تفاصيل ما قبل معركة كربلاء

 بعد وفاة معاوية بن أبي سفيان واستلام الحكم ابنه يزيد, بايعه العديد من المسلمين, الا أن الامام الحسين بن علي سبط رسول الله غضب ولم يبايعه, إذ كيف يستلم شؤون المسلمين من هو دون هذا المنصب المهم الحساس؟ فيزيد لم يكن أهلًا للحكم, يوجد الكثير من صحابة رسول الله, خير من هذا الرجل

فغيرته على الدين والحق هو ما دفعه للإعتراض على حكم يزيد
وكان قبل عزمه على الذهاب الى العراق قد ارسل ابن عمه مسلم بن عقيل رحمه الله ليتفقد حال شيعته وجمع مناصرينه ومبايعته على الطاعة, ثم ارسل مسلم رسائلا الى الإمام الحسين لتكون خير شاهد على رفض المسلمين في العراق لحكم يزيد.
الا أن صحابة رسول الله كعبد الله بن عمر وابي سعيد الخدري وعبد الله بن عباس وغيرهم رضوان الله عليهم اجمعين, تعلقوا بالحسين ونصحوه بأن لا يذهب خشية عليه من غدر أهل الكوفة كما حدث مع أبيه الامام علي وأخيه الامام الحسن… لكن كان الإمام الحسين عازم على هذا الأمر واضعًا نصرة الحق والعدل هدفًا نصب عينيه.
شد الإمام لحسين رحاله الى العراق من مكة المكرمة, وكان ذلك في يوم التروية يوم الثامن من ذي الحجة عام ستون للهجرة, وكان معه أصحابه ونساءه وأطفاله, ورسائل التحذير من يزيد ووالي الكوفة تصل اليه لتمنعه وليعود ادراجه, لكنه كان مصممًا لتحقيق هدفه, ولهذا أمرَ ابن زياد الحصين ابن الطهاوي قائد شرطته ليقوم بتنظيم الخيل ما بين القادسية إلى خفان، وما بين القادسية إلى القطقطانة، وإلى لعلع, وأمر بالقبض على كل من ينكره, ثم أمر ابن زياد بأخذ كل من يجتاز بين واقصة إلى طريق الشام، إلى طريق البصرة فلا يترك أحدًا يلج ولا يخرج، لأجل قطع الإتصال بين مناصري الحسين في الكوفة والحسين رضي الله عنه ….
وكانت القبائل التي يمر بها الامام الحسين تحذره من الخطر الذي يهدده هو ومن معه ,الا انه كان مصمما وواثقا من شيعته في الكوفة.
لكن حدث ما حذّروه به الصحابة الكرام فقد نقض اهل الكوفة العهد وتفرقوا ورضخوا لواليها وذلك بعد ان اخترقت صفوفهم بجواسيس الوالي عبيد الله بن زياد.
فتم اعدام رسول الحسين مسلم ابن عقيل وهانئ بن عروة وقطع رأسيهما وصُلِبا, كما أنه أمر بقتل كل مبعوث يرسله الامام الحسين لمعرفة الأخبار. ذلك كان لترويضِ الناس ومنعهم من التفكير بنُصرة الإمام الحسين. وحكم سيطرته على الكوفة وفرق بين أهلها العطاء حتى يضمن ولائهم له.
فكانت وصية مسلم بن عقيل قبل اعدامه بأن تصل أخبار تخلي اهل الكوفة عن بيعة الحسين وبأنه- أي مسلم – سيقتل. ووصل خبره الى الإمام الحسين رضي الله عنه, وكانت واقعتها لشديدة عليه, وفي هذه اللحظة أذن لأصحابه بالإنصراف, فانصرف عنه الناس وبقي من خرج معه في مكة من أهله وأصحابه. فأما الذين بقو معه وخاصة أخوة مسلم, أبوا الانصراف ووثبوا حتى يلاقوا النصر أو يكون مصيرهم كمصير أخيهم أي الشهادة.
وبينما هم على قرابة من الكوفة لقيهم الحر بن يزيد التميمي وكان على رأس الف من جيش الكوفة, وكان يريد الأخير مرافقة الحسين ومن معه الى الكوفة, الا أن الإمام الحسين رفض مرافقته وأمره بالعودة من حيث أتى, فاقترح عليه الحر أن يسلك طريقًا يجنبه الكوفة ولا يرجعه إلى المدينة، وذلك من أجل أن يكتب الحر إلى ابن زياد بأمره، وأن يكتب الحسين إلى يزيد بأمره، وبالفعل تياسر الحسين عن طريق العذيب والقادسية واتجه شمالاً على طريق الشام، وأخذ الحر يساير الحسين وينصحه بعدم المقاتلة ويذكِّره بالله، وبيَّن له أنه إذا قاتل فسوف يقتل.
