حكم بناء المراحيض في قبلة المسجد ، وحكم الصلاة في هذا المسجد

السؤال:
يوجد مسجد صغير في الميناء ويوجد في قبلته المراحيض ، ويفصل بينها وبين المسجد حائط ، فهل يجوز أن تكون المراحيض في قبلة المسجد ؟ 

الجواب :
الحمد لله 
أولاً : 
ورد عن كثير من السلف النهي عن الصلاة إلى الحمامات وأماكن قضاء الحاجة ، وهي ما تسمى قديما بـ " الحُش".
فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو َقَالَ : " لاَ تُصَلِّ إلَى الْحُشِّ ، وَلاَ إلَى حَمَّام ، وَلاَ إلَى مَقْبَرَة ". 
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف" (2/379) .
وروى عبد الرزاق في " المصنف" (1/405) عن ابن عباس قال : " لا تصلينَّ إلى حُشٍّ ، ولا حمَّام ، ولا في المقبرة ". انتهى .
وعَنْ إبْرَاهِيمَ النخعي ( من التابعين ) قَالَ : " كَانُوا يَكْرَهُونَ ثَلاَثَ أَبْيَاتٍ لِلْقِبْلَةِ : الْحُشَّ ، وَالْمَقْبَرَةَ ، وَالْحَمَّامَ " رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/380) .
أي كانوا يكرهون أن تكون هذه الثلاث في قبلة المصلي ، ولفظه في "مصنف عبد الرزاق" (1/405) : " كانوا يكرهون أن يتخذوا ثلاثة أبياتٍ قبلةً : القبر ، والحمام ، والحُش ". انتهى .
وَقَدْ سُئِلَ الإمام أحمد عَنْ الصَّلَاةِ إلَى الْمَقْبَرَةِ وَالْحَمَّامِ وَالْحُشِّ ؟
قَالَ : " لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْقِبْلَةِ : قَبْرٌ ، وَلَا حُشٌّ ، وَلَا حَمَّامٌ ". 
انتهى من" المغني" لابن قدامة (2/473).
قال شيخ الإسلام : ووجه الكراهة في الجميع : ما تقدم عن الصحابة والتابعين من غير خلاف علمناه بينهم ، ولأن القبور قد اتخذت أوثانا وعُبدت ، والصلاة إليها يشبه الصلاة إلى الأوثان ، وذلك حرام وإن لم يقصده المرء ، ولهذا لو سجد إلى صنم بين يديه لم يجز ذلك .
والحُشُّ والحمَّام موضع الشياطين ومستقرهم ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدنو إلى السترة خشية أن يقطع الشيطان على المصلي صلاته ... فالصلاة إلى مستقره ومكانه مَظِنَّةُ مروره بين يدي المصلي ؛ ولأن الصلاة إلى الشيء استقبال له ، وتوجه إليه ، وجَعْلٌ له قِبْلَةً ، فان ما يستقبله المصلي قبلةٌ ... ولهذا أمرنا أن نستقبل في صلاتنا أشرف البقاع ، وأحبها إلى الله وهو بيته العتيق .
فينبغي للمصلي أن يتجنب استقبال الأمكنة الخبيثة والمواضع الردية ، ألا ترى أنا نهينا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول ، فكيف إذا كان البول والغائط والشياطين ومواضع ذلك في القبلة وقت الصلاة " انتهى من " شرح العمدة" (2/481).

ثانياً : الحمامات التي في قبلة المسجد لا تخلو من حالين :

الأول : أن لا يكون ثمَّة جدار فاصل بينها وبين المسجد ، أو بينهما جدار مشترك ، أي أن جدار المسجد وجدار الحمامات واحد .
ففي هذه الحالة تكره الصلاة في هذا المسجد ، والأفضل أن تهدم الحمامات ، وتُبعد عن جدار المسجد .
قال شيخ الإسلام : ولا فرق عند عامة أصحابنا بين أن يكون الحش في ظاهر جدار المسجد ، أو في باطنه .
واختار ابن عقيل أنه إذا كان بين المصلي وبين الحش ونحوه حائل مثل جدار المسجد لم يكره.
والأول هو المأثور عن السلف ، وهو المنصوص ، حتى قال الإمام أحمد في رواية أبي طالب : في رجل حفر كنيفاً إلى قبلة المسجد : يهدم .
وقال في رواية المروذي في كنيف خلف قبلة المسجد : لا يصلى إليه" . 
انتهى من " شرح العمدة" (4/482).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم : " أَمرُ هذه المغاسل لا يخلو من أَمرين:
إِما أن تكون مفصولة عن المسجد بجدار مستقل بها ، منفصل عن جداره القبلي ، وهذا لا محظور فيه ، ولا بأْس بالصلاة ، ولو كانت المغاسل في قبلة المسجد ، ما دامت مفصولة عنه بجدار غير جداره .
وإِما أَن تكون متصلة به ليس بينها وبينه إِلا حائطه القبلي ، فهذا مما ذكر العلماء كراهة الصلاة إِليه ، إِذ قد جاء النهي عن الصلاة إِلى مواضع ومنها المراحيض ، ما لم يكن حائل ولو كمؤخرة رحل ، ولا يكفي حائط المسجد ، لكراهة السلف رحمهم الله الصلاة في مسجد في قبلته حُش .
وعلى هذا فينبغي فصل هذه المغاسل عن جدار المسجد بحائط مستقل بها ، منفصل عن حائط المسجد المذكور " انتهى من " فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ" (2/139) .
الثاني : أن يكون لكل منهما جدار مستقل ، فللمسجد جداره الخاص ، وللحمامات والمراحيض جدارها المستقل ، فلا كراهة حينئذ.
قال شيخ الإسلام : " لا تزول الكراهة حتى يُفصل بين الحش وبين قبلة المسجد ، .. ومتى كان بين الحش وبين حائط المسجد حائط آخر جازت الصلاة إليه ". 
انتهى من" شرح العمدة" (4/483).
قال ابن رجب : " ونقل حرب عن إسحاق ، أنه كره الصلاة في مسجد في قبلته كنيف ، إلا أن يكون للكنيف حائط من قصب أو خشب غير حائط المسجد ... وإن كان الكنيف عن يمين القبلة أو يسارها ، فلا بأس ". انتهى من " فتح الباري " (2/230).
وعلى هذا فالأولى أن يوضع لهذه المراحيض جدار يفصلها عن جدار المسجد ، فإن لم يمكن ذلك ولم يحصل أذى من هذه المراحيض على المسجد والمصلين ، فلا كراهة للصلاة فيها ؛ لأن الكراهة تزول مع الحاجة .
والله أعلم .

________________________

موقع الإسلام سؤال وجواب

 

 

 

التعليقات


`

اتصل بنا

الفرع الرئيسي

السعودية - الرياض

info@daleelalmasjed.com

رؤيتنا : إمام مسجد فاعل ومؤثر

رسالتنا: نقدم برامج تربوية تعيد للمسجد دوره الحقيقي وتسهم في رفع أداء أئمة المساجد حول العالم وتطويرهم ليقوموا بدورهم الريادي في تعليم الناس ودعوتهم على منهج أهل السنة والجماعة وفق خطة منهجية وأساليب مبتكرة.