"المسجد العظيم" يضم أسرار مملكة الصين القديمة.. من الخليفة عثمان إلى الحاج "شينغ" تعرّف على قصصه المثيرة

  وصل الإسلام إلى الصين في السنة الحادية والعشرين بعد الهجرة، بعد أن أرسل الخليفة عثمان بن عفان أحد مبعوثيه إلى الصين من أجل نشر الإسلام بين أفراد هذا البلد.

وكانت المناطق الشرقية من الصين من أوائل المناطق الصينية التي بدأ الإسلام بالانتشار والتوسع فيها، ثم أرسل الخلفاء اللاحقون العديد من البعثات الناشرة للإسلام إلى الصين؛ حتى وصل عددها إلى 28 بعثة، والتي كانت موزعة على قرن ونصف من الزمن ما بين عام 31 بعد الهجرة حتى عام 184 بعد الهجرة.

كما ساعدت البعثات الدبلوماسية وأساطيل التجارة المتوجهة من المناطق الإسلامية إلى الصين، في نشر الاسلام على طول المناطق الساحلية للصين، وبعدها بدأ الدين الإسلامي في الانتشار والتوغل نحو الداخل؛ حتى وصل إلى جميع مناطق الصين.

 والآن يبلغ عدد المسلمين 120 مليوناً منتشرين في مختلف المدن الصينية، وتمكنوا من المحافظة على العادات والتقاليد الإسلامية والتمسك بشرائع الدين الإسلامي؛ الأمر الذي ساعدهم في تولي مناصب عالية ومهمة في عهد الدولة المغولية، بالإضافة إلى الظهور والانتشار السريع للفن الإسلامي في الصين، وحرص المسلمين على تثبيت أنفسهم في مختلف مناطق الصين من خلال مصاهرة الأسر المسلمة في الصين من الصينيين والعرب وغيرهم من الأجانب.

وضِمن التراث العظيم للمسلمين في الصين، المسجد العظيم أو "مسجد شيان" الذي يقع وسط الصين في إحدى أقدم القرى؛ حيث شُيّد عام 742م.

 

اعتمد تصميم المسجد على التراث الإسلامي والصيني؛ وذلك في عهد إمبراطورية تانغ، وقتها كان التجار العرب المسلمين يأتون إلى الصين عن طريق بلاد فارس.

 

من أهم ما يميز شيان الكبير، أنه المسجد الوحيد الذي ستجد فيه آيات من القرآن الكريم مكتوبة على جدرانه؛ وهذا ما يميزه عن مساجد العالم؛ حيث يُكتب القرآن الكريم على جدرانه باللغة العربية والصينية؛ فهو مسجد جمع بين التراث الإسلامي والصيني، وأصبح مزاراً سياحياً بخلاف كونه مسجداً للمسلمين، عندما تجلس بداخله يحاط بك القرآن الكريم من كل اتجاه، يتضمن هذا المسجد تاريخاً قديماً وأسراراً لمملكة الصين القديمة.

 

والبداية عام 742م؛ أي بعد ظهور الإسلام بمائة عام تقريباً؛ تم بناء هذا المسجد الذي يعتبر أقدم المساجد في جمهورية الصين، وكان ذلك أثناء حكم سلالة تانغ، الذي بدأ حكمها في العام 618م، واستمر حتى العام 907م وعندما كان التجار العرب والمسلمون يأتون إلى الصين بقصد التجارة عن طريق بلاد فارس وأفغانستان؛ تم بناؤه كهدية من الإمبراطور الصيني للمسلمين، ويقع المسجد داخل أسوار مدينة شيان القديمة، والتي كانت عاصمة الصين في ذلك الوقت، وتبلغ مساحته الحالية 15 ألف متر مربع؛ فيما تبلغ مساحته المعمارية ستة آلاف متر مربع، وهو من الأشياء النادرة في الصين؛ حيث إن جدرانه المدون عليها القرآن الكريم من الحشب العطري، وقطعة صغيرة منه تعمل عطراً ثميناً جداً.

 

وفي عام 1392م تم إعادة بناء هذا المسجد على يد الأدميرال الحاج شينغ، المنحدر من عائلة مسلمة ساهمت في تنظيف بحر الصين من القراصنة في القرن الرابع عشر الميلادي، ويقال إن الإمبراطور تشو دى أمر البحار الصيني العظيم تشينغ الذي كان يقود فريقاً بحرياً ضخماً يتجاوزعدده عشرين ألف بحار؛ أمرهم بزيارة البلدان التي تقع على سواحل المحيط الهندي؛ غير أن تشينغ افتقر إلى مترجم يستوعب اللغة العربية؛ لذا سافر من العاصمة نانجينج إلى المسجد الكبير في مدينة شيآن بقطع ألف كيلومتر لكي يجد مترجماً مميزاً في اللغة العربية؛ فقرر تشينغ أن يعيّن إمام المسجد هاسان مترجماً عاماً للفريق المبعوث، ولم يؤدِّ "هاسان" مهمته بشكل رائع فحسب؛ بل دبّر لتشينغ خطة ساعدته في حل كثير من المشكلات، وبعد عودتهم للصين طلب تشينغ من الإمبراطور تشو دي، أن يكافأ "هاسان" لمساهمته الكبيرة؛ لكن "هاسان" رفض مكافأة لنفسه، وطلب من الإمبراطور أن يخصص مبلغاً لإعادة بناء وترميم المسجد الكبير؛ فوافق الإمبراطور طلبه، وأمر تشينغ بتنفيذ هذا المشروع.

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.