الدين بما يخدم الناس. 

** كلمة أخيرة لزوّار الموقع؟

احرصوا على الاستزادة من علوم القرآن والفقه والسيرة النبوية العطرة, ووضع الأمور الدنيوية في نصابها الصحيح؛ من خلال معايير الدين, والأخذ عن الشيوخ والعلماء والفقهاء والدعاة. 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.