ما حكم إمامة المرأة للرجال في الصلاة؟

لا تجوز إمامة المرأة للرجل، لا في الفرض ولا في النفل ، وهذا هو مذهب جماهير العلماء من السلف والخلف ، ومن صلى وراء امرأة وجب عليه أن يعيد تلك الصلاة التي صلاها خلفها ، لأن المرأة ليست بأهل أن تكون قائدة للرجال ، للآيات المانعة من ذلك ، والآمرة المرأة أن تتخذ من بيتها مقراً لها ولأطفالها ، لتربيتهم ، والعناية بشؤون منزلها وزوجها ، قال تعالى : " وقرن في بيوتكن " ، وقال تعالى : " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " [ أخرجه البخاري ] ، فدلت هذه النصوص وغيرها على أن المرأة مأمورة بالستر والحجاب ، والقرار في البيوت ، وعدم الخروج منها إلا لحاجة ماسة لا يمكن أن يقوم بها غيرها ، كشراء ملابسها الخاصة مثلاً ، أما ما عدا ذلك ، فلا تخرج من بيتها ، بل بيتها سترها ، كما أن المرأة ضعيفة لا تستطيع القيام بأعباء الرجال ، والمرأة عورة وممنوعة من مخالطة الرجال ، ولو اجتمع الرجال والنساء في مكان واحد ، فانظر مدى الخراب والفساد الذي يحدث ، كما أن القوامة للرجل لا للمرأة ، ولهذا من حكمة الشارع الكريم ، أن جعل خير صفوف النساء أخرها لبعدها عن صفوف الرجال ، وكما أن صوت المرأة عورة ، فربما طمع فيها من في قلبه مرض ، بل من حكمة المولى جل وعلا أن أمر المرأة أن تصلي في بيتها لا في المساجد ، وإن طلبت أن تصلي في المسجد فلا بأس إذا أمنت من الفتنة ، أن تَفتِنَ أو تُفتَن ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا صلاة العشاء " ، ومن المعلوم أن بعض نساء الصحابة كن يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده صلاتي العشاء والفجر ، حتى لا يراهن أحد ، وكن ينصرفن قبل أن يقوم الرجال من أماكنهم ، خشية الفتنة والاختلاط ، قالت عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح ، فتنصرف نساء المؤمنات ، متلفعات بمروطهن ، لا يُعرفن ، أو لا يعرفن بعضهن بعضا من الغلس " [ أخرجه البخاري ] .

والإمامة في الصلاة من العبادات ، والعبادات مبنية على التوقيف ، والسنة العملية تدل على إمامة الرجل للرجال ، وليس هناك دليلاً واحداً يدل على أن المرأة تؤم الرجال ، فعُلم أن المرأة لا تصلح لإمامة الرجال كباراً كانوا أم صغاراً .
فإذا كان هذا هو مقصود الشرع ، فلا يجوز للمرأة أن تتولى زمام أمور الرجال ، بل من تعدت واعتدت ، وطلبت ذلك وجب تعزيرها بأشد العقوبات ، لأنها تريد أن تسُن سنة سيئة ، وتفتح على المسلمين باباً لم يعرفوه ولم يألفوه قبل ذلك ، فلابد من تعزيز من أرادت ذلك أو سعت إليه ، ولو كان التعزيز بقتلها ، فإني أرى ذلك والعلم عند الله تعالى ، حتى تكون عبرة للمعتبرات .
قال سماحة العلامة ابن باز رحمه الله تعالى : " لا يجوز أن تؤم المرأة الرجل ، ولا تصح صلاة الرجل خلفها ، لأدلة كثيرة ، وعليه أن يعيد الصلاة إن صلى خلفها " [ مجموع فتاوى ومقالات 12/131 ، المجموع 4/151 ، المغني 3/32 ، مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 15/147 ، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 2/534 ، معرفة السنن والآثار 4/230 ] .
