الإحرام ومحظوراته
الحظر: المنع والحجر، وحظر الشيء: أي منعه. ومحظورات الإحرام: هي ما يحرم على المحرم فعله بسبب الإحرام، وهذه المحظورات يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:
1. قسم يشترك فيه الرجال والنساء.
2. وقسم يختص بالرجال دون النساء.
3. وقسم يختص بالنساء دون الرجال.
أولاً: محظورات الإحرام المشتركة بين الرجال والنساء:
1.إزالة شعر الرأس بحلق أو نتف أو نحو ذلك؛ لأن الله عز وجل يقول: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة:196] قال الإمام القرطبي رحمه الله: "لا يجوز لأحد أن يحلق رأسه حتى ينحر هديه، وذلك أن سنة الذبح قبل الحلق"[1]، وقد ألحق العلماء بحلق الرأس حلق سائر شعر الجسم، وألحقوا به أيضاً تقليم الأظافر، وقصها.
2. صيد البر، والأكل منه، والدلالة عليه قوله تعالى: {لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} [المائدة:95] قال ابن كثير: "وهذا تحريم منه تعالى لقتل الصيد في حال الإحرام ونهي عن تعاطيه فيه"[2]، ولقوله: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة:96]، ولحديث الصعب بن جثامة الليثي أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً وهو بالأبواء أو بودَّان فردَّه عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: «إنا لم نرده عليك إلا أنا حُرُم» رواه البخاري (1825)، ومسلم (2902).
3. استعمال الطيب بعد الإحرام في الثوب أو البدن أو غيرهما؛ ودليل ذلك ما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: ما يلبس المحرم؟ قال: «لا يلبس المحرم القميص، ولا العمامة، ولا البرنس، ولا السراويل، ولا ثوباً مسَّه ورس، ولا زعفران، ولا الخفين إلا أن يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين» رواه البخاري (5806)، ومسلم (2849)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا رجل واقف مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته أو قال فأوقصته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تمسوه طيباً، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً» رواه البخاري (1267)، والحنوط أخلاط من الطيب تجعل على الميت.
4. الجماع، وهذا أشدها وأعظمها حرمة في حق المحرم قال ابن المنذر رحمه الله: "أجمع أهل العلم على أن الحج لا يفسد بإتيان شيء في حال الإحرام إلا الجماع"[3]، وقد ألحق العلماء بالجماع كل دواعي الجماع ومقدماته، ومن ذلك عقد النكاح لنفسه، أو لغيره، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يَنْكِحُ المُحرِم ولا يُنْكَح»، وكذلك المباشرة والتقبيل وما إلى ذلك، وكل ذلك سداً للذريعة، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها سُئِلَت عما يحل للمحرم من امرأته، فقالت: "يحرم عليه كل شيء إلا الكلام"[4].
ثانياً: محظورات الإحرام الخاصة بالرجال:
1. لبس المخيط، وهو أن يلبس الثياب ونحوها مما هو مفصل على هيئة البدن، أو العضو على صفة لباسها في العامة كالقميص، والفنيلة، والسروال، فلا يجوز للمحرم لباسها على الوجه المعتاد فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: ما يلبس المحرم؟ فقال: «لا يلبس القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف» رواه البخاري.
2. تغطية الرأس بملاصق كالطاقية ونحوها لما ثبت في الحديث المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن لبس العمائم والبرانس، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا رجل واقف مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته أو قال: فأوقصته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تمسوه طيباً، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً» رواه البخاري.
ثالثاً: محظورات الإحرام الخاصة بالنساء:
1. لبس البرقع والنقاب ونحوهما مما هو مفصل للوجه لما ثبت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: «لا تنتقب المحرمة، ولا تلبس القفازين» رواه البخاري (1741)، ويباح لها من المخيط ما سوى ذلك كالقميص والسراويل، والخفين والجوارب للرِجلين ونحو ذلك، ويباح لها سدل غطاء على وجهها من رأسها، ولا يضرها مماسته لوجهها؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه" سنن أبى داود (1835)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (2/107) برقم (2690).
2. لبس القفازين وهما شراب اليدين وشبههما مما هو مخيط أو مصنوع لليدين؛ لما أخرجه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين» رواه البخاري.
والواجب على المحرم اجتناب كل المحظورات التي ذكرت، ومن وقع في محظور فعليه أن يتوب إلى الله من ذلك، وتجب عليه الفدية، إلا الجماع فإن الحج يفسد به، ويجب عليه أن يتم نسكه، ثم يقضي نسكاً آخر من عام قابل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
[1] تفسير القرطبي (2/376).
[2] في تفسيره (2/134).
[3] المغني (3/322).
[4] بدائع الصنائع (2/425).
التعليقات