نبرة الصوت والحركة

 إن من الأمور التي تساعد على قوة لغة الخطيب، ووضوح موضوعه، وجلاء عرضه لفكرته – نبرة صوته وحركة يده؛ فعلى الخطيب أن يراعي لذلك الأمور التالية بالنسبة للصوت:

1/وضوح الصوت، وعلوه في اعتدال؛ عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم – إذا خطب احمرَّتْ عيناه، وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش، يقول: "صبَّحكُمْ ومسَّاكم"، ويقول: "بعثت أنا والساعة كهاتين…" الحديث.
فعلى الخطيب مراعاة الاعتدال في علو صوته، ومراعاة حاجة المكان والجمع مع عدم الإسراع في إلقائه.
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يخطب: "أنذركم النار، أنذركم النار… " الحديث، وفي رواية: "سمع أهل السوق صوته".
2/تغيير نبرة الصوت من وقت لآخر فإنَّ في هذا تنشيطًا لنفسه ولسامعيه، وإعطاء للجمل حقها من الاهتمام، ولا شك أن إلقاء الخطبة على نبرة واحدة طوال الوقت يحمل المستمعين على الملل والكسل، فعلى الخطيب أن ينوع من نبرة صوته حسب المعاني والجمل ونوعها.
3/أن يتهيأ قبل الخطبة فيبعد عما يؤثر على صوته، فلا يأكل طعامًا أو يشرب شرابًا يُذهب بقوة صوته، أو يجعله يُحَشرِج إذا تكلم.
4/الإقلال من التنحنُحِ في أثناء الخطبة، أو بَلْعِ الريق، أو انقطاع النفس؛ فإنها تشغل المتكلم والسامع معا.
5/حسن الوقوف في موطن الوقوف والبدء في موقع البدء، ولا يحسن بالخطيب أن يتوقف في وسط الجملة التي لم تتم، أو يجعل جزءًا منها في صفحة، والجزء الآخر في الصفحة الأخرى، فحسن الوقوف والابتداء يدل على فصاحة الخطيب وفهمه لما يلقي.
6/تجنب عيوب اللسان ما استطاع كالفأفأة، واللثغة، والصفير، والتعتعة، ونحو ذلك مما يوجه الأسماع إلى متابعة هذه العيوب ويصرفها عن تَدَبُّر المعاني والأفكار، فإذا لمس من نفسه شيئًا من ذلك فليتجنب الألفاظ، والكلمات التي توقعه فيه.
7/ثبات الصوت بحيث لا يبدو للأسماع مُرتَجًّا مُتَلَجلِجًا شأن الخائف أو القَلِق والمضطرب، أو يبدو عليه الارتباك والخجل.
8/التسليم على المُصلين إذا صعد المنبر، وهذا مروي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث كان إذا صعد على المنبر استقبل الناس بوجهه ثم سلم.
أما بالنسبة لحركة الخطيب على المنبر، فيراعى فيها الأمور التالية:
1/أن يكون وقوف الخطيب ثابتًا، يظهر عليه الرزانة والمهابة، والوقار، والشعور بالثقة، والجد، فلا يحسن أن يبدو بمظهر الهازل على المنبر، ويكون رابط الجأش وقور الحركة.
2/ألا يكثر من الالتفات أو حركة اليد، أو الرأس، أو الجسم.
3/تناسب حركة اليد، والإشارة مع الألفاظ والكلمات، قال الحجَّاج لأعرابيٍّ: أخطيبٌ أنا؟ قال: نعم، لولا أنك تُكثِرُ الرد، وتشير باليد، أي: تكثر من ذلك.
قال الجاحظ: " وحسن الإشارة باليد والرأس من تمام حسن البيان باللسان".
وأما القول بأن الخطيب يقف ساكنًا لا يحرك يديه، ولا منكبيه، ولا يقلب عينيه، ولا يحرك رأسه، فهذا غير سديد، وإنما يناسب بين الحركة والنطق، والإشارة والعبارة، ويراعى أن لا يشعر المتحدث أنه ملزم بالجمود في بقعة محددة، أو أن أعضاء جسمه ممنوعة من الحركة، فالمهم أن لا ننفر من استخدام الإيماءات ونوظّفها بنجاح.
4/إذا كان الخطيب يقرأ الخطبة فينبغي أن يحسن الانتقال ببصره بين الورقة والمستمعين، فلا يطيل النظر في الورقة بحيث لا يرفع بصره منها، ولا يطيل الابتعاد عنها، بحيث يصعب عليه وصل الكلام بعضه ببعض، أو يذهل نظره عن الموضع الذي انتهى إليه، فيرتبك أو يطيل السكوت.
5/تجنب اشتغال يده في طرف عباءته، أو (غترته)، أو العبث في لحيته، أو في تقليب الأوراق التي أمامه، أو في ضرب السماعة، أو تحريكها، أو في غير ذلك من الحركات التي تشغل المصلين، ولا تليق بهذا المقام.
6/أن يخطب واقفًا متوكئًا على عصا أو قوس، فإن ذلك من السنة، ولعل الحكمة من ذلك إضفاء المهابة على الخطيب، والتقليل من حركة يده.
عن الحكم بن حَزْنٍ – رضي الله عنه – قال: "شهدنا الجمعة مع النبي – صلى الله عليه وسلم – فقام متوكئًا على عصا أو قوس".

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.