روي عن أم ورقة بنت عبد الله بن نوفل الأنصارية ، أنها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم ، أن تتخذ في دارها مؤذناً ، فأذن لها ، وأمرها أن تؤم أهل دارها ، قال عبد الرحمن بن خلاد الراوي عنها : أنا رأيت مؤذنها شيخاً كبيراً " [ أخرجه أبو داود وحسنه الألباني 1/177 ، وضعفه جمع من أهل العلم ، فالحديث ضعيف لا تقوم به حجة ] ، وقد جاء عند ابن ماجة مرفوعاً : " لا تؤمن امرأةٌ رجلاً " [ وهو ضعيف أيضاً ] .
وعلى فرض حجية حديث أم ورقة ، فهو مما أشكل ، عندما أذن لها النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ لها مؤذناً ، وكان مؤذنها شيخاً كبيراً ، فدل الحديث على أنها كانت تؤم الرجال وليس النساء فقط .
والجواب على ذلك :
أنه جاء في رواية الدار قطني : " أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها " ، وهذه الزيادة يجب قبولها ، فهي تبين ما سبق من الحديث [ المغني 3/32 ] .
ويبقى إشكال اتخاذها مؤذناً ، وكان مؤذنها شيخاً كبيراً ، فلربما كان يؤذن لها ثم يخرج للصلاة مع الناس .
وربما كان يؤذن لها ، ثم يصلي لوحده لكبر سنه ، فإنه يُعذر عن حضور صلاة الجماعة في المسجد مع الرجال ، إذا كان كبر سِنِّهِ لا يسمح له بحضور الجماعة في المساجد .
قال ابن قدامه رحمه الله : " ولو قُدِّر ثبوت ذلك لأم ورقة ، لكان خاصاً لها ، بدليل أنه لا يُشرع لغيرها من النساء أذان ولا إقامة ، فتختص بالإمامة ، لاختصاصها بالأذان والإقامة [ المغني 3/34 ] .
ومن شروط الإمامة ما يلي :
1- الإسلام .
2- البلوغ .
3- العقل ، ولا شك أن رجحان عقل الرجل أكمل من المرأة ، لما جاء في الحديث : " ناقصات عقل ودين " .
4- الذكورة : وهذا الشرط هو المقصود من ذكر الشروط ، فقد اتفق الفقهاء على أنه يشترط لإمامة الرجال ، أن يكون الإمام ذكراً ، فلا تصح إمامة المرأة للرجال ، لما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أخروهن من حيث أخرهن الله " [ أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ، وصححه ابن حجر في الفتح ] ، ولا شك أن الأمر بتأخيرهن نهي عن الصلاة خلفهن ، ولأن في إمامتها افتتاناً بها .
5- القدرة على القراءة ، والمرأة ممنوعة من رفع صوتها بالقراءة بحضرة الرجال الأجانب ، يعني غير المحارم ، وطبيعة المرأة الحياء ، فهي تستحيي غالباً من رفع صوتها أمام محارمها ، فكيف ستصلي بالناس ، إلا من تجردت من الحياء ، والحياء شعبة من الإيمان .
6- السلامة من الأعذار : والمرأة لا تخلو من الحيض والنفاس والاستحاضة ، فكل تلك موانع من إمامتها لمن هو أكمل منها وأفضل ، وهم الرجال ، قال تعالى : " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض " ، وقال تعالى : " للذكر مثل حظ الأنثيين " ، فهذه الأدلة وغيرها تدل على فضل الرجل على المرأة ، فلا يتقدم الفاضل على المفضول ، وقال صلى الله عليه وسلم : " ناقصات عقل ودين " ، فكيف يُقدم ناقص العقل والدين على من هو أرجح منه في العقل والدين وهم الرجال .
7- القدرة على توفية أركان الصلاة ، ولا أراه شرطاً لازماً ، لأن المرأة يمكن أن تتم أركان الصلاة ، وهذا واجب على المصلي ذكراً كان أم أنثى .
