هل يجوز ترك المدفأة التقليدية موقدةً حال النوم ؟

 روى البخاري (5624) – واللفظ له – ومسلم (2012) عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ إِذَا رَقَدْتُمْ وَغَلِّقُوا الْأَبْوَابَ وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ).

وروى البخاري (6294) ومسلم (2106) عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : "احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ اللَّيْلِ فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ).
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : " فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث أَنَّ الْوَاحِد إِذَا بَاتَ بِبَيْتٍ لَيْسَ فِيهِ غَيْره وَفِيهِ نَار فَعَلَيْهِ أَنْ يُطْفِئهَا قَبْل نَوْمه أَوْ يَفْعَل بِهَا مَا يُؤْمَن مَعَهُ الِاحْتِرَاق " .
انتهى من "فتح الباري" (11/86).
وهذا الأمر بإطفاء النار والمصابيح الموقدة عند النوم محمول على الاستحباب عند جمهور الفقهاء .
جاء في الموسوعة الفقهية (3/323) " يُسْتَحَبُّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِطْفَاءُ الْمِصْبَاحِ عِنْدَ النَّوْمِ ، خَوْفًا مِنَ الْحَرِيقِ الْمُحْتَمَل بِالْغَفْلَةِ ، فَإِنْ وُجِدَتِ الْغَفْلَةُ حَصَل النَّهْيُ ، وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ لِلرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدُل عَلَى هَذَا " انتهى .
وسئل علماء اللجنة :
في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري : ( إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم ... ) ثم جاء فيه : ( وأطفئوا مصابيحكم ) فهل هذا الأمر للوجوب ؟
فأجابت اللجنة : " هذه الأوامر الواردة في الحديث محمولة على الندب والإرشاد عند أكثر العلماء ، كما نص عليه جماعة من أهل العلم ، منهم : ابن مفلح في "الفروع" (1 / 132) والحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (11 / 87) والله أعلم " انتهى .
 
فإذا كانت هناك حاجة لإيقاد شيء من النار في المنزل ، إما للإضاءة ، وإما للتدفئة : جاز ذلك ، مع التحرز من وصول النار إلى ما يسبب حريقا ، والاجتهاد في إطفائها عند نوم أهل البيت ، متى كان ذلك ممكنا ؛ توقيا لما يمكن أن تسببه من ضرر .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : إِذَا كَانَتْ الْعِلَّة فِي إِطْفَاء السِّرَاج الْحَذَر مِنْ جَرّ الْفُوَيْسِقَة الْفَتِيلَة ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ السِّرَاج إِذَا كَانَ عَلَى هَيْئَة لَا تَصِل إِلَيْهَا الْفَأْرَة : لَا يُمْنَع إِيقَاده , كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى مَنَارَة مِنْ نُحَاس أَمْلَس لَا يُمْكِن الْفَأْرَة الصُّعُود إِلَيْهِ , أَوْ يَكُون مَكَانه بَعِيدًا عَنْ مَوْضِع يُمْكِنهَا أَنْ تَثِب مِنْهُ إِلَى السِّرَاج .
إلى أن قَالَ : فَإِذَا اِسْتَوْثَقَ بِحَيْثُ يُؤْمَن مَعَهُ – يعني السراج - الْإِحْرَاق ، فَيَزُول الْحُكْم بِزَوَالِ عِلَّته " انتهى .
وقال ابن مفلح رحمه الله :
" وَالْمُرَادُ الْغَفْلَةُ عَنْهَا بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَالْمُرَادُ أَيْضًا إنْ خِيفَ مِنْ بَقَائِهَا ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي خَبَرِ أَبِي مُوسَى : إنَّ النَّارَ يُسْتَحَبُّ إطْفَاؤُهَا عِنْدَ النَّوْمِ ؛ لِأَنَّهَا عَدُوٌّ غَيْرُ مَزْمُومٍ بِزِمَامٍ لَا يُؤْمَنُ لَهَبُهَا فِي حَالَةِ نَوْمِ الْإِنْسَانِ ، قَالَ : فَأَمَّا إنْ جَعَلَ الْمِصْبَاحَ فِي شَيْءٍ مُعَلَّقٍ ، أَوْ عَلَى شَيْءٍ لَا يُمَكِّنُ الْفَوَاسِقَ وَالْهَوَامَّ التَّسَلُّقَ إلَيْهِ : فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا " انتهى من "الآداب الشرعية" (3 /406).
 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.