ولما وصل الحسين إلى كربلاء فقال: أي منزل نحن به؟ فقيل: كربلاء، فقال: يوم كربِ وبلاء.
وأدركته خيل عمر بن سعد ومعه شمر بن ذي الجوشن، والحصين بن تميم، وكان هذا الجيش الذي يقوده عمر بن سعد مكونًا من أربعة آلاف مقاتل، وكان وجهة هذا الجيش في الأصل إلى الري لجهاد الديلم، فلما طلب منه ابن زياد أن يذهب لمقاتلة الحسين رفض عمر بن سعد في البداية هذا الطلب، ولكن ابن زياد هدده إن لم ينفذ أمره بالعزل وهدم داره وقتله، وأمام هذا الخيار رضي بالموافقة.
 وبدأ الحسين بن علي بالتفاوض مع عمر بن سعد، وبيَّن الحسين أنه لم يأت إلى الكوفة إلا بطلب من أهلها، وأبرز لعمر بن سعد الدليل على ذلك، وأشار إلى حقيبتين كبيرتين تضمن أسماء المبايعين والداعين للحسين، وكتب عمر بن سعد لابن زياد بما سمعه من الحسين وقال:
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإني حيث نزلت بالحسين بعثت إليه رسولي، فسألته عما أقدمه وماذا يطلب، فقال: كتب إلي أهل هذه البلاد وأتتني رسلهم، فسألوني القدوم ففعلت، فأما إذا كرهوني فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم فأنا منصرف عنهم. فلما قرأ على ابن زياد تمثل قول الشاعر:
الآن إذا علقت مخالبنا به .. يرجو النجاة ولاة حين مناص؟
ثم كتب ابن زياد لعمر بن سعد: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فقد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت، فعرض على الحسين أن يبايع يزيد بن معاوية وجميع أصحابه، فإذا فعل ذلك رأينا رأينا والسلام. ولما اطلع عمر بن سعد على جواب ابن زياد ساءه ما يحمله الجواب من تعنت وصلف، وعرف أن ابن زياد لا يريد السلامة.
رفض الحسين هذا العرض، ثم لما رأى جهامة الموقف، عرض على عمر بن سعد عرضًا آخر يتمثل في إجابته واحدة من ثلاث نقاط:
أ – أن يتركوه فيرجع من حيث أتى.
ب – وإما أن يتركوه ليذهب إلى الشام فيلقى يزيد بن معاوية.
ج – وإما أن يسيِّروه إلى أي ثغر من ثغور المسلمين فيكون واحدًا منهم، له ما لهم وعليه ما عليهم. وقد أكد الحسين – رضي الله عنه – موافقته للذهاب إلى يزيد.
فأرسل عرض الحسين رضي الله عنه الى ابن زياد, ووافق الأخير في بادئ الأمر أن ينزل الإمام الحسين على حكم يزيد في الشام, الا ان شمر بن الجوشن, وهو من الذين خانوا الإمام علي وخرج عليه مع الخوارج, لم يقبل وقال له بأنه عليه النزول على حكم ابن زياد, ففعله هذا كان غدرًا بالإمام الحسين ورغبةً بوقوع الحرب
لم يقبل الحسين رضي الله عنه بالنزول على حكم ابن زياد, اذ كيف يقبل وهو قاتل ابن عمه؟ فقال: لا والله لا أنزل على حكم عبيد الله بن زياد أبدًا، وقال لأصحابه الذين معه: أنتم في حِلٍّ من طاعتي، ولكنهم أصرُّوا على مصاحبته والمقاتلة معه حتى الشهادة، واتخذ ابن زياد إجراءً احترازيًا حين خرج إلى النخيلة، واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث، وضبط الجسر، ولم يترك أحدًا يجوزه، وخاصة أنه علم أن بعض الأشخاص من الكوفة بدؤوا يتسللون من الكوفة إلى الحسين.
فكان رد ابن زياد بالحرب وكان ذلك ليلة العاشر من محرم, وطلب وقتها الإمام الحسين بأن لا يقاتلوا الا صبيحة يوم غد.

 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.