بناه العثمانيون في 1906.. مسجد بئر السبع… يشهد كل شيء إلا الصلاة

 المسجد الكبير في مدينة بئر السبع داخل أراضي 48 واحد من المساجد التاريخية الأنيقة، لكنه استخدم سجنا ومقرا للشرطة ومحكمة ومتحفا ولغايات أخرى عدا الصلاة، وهو ما زال موصدا أمام المسلمين.

و»المسجد الكبير» هو المسجد الأول في النقب، بني في 1906 مع بناء المدينة التي تعتبر عاصمة جنوب فلسطين، على يد العثمانيين، لتتوسط الطريق بين غزة والخليل. وقد أمّ المسجد سكان المدينة المسلمون وزائروها للصلاة حتى احتلال المدينة عام 1948. وأعاد العثمانيون بناء مدينة بئر السبع في 1900 قريبا من مصر وتعزيزا للأمن في صحراء النقب، كذلك أراد الأتراك أن تكون مدينة بئر السبع عاملاً مهمًا في توطين البدو وجمع الضرائب.
وما زال المسجد الأنيق ذو المئذنة الحجرية والقبة البيضاء موصدا ومهملاً وفوق مدخله ثبتت على لوحة رخامية طغراء عثمانية باتت متهالكة، ولم ينج منها سوى التاريخ وهو سنة 1324ﮬ الموافق سنة 1906 ميلادية. أما الطغراء فهي للسلطان عبد الحميد الثاني وهذا نصها» الغازي عبد الحميد خان بن عبد المجيد المظفر دائمًا».
من جهته يوضح المؤرخ عارف العارف في كتابه «تاريخ بئر السبع وقبائلها» أن حجارة المسجد جلبت على ظهور الجمال من مناطق بعيدة.
بعد نكبة 1948 حُوّل المسجد إلى معتقل ثم إلى مقر شرطة إسرائيلية ولاحقا لقاعة محكمة حتى سنة 1953 حيث حول إلى «متحف النقب» حتى سنة 1991، وبعدها أغلق وأخرجت منه معروضات المتحف. في عام 2002 تقدمت لجنة الدفاع عن حقوق البدو واللجنة الإسلامية في النقب بالتماس إلى المحكمة العليا في القدس ضد بلدية بئر السبع وسلطة التطوير ووزير الأديان ووزير العلوم والثقافة مطالبين بإعادة المسجد إلى عهدة المسلمين. ورغم ذلك قامت بلدية بئر السبع بترميم المسجد غير منتظرة لقرار المحكمة واستخدمته كما تشاء. في 22 يونيو/ حزيران 2011 أصدرت المحكمة العليا قرارًا برفض التماس، وجعل المسجد متحفًا للحضارة الإسلامية وشعوب الشرق، وفعلا تم افتتاحه كمتحف في 2012 ولكن ما عرض فيه لم تكن له أية صلة بالحضارة الإسلامية، وإنما جسد بمعروضاته الرواية التاريخية الصهيونية. وفي سبتمبر/ أيلول 2012 قامت البلدية بافتتاح معرض سنوي للخمور في ساحة المسجد، وقبل شهور تم تنظيم عروض رسم داخل المسجد.
وفي هذا الصدد يشار إلى أن عشرات الكنس اليهودية ما زالت بالحفظ والصون في تونس والمغرب ومصر ودول عربية أخرى. وخلال زيارة وفد من فلسطينيي الداخل لسوريا عام 1997 قام أعضاؤه بزيارة بعض كنس دمشق ومنها كنيس كان قيد البناء على أيدي عمال فلسطينيين من مخيم اليرموك. وما زالت مؤسسة « الأقصى» لحماية المقدسات ترفض تحويل المسجد لمتحف أو مركز ثقافي، وتعتبر أن القرار يحمل في طياته أنفاسا عنصرية فوقية لا تعترف بالآخر وتؤكد أن قداسته لا تزول في التقادم ولا في عاديات الزمان.
100 مسجد
ويوضح رئيس جمعية الأقصى الشيخ كامل ريان لـ «القدس العربي» أن مسجد بئر السبع سيبقى مسجدا شامخا يطاول بحقيقته القرآنية المقدسة عنان السماء، وسيظل بالنسبة لنا مسجدا مقدسا تقام فيه الصلوات، شأنه شأن مقدساتنا المغتصبة التي تلعن الظلم والظالمين. ولا يختلف مصير أشقاء مسجد بئر السبع من هذه الناحية، حيث أن هناك نحو 100 مسجد في أراضي 48 حولها الاحتلال منذ 1948 إلى خمارات وملاه ليلية واسطبلات وحظائر وكنس كما تشهد مآذن صفد وطبريا وعسقلان وعين الزيتون والعباسية ويافا وغيرها.
قنبلة في المسجد
وضمن حديث الذكريات يوضح الشيخ عودة الأشهب (93 عاما) وهو شيوعي من الخليل أصلا مقيم في حيفا منذ النكبة، أن الجيش الإسرائيلي اعتقله وسجنه داخل المسجد الكبير في بئر السبع مع بقية الأسرى فور سقوط المدينة عام 1949. ويقول لـ «القدس العربي» إن قوات من الهغاناه بقيادة ضابط يدعى يتسحاق سديه جاءت واعتقلت المئات من الشباب الفلسطينيين والجنود المصريين وقتها. ويستذكر اقتيادهم إلى المسجد الكبير في بئر السبع حيث بقوا فيه مدة أسبوعين. ويتابع «تعرضنا داخل المسجد للضرب يوميا بل قام أحد الجنود الصهاينة بإلقاء قنبلة نحونا انتقاما لشقيقه الذي قتل في المعارك كما زعم ونتيجة لذلك قتل عدد كبير منا وتلطخت أرضية المسجد بدمائنا».
تلويث وتدنيس
ويشير الى أن الجيش منعهم من مغادرة المسجد طيلة أسبوعين واضطرهم لقضاء حاجاتهم داخل «كرادل» أي دلاء كبيرة وضعت تحت المنبر فكانت تمتلىء بسرعة وتلوث المكان، فيما كان جنود الهغاناه يثبتون مدفعا رشاشا على باب المسجد موجها نحوهم.
وكان مركز «عدالة» الحقوقي قد طالب بإعادة فتح المسجد للصلاة عدة مرات، منوها لوجود كنيس واحد لكل 700 مواطن يهودي في المدينة التي تعد 200 ألف نسمة فيما يحرم خمسة آلاف مواطن عربي فيها مع عشرات الآلاف من سكان النقب الصلاة في المسجد داخل المدينة.
لا للأذان والطرابيش
نائب رئيس بلدية بئر السبع  إيلي بوكير، يهودي من أصل تونسي، جدد حملته العنصرية ضد المساعي العربية لإعادة افتتاح المسجد الكبير. وقال لصحيفة عبرية محلية أمس» جئت من تونس عندما كان عمري ستة أعوام ولا يزال ضجيج الأذان يقض مضاجعي وهنا توقعنا أن نتخلص من أصوات المؤذنين ومن الطرابيش». وسبق أن شارك بوكير برفقة متطرفين بسرقة أحذية المصلين الذين أدوا صلاة الجماعة قبالة المكان قبل سنوات، فيما أقدم في الجمعة التالية على نثر روث البقر في باحة المسجد لمنع المصلين من أداء الصلاة.
 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.