مسائل في صيام عاشوراء

 المسألة الأولى: حكم إفراد عاشوراء بالصوم:

يجوز إفراده بالصوم، والأفضل أن يصوم يومًا قبله أو يومًا بعده، لما جاء في سنن الترمذي بسند صحيح أن ابن عباس رضي الله عنه قال: «صوموا التاسع والعاشر، خالفوا اليهود».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: «ولما كان آخر عمره صلى الله عليه وسلم بلغه أن اليهود يتخذونه عيدًا، قال: «لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع» ليخالف اليهود، ولا يشابههم في اتخاذه عيدًا، وكان من الصحابة والعلماء من لا يصومه ولا يستحب صومه بل يكره إفراده بالصوم، كما نقل ذلك عن طائفة من الكوفيين، ومن العلماء من يستحب صومه، والصحيح أنه يستحب لمن صامه أن يصوم معه التاسع؛ لأن هذا آخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: «لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر» كما جاء ذلك مفسرًا في بعض طرق الحديث، فهذا الذي سنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم » ا.هـ
وقال أيضًا: «وصيام يوم عاشوراء كفارة سنةٍ، ولا يكره إفراده بالصوم، ومقتضى كلام أحمد أنه يكره وهو قول ابن عباس وأبي حنيفة، ووجب صومه ونسخ وهو قول ابن عباس رضي الله عنه ورواية عن أحمد».
قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
"يجوز صيام عاشوراء يومًا واحدًا فقط، لكن الأفضل صيام يوم قبله أو يوم بعده، وهي السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع»، قال ابن عباس رضي الله عنه: «يعني مع العاشر».ا.هـ.
المسألة الثانية: حكم من لم يُبيِّت النية من أجل صيام عاشوراء:
النية لا بد منها وهي شرط في الأعمال العبادية سواء كانت فرضًا أم نفلًا، كصيام رمضان مثلًا، لا بد أن تكون نية الصيام فيه مبيتة سواءً من أول ليلة للشهر كاملًا، أو كل ليلة بنية على خلاف بين أهل العلم في ذلك، فإذا نوى الصيام الواجب في النهار فلا يصح صومه وعليه قضاؤه.
أما صيام النفل سواءً كان يوم عرفة أو عاشوراء أو يومي الإثنين والخميس أو الأيام البيض الثلاثة أو غيرها، فلا بد فيه من النية، فإن صام تطوعًا وأنشأ النية من النهار وقبل زوال الشمس جاز ذلك كما هو مذهب جمهور العلماء حكاه النووي في شرح مسلم، دليل ذلك ما روته أم المؤمنين عائشة ل قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: «يا عائشة هل عندكم شيء؟»، قالت: فقلت: يا رسول الله! ما عندنا شيء، قال: «فإني صائم» ـ وفي رواية: «فإني إذًا صائم» ـ قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُهديت لنا هدية ـ أو جاءنا زَوْرٌ ـ قالت: فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله! أُهديت لنا هديةٌ ـ أو جاءنا زَوْرٌ ـ وقد خبأتُ لك شيئًا، قال: «ما هو؟»، قلت: حَيْسٌ، قال: «هاتيه»، فجئتُ به فأكل، ثم قال: «قد كنتُ أصبحتُ صائمًا» قال طلحة ـ أحد الرواة ـ فحدثت مُجاهدًا بهذا الحديث فقال: ذاك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله، فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها.
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في تعليقه على لفظ «إذًا» في الحديث السابق: «إذًا» ظرف للزمان الحاضر فأنشأ النية من النهار، فدل ذلك على جواز إنشاء النية في النفل في أثناء النهار.
المسألة الثالثة: هل يجوز أن يصام يوم أو يومان تطوعًا وعليه قضاء من شهر رمضان؟ وهل إذا صام يوم عاشوراء بنية القضاء من شهر رمضان جاز ذلك؟
أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على هذا السؤال بما يلي:
أولًا: لا يصوم تطوعًا وعليه قضاء صيام يوم من رمضان، بل يبدأ بقضاء صيام ما عليه من رمضان ثم يصوم تطوعًا.
ثانيًا: إذا صام اليوم العاشر والحادي عشر من شهر محرم بنية قضاء ما عليه من الأيام التي أفطرها من شهر رمضان جاز ذلك، وكان قضاء عن يومين مما عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» ا.هـ
 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.