الحج مناسبة كبرى ، والأمم العقائدية تفرح أن يكون لها مثل هذا الموسم العظيم، الذي تحتشد فيه مثل هذه الملايين بدافع التعبد لله تعالى؛ فإنهم ما جاءوا إلى تجارة، ولا سياحة.. وإنما تكبدوا المشاق، وانفقوا الأموال ، وغيرها، حتى يصلوا إلى هذه الأماكن والبقاع، طلبًا لما عند الله - عز وجل -. فمثل هؤلاء هم - في الغالب- من صفوة المسلمين وخيارهم، ويُعتَبَرون نموذجًا لمن تركوا وراءهم من المؤمنين، فقد جاءوا بدافع التعبد لله تعالى. أليس من المناسب أن نحشد كل ما نستطيع لإيصال الخير إليهم؟ وأن نوصل إليهم من البر، والإحسان، والخير، والمعروف الديني والدنيوي؛ ما عجزنا على إيصاله إليهم في بلادهم؟
مثلاً: نشر الدروس، والمحاضرات، والندوات، خاصة من خلال الحملات ، أو في المخيمات التي تقوم عليها حملات التطويف، وإشاعة مثل هذه الأمور، ومخاطبة المسلمين - من خلالها- بالكلام الطيب المفيد، الذي يبدأ بحمد الله تعالى على مجيئهم هنا، وتيسير هذا الأمر إليهم، والثناء على ما فيهم من الخير، ثم دعوتهم إلى تحقيق هذا الإسلام بالأسلوب الحكيم اللائق المناسب.
مثال ثانٍ: توزيع الكتب المفيدة مما يتعلق بالحج وأحكامه، أو يتعلق بتصحيح عقائد المسلمين وأعمالهم، أو يتعلق بتوعية المسلمين بأوضاعهم، وما يلاقيه إخوانهم في كل مكان، أو يتعلق بغير ذلك من الأمور، ويكون ذلك باللغات المختلفة التي تخاطب المسلمين جميعًا.
وأنت لو أردت أن تتواصل مع هذا الكم الهائل من المسلمين، لوجدت هذا أمرًا صعبًا عسيرًا. فها هم قد جاءوك هنا، وأمكن أن توصل إليهم هذه القضية المهمة بكل سهولة ويسر.
ومن وسائل الدعوة: النصيحة الفردية لكل مسلم، في أية مناسبة التقيت به؛ في سيارة، أو في مكان عند البيت، في منى .. في مزدلفة .. في عرفة .. وفي أية مناسبة .
ومن وسائل الدعوة في الحج أيضًا: زيارة المسلمين في بلادهم للتوعية بالحج وغيره، فلو أن المسلمين كانوا أكثر نضجًا ووعيًا وقدرةً مما هم عليه الآن، لكانوا يسيرون حملات علمية إلى سائر بلاد الإسلام قبل الحج بزمن، تقوم بتوعية الناس بالحج وآدابه وأحكامه.
ومن وسائل الدعوة: تلاقي الدعاة إلى الله تعالى في موسم الحج، وتدارس أمورهم، وسبل حل المشكلات التي يواجهونها، وكذلك التقاء العلماء الذين لا يتسنى لهم اللقاء بهم - أحيانًا- إلا في مثل تلك المواسم لبحث المسائل العلمية، والعملية، والدعوية، والواقعية، وغيرها، مما يحتاجون إليه.
المصدر : كتاب رسائل إلى الحجيج
|
التعليقات