8- السلامة من فقد شرط من شروط الصلاة .
9- النية [ الموسوعة الفقهية 6/204 ] .
والمرأة ممنوعة من الصلاة بالرجال ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن المرأة تقطع صلاة الرجل إذا مرت بين يديه ، كما بين صلى الله عليه وسلم أن موقف المرأة خلف الرجال ، وكيف يُقتدى بإمام خلف المأمومين ، لهذا محض الخطأ ، ومجانبة الصواب ، ومخالفة العقل السليم [ المحلى لابن حزم 4/141 ] .
وعلى ذلك ، فإن كل من صلوا من الرجال خلف المرأة التي صلت بهم الجمعة في الولايات المتحدة الأمريكية المحاربة الأولى للإسلام وأهله ، فصلاتهم باطلة ، ويجب عليهم إعادتها ، ولقد أنكر علماء الإسلام قاطبة تلك الفعلة الشنعاء ، والجريمة النكراء ، مبينين خطأ من ارتكبها ومن دعا إليها .
أما صلاتها هي ـ الإمامة ـ فصحيحة لنفسها ، وكذلك تصح صلاة النساء اللاتي صلين وراءها .
وأجمع المسلمون على أن صلاة المرأة في بيتها خير لها من الصلاة في المسجد ، ابتعاداً عن الفتنة ، وتغليباً لجانب السلامة ، وحسماً لمادة الشر ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " وبيوتهن خير لهن " .
قالت عائشة رضي الله عنها : " لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما مُنعت نساء بني إسرائيل " [ متفق عليه ] .
والأصل منع المرأة من حضور محافل الرجال ، سواءً في الأسواق أو المساجد أو غيرها ، لكن إذا طلبت المرأة أن تحضر الصلاة والعلم الشرعي متحجبة متعففة غير متزينة ولا متعطرة فلا بأس للزوج أو الولي أن يأذن لها لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وليخرجن تفلات " [ أخرجه أبو داود وأحمد ] ، ومعنى تفلات : غير متطيبات ، ويحلق بذلك ما كان في معنى الطيب كحسن اللباس ، وإظهار الحلي ، فإن فعلت ذلك وجب منعها من حضور المساجد لقوله صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة أصابت بخوراً ، فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة " [ أخرجه مسلم ] .
ولتعلم كل امرأة أن حق زوجها في بيتها واجب ، وحضورها للصلاة في المسجد من باب المباح ، وليس من باب المستحب ، بل من باب المباح ، فلا يُقدم المباح على الواجب أبداً .
فكل ذلك يدل على أن المرأة ممنوعة من الصلاة في المسجد ، فكيف تقوم بإمامة الرجال ، بل من العلماء من منعها أن تؤم النساء أصلاً ، وهذا واضح في كتب أهل العلم ، فالمالكية يرون عدم جواز إمامة المرأة مطلقاً ولو لمثلها ـ من النساء ـ في فرض أو نفل ، وكذلك الحنفية [ الموسوعة الفقهية 6/204 ، المخلص الفقهي 1/210 ، معرفة السنن والآثار 4/230 ، الإفصاح 2/42 ] .
ولم يؤثر منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحتى يومنا هذا أن المرأة أمَّت الرجال لا في صلاة الفريضة ولا في النافلة ، ولم ينقل ذلك أحد ، فدل على أن إمامة المرأة للرجال خلاف الحكمة الإلهية ، والفطرة البشرية السليمة .
وهنا أشير إلى كلام العلماء رحمهم الله تعالى في أن قراءة المرأة للقرآن الكريم بصوت مرتفع وبجانبها رجال أجانب فيه فتنة ، والفتنة لا تجوز ، كما أن صوت المرأة عورة كما قرره بعض العلماء ، ولا سيما إذا تكسرت به ، ولا شك أن من يسمع صوت المرأة بالقراءة لربما فُتن بها ، ولهذا لابد من سد باب الشر حسماً لمادة الحرام .

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.